القمص أثناسيوس جورج
يستمر تصاعد موجة الهيستيريا التكفيرية الموجهة ضد المسيحية والمسيحيين....تلك الكراهية المتحجرة في عقول دعاة الكرهه .... هي المفخِّخات الحقيقية التي فجرت الكنائس وحرقت البيوت ، وهي الرصاصات التي تذبح الناس ، وهي التي تقتل وتلقي بالمولوتوف علي منازل وممتلكات الأقباط الأبرياء ... و هي الآفة الاجتماعية المانعة لوحدة ونهضة مصر، والمحرِّضة على شيوع الأحقاد ورفض التنوع والتعايش.
ڤيروس الكراهية هو الذﻱ حرق كنائس وهو الذﻱ هدم اكثر من ثمانين كنيسة في يوم واحد ..هو الذﻱ حال دون تعيين مجرد محافظ قبطي وهو الذي يحول دون حقوق المواطنة ... هذا الڤيروس هو الذﻱ يشق وحدة الشعب عاموديًا، وهو الذﻱ يفرق ويشرذم المصريين، ويصنِّفهم على غير أساس المواطنة المصرية، ڤيروس الكراهية هو الذﻱ يقطع الآذان والأيادﻱ ويفقأ العيون ويغتال كرامة البشر... وهو الذي يفتري ويحيك المؤامرات لتهييج العوام .
الكراهية في الرؤوس قبل أن تُستخدم الفؤوس ، الكراهية هي التي غيبت القوانين وطمست الدساتير ،الكراهية هي التي تسببت في العقوبات الجماعية ،الموجهة ضد كل ماهو مسيحي ... كما ان اتِّباع نظرية الرِّيبة والمؤامرة والتحريض تجاههم هو الذي أسس للإجرام والبلطجة لاستباحتهم ، وصعد موجات التحامل العصابي القهرﻱ التخريبي تجاههم. بينما هؤلاء الأقباط الذين اتَّبعوا المسيح قوم لا يستكبرون ، وهم أكثر مودَّة ورحمة، وهم أيضا فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، إنهم ليسوا كافرين ولا نصارَى لكنهم مسيحيون، ومسيحهم آية ورحمة للناس. مسيحهم هو كلمة الله وروحه. مسيحهم هو الوحيد المعصوم من الخطية، وهو لم يعرف خطية – كما قال عنه رسول الإسلام – وحده القادر على الخلق وعلى صنع المعجزات وعلى إقامة الموتى. مسيحهم هو الديان والحَكَم المقسط.
والخالق القدوس الصانع العجائب وحده، الذي دعانا جميعا كي نحب حتي اعداءنا وان نبارك لاعنينا ..إنه إله الرحمة والحق والعدل والبر والمسامحة، ليس عنده قهر ولا فرض عين. دعانا وأوصانا بالصلاة لأجل المسيئين، وأمرنا بمباركة اللاعنين، وقد جعلنا فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. أرسلنا لنكون نورًا وملحًا وسفراءً، مجاوبين عن سبب الرجاء الذﻱ فينا، بوداعة وحب. بسطاء لكن حكماء. شهود وشهداء إلى المنتهى.
دعانا للتفكير لا للتكفير. دعانا للحياة ولحرية مجد أبناء الله، نرفض العبودية والاستعباد والتأخر والجزية وجناح الحريم، نرفضها بناسخها ومنسوخها، نرفض السبي والغزو والنهب والبلطجة والظلم والحرائق. نرفض الإرغام والقهر والسيف والرجم والخراب وجزّ الرؤوس وغرسها على الرماح. نرفض القتل بالظن والشبه، وكسر الإنسانية وإراقة الدماء.
لقد امتلأ الهواء وأشرطة الكاسيت والفضائيات وكل الأجواء بدعوات الازدراء والتكفير والتحقير، بعد تطوع الجهال بتفسير عقائدنا مما تسبب في شيوع الفُرقة والجهل الجماعي وانفراط العقد الاجتماعي بيننا كمواطنين، لكن هذه الدعاوَى لن تُخيفنا ولن تُثني عزمنا عن التمسك بالشهادة لإيماننا، متمسكين بمصر بلدنا وبأوَّلية مواطنتنا السبَّاقة والسابقة فيها.
فالأقباط يقدسون كل شبر من أرض مصر، ولاؤهم لها ليس محل مناقشة أو مساومة، وهو خارج السجال، وما يروَّج من تحريض ضدنا إنما هو يصبّ في الصراخ والعويل والتهييج ودق طبول الانقسام الوطني، فالنار إذا لم تجد ما تأكله تأكل بعضها بعضًا. أما نحن كأقباط لا نحلم إلا بعالم عادل وآمِن متخلص من موجات الكراهية: كُتبها ومرجعياتها وديماجوجيتها Demagogy الرخيصة.
ونقول للتلفيين والظلاميين ودعاة الكراهية إننا هنا قدماء في مصر منذ فجر التاريخ، نحن قاعدون فيها. خالدون فيها. باقون أبد الدهور وسنبقى، هدفنا أن نعيش بكرامة وعدل ومساواة إلى المنتهى كما كنا منذ بداية التاريخ. ازرعوا وردة. ازرعوا ثمرة. ازرعوا بسمة. نظفوا عقولكم وقلوبكم، إنكم لا تعلمون ماذا تفعلون.