بقلم نسيم عبيد عوض
فى تفسير الإصحاح الرابع من إنجيل القديس يوحنا ‘والذى يقرأ فى الأسبوع الثالث من الخمسين المقدسة ‘ أى بعد قيامة الرب يسوع المسيح من الأموات ‘ يكون له توجه مختلف عن قراءته فى الصوم الكبير ‘ والذى كان يقصد به التوبة الصادقة للمرأة السامرية ‘ فتكون توبتنا هو حياتنا اليومية ‘ ولكن ونحن فى إحتفالنا بالخمسين المقدسة ‘ إحتفال بقوة القيامة ‘ لأن قيامة الرب هى ركيزة الإيمان المسيحى ‘ والتى كانت إعلان قبول الله الآب عن ذبيحة إبنه الوحيد على الصليب ‘ الذى به أعادنا الى رتبتنا الأولى قبل السقوط ‘ غفر لنا كل الخطايا وأقامنا من شوكة الموت ‘ وأعطانا الحياة الأبدية ‘ وحسب قول الرسول القديس بولس " إن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم .أنتم بعد فى خطاياكم."1كو15: 17 .
القيامة والحديث مع السامرية
فى الحديث مع السامرية أظهر الرب يسوع المسيح ذاته فى عدة نقاط لاهوتية :
1- فى قول الرب " لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذى يقول لك أعطينى لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيا."يو4: 10. والذى يعطى الماء الحي هو الله الحي واهب الحياة الأبدية لمن يؤمن به.
2- أضاف الرب وقال لها" ولكن من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية. يو4: 14.
3- لقد أظهر الرب ذاته للمرأة السامرية ‘ ونادرا ماحدث ذلك إلا فى حالات قليلة منها للمولود أعمى بعد تفتيح عينية ‘ ولكن الرب هنا تسلسل مع هذه السامرية ‘ بعد معرفته أنها تعرف النبوات عن المسيا المنتظر من قولها" أنا أعلم أن مسيا الذى يقال له المسيح يأتى . فمتى أتى ذاك يخبرنا بكل شيئ." قال لها يسوع "أنا الذى أكلمك هو." يو4: 25و26.
4- عندما أسرعت لتبشر به فى السامرة قالت لهم " هلموا انظروا إنسانا قال لى كل مافعلت. ألعل هذا هو المسيح."‘ وبالفعل أتى إليه السامريين وقالوا للمرأة "إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم." يو4: 29 و42.
فتشوا الكتب
بعد سقوط آدم وسقوط البشرية كلها معه ‘ إكتسب الجسد البشرى الفساد والموت والخطية‘ وكان وعد الله بالمسيا المخلص وجاء مباشرة بالوعد الإلهى" نسل المرأة يسحق رأس الحية." تك3: 15 ‘ ومن التكوين وحتى آخر أسفار العهد القديم (سفر ملاخى ) يتكلم بروح النبوة عن شخص السيد المسيح بكل تفاصيل حياته على الأرض وحتى قيامته من بين الأموات وصعوده للسموات وإرساله الروح القدس ليقود الكنيسة على الأرض‘ ولذلك قال الرب لليهود مرارا كثيرة انه هو المكتوب عنه فى أسفار موسى الخمسة والمزامير وكل الأنبياء ‘ وبصريح العبارة قال لهم" فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي تشهد لى. ولا تريدون أن تأتوا إلي لتكون لكم حياة "يو5: 39و40‘ وقال لهم " لأنكم لو كنتم تضدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو كتب عنى. فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك ‘ فكيف تصدقون كلامى." يو5: 46و47‘ والرب نفسه بعد القيامة قابل تلميذى عمواس الذين لم يعرفوه ‘ فقال هم " أيها الغبيان والبطيئا القلوب فى الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء ‘ أما كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟‘ ثم إبتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب."لو24: 25-27‘ ثم بعد أن عرفوه قال لهم" هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير. ويقول الكتاب " حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم" هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغى أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث. وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم. وأنتم شهود لذلك." لو 24: 44-48.
قد كملت النبوات
تظل الكنيسة يوميا طوال الخمسين المقدسة ‘ تزف قيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات ‘ والصليب ملفوف بالستائر البيضاء وأيقونة القيامة ‘ سبعة دورات ‘ والشماسة يسبحون نغمات الفرح والإبتهاج " ياكل الصفوف السمائيين رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح ‘ وإبتهجوا معنا اليوم فرحين ‘ بقيامة السيد المسيح ‘ اليوم قد كملت النبوات ‘ وقد تمت أقوال الآباء الأولين‘ بقيامة الرب من بين الأموات. وبالفعل كانت المرأة السامرية بعد إيمانها بقيامة الرب ‘ من اوائل من طاف يكرز ويبشر بالله الحي وبقيامة الرب يسوع المسيح من الأموات ‘ وتحقيق كل النبوات المكتوبة عنه فى أسفار موسى والمزامير والأنبياء ‘ وهذا ماقاله القديس بطرس الرسول للشعب اليهودى يوم حلول الروح القدس على التلاميذ " «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ. 23هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. 24اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. 25لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. 26لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. 27لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا. "أع2: 22-27‘ وهكذا كل الرسل والتلاميذ وآخرهم القديس بولس الرسول‘ جالوا يبشروا بقيامة الرب من الأموات حتى آمن كل العالم فى ذلك الوقت ‘ ولعل المرأة السامرية بعد القيامة تذكرت كلام الرب وحفظته وبشرت به حين قال لها" ..الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية."يو4: 14.ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد. آمين.