الأقباط بدون حماية أمنية
بقلم نسيم عبيد عوض
للقارئ العزيز أصارحك القول , اننى مللت الكتابة , ماذا أكتب وماذا أقول ,ثلاثة عقود متوالية و كتابة وكلام معاد , فالذى حدث فى أبو تشت ( قرية النوهض ) يوم الثلاثاء الماضى , حدث من قبل فى العياط , ومن قبل فى الصف , وفى الطالبية , وفى ديروط , وفى نجع حمادى وفى بهجورة , وفى سوهاج , والكشح ,قرية دميانة فى الشرقية وغيرها مئات الإعتداءات ,ولا أحد يوقفها ولا أمل فى عدم تكرارها, الإرهاب الإسلامى دائما يجد مبرر للإعتداءات بالقتل أو الحرق , لقد جفت الأحبار وبح صوتنا من الصياح , وجفت دموعنا على ضحايانا , وتكرار مناظر دماء الشهداء , يثير فى القلب وجع وثورة عارمة , ثم بعد لاشئ يحدث , المجرم مسلم يخرج براءة , والمجنى عليه مسيحى يدخل السجن , وهكذا يعيش شعبنا بدون حماية دولة ولا أمن.ولا حماية قضائية تحكم بالعدل بين المواطنين.
فتنة طائفية تقيمها الدولة وتقعدها , مظاهرات الجوامع تخرج فى حماية الأمن يسمح بها ويحرسها للنهاية , بفتح أبواق الأعلام تنهش فى لحم الكنيسة وقياداتها , ولذلك دعونا هذه المرة ان لا نتكلم عن الإرهاب الإسلامى أو الخطاب الدينى أو شيوخ الفضائيات , المشكلة بكل صراحة أمن وعدالة , مهما كانت الإختلافات الدينية والإحتقانات بين طوائف الشعب , فالأمن مسئول عن حماية كل أفراد الشعب ويمنع الجريمة قبل وقوعها , وحتى لو وقعت مسئول عن القبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة , هل هذا إختراع جديد , حماية الشعب فى ديارة وأمنه على حياتة وممتلكاته , وحماية حقوق المواطن أمام الجهات القضائية , أمن وعدالة , وكلاهما غير متوفر للشعب القبطى , فهل هذه حياة الغابة , تعطى للحيوان القوى التفرد بقتل وحرق الضعيف فى حماية الأمن , وليس هناك أية إتهام أو متهم , بل فقط ضحايا ومجنى عليهم , وهم الأقباط ,
ان السائح الأجنبى عندما تطأ قدماه مصر , تظل الدولة وجهاز أمنها مسئول عن حمايته طوال فترة وجوده على أرض مصر وحتى يعود سالما الى بلده , اليس هذا شئ طبيعى فى كل الدول المتحضرة , او ليس هذا القانون الدولى , فما بالكم بشعب يمتد جذورة حتى أعماق آلاف السنين على أرضة وفى بلدة , ويعيش الآن بدون حماية الدولة , وجهاز الأمن يغمض عينية فى الوقت المناسب ويظهر فى الوقت الأنسب بعد القتل والحرق والسلب ,
القصة انه منذ عدة أيام ترددت شائعة حول قيام شاب قبطى بمعاكسة فتاة مسلمة من أبناء القرية ومحاولة التعدى عليها , مما أثار غضب أهالى القرية , وتم عقد جلسات حضرها أعضاء مجلس الشعب وعدد من القيادات الأمنية , وفجأة يخرج المسلمين صباح الثلاثاء ويقومون بحرق منازل الأقباط وتدميرها , وتحليل الموضوع أن هناك شاب عاكس فتاة , وهذا أمر يحدث كل يوم وكل ساعة , وكان إذا كبر الموضوع يشتكى الأهل ويتم معاقبة الشاب بمعرفة أهلة , ويغلق الموضوع , لم يكن فى الأمر إغتصاب , لقد قيل إعتداء وهو قول مبهم ولكن شكرا لله انه لم يكن إغتصاب وإلا كانت قد إحترقت محافظة قنا بأقباطها , والغريب ان قيادات الشعب ونوابه وقياداة الأمن إشتركت فى فض الخلاف , وكانت على علم بنية المسلمين على الإنتقام , فلماذا لم تعطى الحماية على الأقباط وبيوتهم , وحتى يهدأ الأمر تماما , ولكن للأسف ترك الأمن البلد تحت سيطرة الغوغاء لتحرق بيوت الأقباط وتدمرها عن آخرها .
ولعل يوسف الصديق يشكر ربه الآن أنه كان يعيش تحت حكم الفراعنة وليس تحت حكم مبارك , فالدولة الفرعونية والتى تتهم بانها عابدة للأوثان , كانت تعيش حضارة مدنية تفوق اعلى دولة متحضرة الآن , فقصة يوسف كما نعرفها جميعا , باعه أخوته وأشتراه فوطبفار خصى فرعون رئيس الشرطة , أما أمرأة فوطيفار رفعت عينيها إلى يوسف وقالت أضطجع معى , فأبى وقال لأمرأة سيده هوذا سيدى لا يعرف معى ما فى البيت وكل ماله قد دفعه إلى يدى , ولم يمسك عنى شيئا غيرك لأنك امرأته , فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله. , ثم حدث بعد ذلك أن أختلت أمرأة فوطيفار بيوسف والبيت خال , فأمسكته بثوبه قائلة اضطجع معى , فترك ثوبه فى يدها وهرب خارج البيت , ثم نادت أهل بيتها وأرتهم ثوب يوسف فى يدها وأتهمته بأنه حاول الإعتداء عليها , ولما جاء زوجها وفى يدها ثوب الإتهام ضد يوسف , والقصة طبعا معروفة , لم يحكم على يوسف بالقتل , ولكن حكم علية بالسجن , لأن ثوبه كان الدليل على وقوع التهمة , ولكن لم يقتل أو يرجم , فماذا لو حدث هذا فى قرية من قرى مصر , وخصوصا لو كان يوسف نصرانيا, وأتوا بثوبه , ولنا أن نتخيل عواقب الحدث على ضوء ما يحدث لشعبنا القبطى فى أرجاء مصر, تحية وتقدير وتكريم لحضارة دولة الفراعنة , وخصوصا كما تعرفون أن يوسف أعتلى منصب رئيس وزراء مصر كلها فيما بعد إعترافا بكفاءته ولم يفكر أحدا انه عبرانيا بيع عبدا للمصريين , يالها من حضارة راقية , ليس لها مثيل فى عصرنا هذا.
ونعود الى موضوعنا الأصلى وهو حياة الأقباط بدون غطاء أمنى فى بلدهم مصر , والتى تخول فى أى وقت لأى جماعة مسلمة أن تكبر بالله ثم تعول قتلا وحرقا للأقباط بدون رادع ولا حماية أمنية , ولا حتى محاكمة عادلة , حتى متى يحدث هذا ونحن نقف متفرجين , يعلوا صوتنا لفترة , وتكثر كتاباتنا لفترة أخرى , ثم ننسى الموضوع بصلح أو تهديد , ويعيش القبطى هو وأولاده تحت التهديد المستمر , وينام الأطفال وهم فى رعب من التتار البرابرة , الذين يفاجؤهم فى أى لحظة ويهجموا عليهم قتلا أو حرقا , هل هذا شئ مقبول التصور أننا فى ذلك العصر ولا نستطيع حماية هذا الشعب
هناك امرين لا بديل لهما, أولا لابد من قيام جمعيات حقوق الإنسان فى مصر والخارج بالتقدم بشكوى لهيئة الأمم المتحدة –هيئة حقوق الإنسان – وتطلب إرسال هيئة لتقصى الحقائق فى مصر وفى القرية ذاتها , وتطلب التحقيق مع كل الأطراف المعنية , وبشهادة كل الشهود , والتحقيق فى مسئولية الدولة نحو حماية الأقباط, ثم ترفع تقريرها للجمعية العمومية للأمم المتحدة وتعلن قرارها على العالم وتتخذ قراراتها لحماية الشعب, والأمر الثانى أن تقوم المنظمات الحقوقية فى الخارج بإقامة دعوى قضائية على دولة مصر أمام محكمة العدل الدولية لإنتهاك حرمات وحياة الشعب القبطى فى بلدة وعدم قيام الدولة بحمايته من ألإعتدات المستديمة , والتظلم من النظام القضائى الإسلامى الذى لا يحكم بالعدل بين المواطنين , ولدينا الملفات كاملة لكل الإعتداءات السابقة.
والهنا قادر على حماية شعبه مصر.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :