ربما حتى الآن يظنون أنهم فى كابوس ينتظرون موعد الاستيقاظ ليذهب كل منهم إلى وجهة عمله، ما زالوا يتذكرون كيف نجوا وخلّفوا وراءهم منازلهم ومتاعهم وذكرياتهم فى عدد من القرى والمدن العراقية، بعد أن استقروا فى مخيم «نبى الله يونس» للنازحين، الذى يقع جنوب شرق بغداد بنحو 40 كيلومتراً، سؤال طفلة صغيرة كفيل بإشعال النيران بداخل والدها حينما تقول له: «متى سنعود إلى بيتنا يا أبى؟» ليذوق أبوها مرارة الألم وتشعل بداخله الحزن والقهر لعجزه عن جوابها.
بإمكانهم البكاء كثيراً، وبإمكانهم تذكر الخطوات المتسارعة التى قطعوها أمام أعلام «داعش» السوداء الكالحة، هربوا بملابسهم المنزلية تاركين خلفهم كل شىء ونجوا بأجسادهم فقط التى تحركها أرواحهم المقهورة مسجونة داخل علب بلاستيكية كبيرة متراصة إلى جانب بعضها فى مخيم «نبى الله يونس»، صنع لهم خصيصاً لإيواء ما تبقى وما نجا من الأسر النازحة نحو بغداد فراراً من جحيم «داعش».