الأقباط متحدون - التظاهرات التخريبية امتداد لداعش
أخر تحديث ١٩:٤٨ | الاربعاء ٢٥ مايو ٢٠١٦ | ١٧بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٣٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

التظاهرات التخريبية امتداد لداعش

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د.عبدالخالق حسين
بعد نشر مقالي الأخير الموسوم (لماذا فرَّ الصدر إلى إيران بعد إشعاله الفتنة؟)(1)، استلمت العديد من التعليقات القيمة، والتحليلات الصائبة المؤيدة، وأخرى معارضة منها بنوايا حسنة وأخرى بنوايا بعثية خبيثة. فرأيت من المفيد العودة إلى الموضوع لبيان الكثير مما فاتني في المقال وما استجد في الساحة. فالمعروف في الأنظمة الديمقراطية العريقة أن المطالبين الحقيقيين بالإصلاح لا بد وأن يحترموا القوانين، ويلتزموا بها في تظاهراتهم السلمية، إما احتجاجاً على قانون جائر يريدون تغييره، أو فساد يطالبون بمعالجته. ولكن الذي حصل في تظاهرات يومي 30 نيسان الماضي، و19 مايس الجاري، كانت تخريبية وعدوانية هدفها إسقاط هيبة الدولة، وإرباك السلطة، ونشر الفوضى، فهم بحق فوضويون Anarchists )) بكل معنى الكلمة.

لذلك فهؤلاء النشطاء الذين ينظمون ويقودون هذه التظاهرات المصحوبة بالعنف والاعتداء على ممتلكات الدولة، هي ليست سلمية وليست غايتهم الإصلاح، وتحسين الخدمات ومعالجة الفساد كما يدَّعون، بل اتخذوا من هذه المشاكل ذريعة لإسقاط النظام الجديد، مثلهم كمثل أسلافهم الذين رفعوا المصاحف على أسنة الحراب في صفين، صارخين (لا حكم إلا لله). وقد حذر الإمام علي أنصاره من هذه الخدعة و(إنه قول حق أريد به باطل)، ولكن بلا جدوى، فعبرت الحيلة وانشق عليه الخوارج، وما أشبه اليوم بالبارحة.

كما يحاول البعض إيجاد المعاذير، والتبريرات للتجاوزات التي يسمونها بـ"المؤسفة"، وأن كل تظاهرة لا بد وأن يندس فيها "عدد قليل" من المندسين يقومون بالتخريب لتشويه سمعة التظاهرة! بل راح البعض منهم إلى أبعد من ذلك حيث أدعوا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري هما اللذان نظما الهجمة على البرلمان ومجلس الوزراء، لتشويه سمعة المتظاهرين!! فهل هناك إسفاف وسخف وهراء أكثر من ذلك؟ وسؤالنا لهؤلاء الذرائعيين والمتاجرين بهموم الشعب، إذا كانت هذه التجاوزات من قبل المندسين الفوضويين، فلماذا تدافعون عنهم، ولماذا تتهجمون على القوى الأمنية إذا تصدت لهم لحماية مؤسسات الدولة من هؤلاء المندسين؟

التظاهرة الأخيرة يوم 19 مايس (أيار) الجاري لم تكن سلمية كما التي سبقتها يوم 30 نيسان الماضي، ولو كانت كذلك لما اضطرت القوات الأمنية إلى مواجهتها بالشكل المؤسف الذي حصل. لقد شاهدنا بالصوت والصورة تظاهرة يوم 30 نيسان/أبريل، أن معظم المتظاهرين قاموا بأعمال تخريبية، وبأعداد كبيرة، وأطلقوا هتافات عدوانية كتلك التي سمعناها أيام الاعتصامات في ساحات المناطق الغربية قبل عامين. وما قاموا به من تخريب داخل البرلمان والاعتداء على النواب، يؤكد حقدهم على الديمقراطية وعلى العراق الجديد وعلاقتهم بداعش. لذلك فليس هناك أي مجال لتبرير جرائم هؤلاء وذرف دموع التماسيح والمتاجرة بهموم الشعب المنكوب المبتلى بالإرهاب البعثي الداعشي الوهابي.

وما يؤكد علاقة هذه التظاهرات التخريبية الفوضوية بداعش أنها تزامنت مع الانتصارات التي حققتها القوات العسكرية المسلحة والحشد الشعبي في ساحات الحرب على الإرهاب، والهزائم التي منيت بها داعش، والاستعداد لتحرير الفلوجة وتطهير كل الوطن من رجسهم ودنسهم، كما تزامنت هذه التظاهرات مع تصعيد التفجيرات الإرهابية في بغداد والحلة والسماوى وغيرها. لذلك فهذه التظاهرات والتفجيرات جاءت للتعويض عن الهزائم التي منيت بها داعش. فلو كان هؤلاء المتظاهرون ومن وراءهم فعلاً وحقاً حريصين على الإصلاح وخدمة الشعب والوطن، لأعطوا الأولوية لمحاربة داعش، وأجلوا التظاهرات الاحتجاجية على الفساد إلى ما بعد سحق الإرهاب، و تحويل مظاهراتهم في الوقت الحاضر إلى دعم القوات المسلحة ومباركتها على انتصاراتها لمنحهاً زخماً معنوياً، وليس القيام بمظاهرات تخريبية تصب في خدمة الإرهابيين الدواعش وإرباك السلطة وإشغال القوات الأمنية عن واجبها المقدس في محاربة الإرهاب الداعشي البعثي الوهابي. كما وأفادت الأنباء أن القوة الأمنية في بغداد نجحت في(ضبط مطبعة بمنطقة السعدون تحوي كُتبا بعثية مُعدة للتوزيع)(2). وهذا دليل على الدور القيادي الذي تلعبه فلول البعث في هذه التظاهرات التحريبية.

والجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، كان قد حذّر من الذين وصفهم بـ"المندسين" في الوقوف وراء اقتحام المنطقة الخضراء داعيا "المواطنين والقوى السياسية الوطنية الى التكاتف والتصدي الى مؤامرات المندسين البعثيين المتحالفين مع الدواعش المجرمين والذين يقومون بأعمال ارهابية في المدن لإيقاع الفتنة بين المواطنين والدولة". هذه الحقيقة باتت معروفة ومكشوفة لكل مواطن يتمتع بعقل سليم وحس وطني صادق. (2)

والملاحظ أن أغلب المدافعين عن هذه التظاهرات كانوا ومازالوا يشتمون الحكومة ليل نهار لأنها على حد زعمهم (حكومة المعممين الفاسدة). ولكن فجأة تحول هؤلاء إلى أنصار أشداء لزعيم هذه التظاهرات، مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، وهو الإسلامي حتى النخاع، و معمم بأكبر عمامة سوداء، فصار عندهم تشيفارا العراق، يقود ثورة الجياع. وإذا كان مقتدى هذا فجأة صار ثورياً يقود الجياع البوساء، فلماذا تخلى عن جماهيره وهرب إلى إيران؟ لقد هرب لأنه عرف أنه خُدِع، واتخذ أعداء العراق منه حصان طروادة لتمرير مخططهم باسمه. لذلك نقول لهؤلاء التقدميين جداً، سبحان مغير الأحوال.

وكما أشار أحد الأصدقاء في تعليق قيم له، أن هناك نشاط محموم من قبل وسائل الإعلام العربية المعادية للعراق الجديد، إذ لاحظ أنه كلما تشتد الحركات الاحتجاجية داخل العراق ينشط "الخبراء الإستراتجيون" على القنوات المساندة للجهد الداخلي التخريبي بكيل المزيد من الاكاذيب والنظريات المهوِّلة. وقد بلغت هذه الحملات الأوج في أيام ولاية نوري المالكي الذي اتهموه بالدكتاتورية والفساد وعزل السنة والكرد، ثم خفت الحملة عند تسلم حيدر العبادي رئاسة مجلس الوزراء. ولكن بعد أشهر أعيدت نفس الأسطوانة، حيث اخذوا يمهدون للحملة الجديدة وراحت الجوقة تدعي ان العبادي ضعيف ... وانه الوجه الآخر لزعماء حزب الدعوة...الخ. وعندما صار مقتدى رجل الشارع ارتفعت آمالهم في امتطاء حصان طروادة، ولما نكص الحصان استحق التفجيرات في مدينة الصدر وغيرها من المناطق في بغداد.

ومن كل ما تقدم، نفهم أن هذه التظاهرات المصحوبة بالعنف، ما هي إلا امتداد للدواعش البعثيين، والمدعومة من السعودية وحليفاتها، تزامنت مع الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والحشد الشعبي على داعش. لذلك على الشعب والمثقفين الوطنيين الحذر من أحابيلهم وعدم الوقوع في فخهم.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/

ــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- د.عبدالخالق حسين: لماذا فرَّ الصدر إلى إيران بعد إشعاله الفتنة؟
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=840

2- ضبط مطبعة بمنطقة السعدون تحوي كُتبا بعثية مُعدة للتوزيع
http://www.akhbaar.org/home/2016/5/212144.html


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع