بقلم : منى مكرم عبيد | الثلاثاء ١٠ مايو ٢٠١٦ -
٤٠:
١٠ م +02:00 EET
منى مكرم عبيد
مصر تعود بقوة للمشهد الدولى من خلال جولات خارجية مكوكية للرئيس عبدالفتاح السيسى، وقدوم قادة وزعماء لهم ثقلهم إلى القاهرة، وشهد إبريل الجارى قدوم قادة وزعماء فرنسا والسعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، ولكن هل هذا يكفى لاستعادة مصر دورها الإقليمى والدولى؟، بالطبع لا، فلايزال هناك الكثير من أجل بلوغ ذلك.
ربما كان العامل المشترك هو التباحث حول بعض القضايا السياسية والإقليمية والدولية، ولم تخلُ المباحثات بالطبع من التطرق إلى توحيد الجهود لمكافحة إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتبادل التنسيق الأمنى والاستخباراتى بشأن الوضع فى ليبيا، إلى جانب مزيد من الاستثمارات وعقود السلاح.
ولكن أعتقد أن مثل هذه الزيارات وحدها ليست كافية لمكانة مصر، خاصة فى اختلاف وجهات النظر بين مصر والسعودية وفرنسا بل الاتحاد الأوروبى ككل فى بعض القضايا، ومن ثم كان من المهم أن تكون هناك رؤية واضحة لمصر تقدمها وتصر عليها، واستخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن الموقف المصرى، إذا كانت هناك رؤية واضحة للتعامل مع العالم الخارجى وفق سياسة مستقبلية علمية مدروسة وليس قرارات نتاج سياسات عشوائية.
وقد لفت نظرى خلال الأيام اتساع موجة الغضب فى صفوف الشارع المصرى نتيجة الإعلان عن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والإعلان عن إعادة مصر جزيرتى صنافير وتيران للمملكة، دون إعداد الرأى العام لهذه الاتفاقية، ودون الإعلان عن الأساس القانونى والدستورى الذى استندت عليه الحكومة فى التوقيع على هذه الاتفاقية، وهو ما عمل على ظهور مزيد من الانشقاقات فى صفوف تحالف 30 يونيو، وهو أكثر العوامل خطورة على النظام السياسى، ومن ثم على مجلس النواب التعامل بحنكة مع هذا الملف دون تهوين أو تساهل، كى يمكنه إقناع الشارع الغاضب جراء هذه الاتفاقية، من أجل إنهاء الملف بشكل أفضل، وإعادة الحقوق لأصحابها وفق سندات تاريخية وقانونية لا تقبل الشك، وعدم خسارة العلاقات الاستراتيجية مع السعودية فى نفس الوقت.
والحقيقة أنه فى إطار الحديث عن أوجه القصور الحكومى طيلة الفترة الماضية انتظرت طويلاً نبأ تعيين مبعوث مصرى للأزمة السورية يطوف العالم شرقاً وغرباً للدفاع عن الشعب السورى والدولة السورية، دون الدفاع عن نظام بعينه، ودون الانصياع لمزاعم الجماعات المسلحة، إلا أننى أبدو وكأننى أحلم بهذا، فسوريا كانت جزءاً من مصر فى زمن الوحدة بستينيات القرن الماضى، والتاريخ سيحاسبنا على تقصيرنا فى هذا الأمر، وأى تقسيم لسوريا سيكون بداية لنتائج كارثية على المنطقة، وقمة العجز أن تتحكم واشنطن وموسكو وطهران والرياض فى الأزمة السورية وتبقى القاهرة بعيدة وغير فعالة فى الأزمة.
ومازلت أنتظر أيضاً اختيار وزير مصرى للشؤون الأفريقية، من أجل تقوية العلاقات مع القارة السمراء بعد أن توترت علاقتنا بهم كثيراً فى عصر مبارك، وكشف سد النهضة الإثيوبى والاستثمارات التركية والصينية والإسرائيلية فى أفريقيا أن نفوذنا يتراجع، وأن هناك دولاً قد تتمرد على المواقف المصرية، بعد أن فقدنا الهيبة والنفوذ، ولم يتبق لنا سوى ذكريات التاريخ، وهى تحذيرات أطلقها الراحل بطرس بطرس غالى فى السابق ولم يلتفت لها أحد حتى تجسدت على أرض الواقع.
أنتطر أيضاً تعاملاً مختلفاً من الخارجية ومجلس النواب مع أوروبا، وإدراك اهتمام الأوروبيين بقضايا الحريات وحقوق الإنسان، وأن التعاون بين مصر وأوروبا مرهون بتطوير الحريات وترسيخ دولة القانون، والتشويش الذى أصاب العلاقات المصرية - الإيطالية خاصة، ومع أوروبا عامة، لابد من علاجه فوراً وفق المصالح المشتركة التى تجمع بينهما، مع دور أكبر للدبلوماسية المصرية التى كان أداؤها ضعيفاً للغاية فى هذا الملف خلال الأشهر الماضية، واتباع أساليب ولهجات جديدة فى التعامل لكسب ثقة شركائنا الأوروبيين حتى لا نصاب بأذى نحن فى غنى عنه.
ختاماً.. نحن بحاجة لاستعادة دور مصر المحورى بعد سنوات من التراجع والتقصير وقلة الحيلة أحياناً!
برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع