الثلاثاء ١٠ مايو ٢٠١٦ -
٥٤:
٠٥ م +02:00 EET
الرويعي الذي روعنا
كتب : د. مينا ملاك عازر
الذين لم تهتز شعرة من رؤوسهم أمام هول نيران ممر الراعي الصالح بشبرا، ذلك السوق التجاري الذي تسببت النيران المشتعلة به بخسائر مادية وبشرية هائلة، والذين لم يحركوا ساكناً حين رأوا مئات الحرائق تشتعل وتلتهم محال ومصانع وتستمر لساعات في شتى أنحاء الجمهورية، والأمثلة كثيرة ولا طاقة لمساحة المقال بحصرها، والذين لم يفهموا من اللهب الذي وصل لعنان السماء في حريق الفجالة، وكل هذا في وقت قريب ومتقارب ولا يمكن أن يكونوا لحقوا ينسوا الحريق أو ينسوا الدروس المستفادة منه، الذين فعلوا كل ما سبق هم أنفسهم الذين احرقوا ليس بأيديهم ولكن بغبائهم منطقة الرويعي.
الفقرة السابقة ليست اتهاماً لأحد بأنه حرق الرويعي، فهذه الاتهمات مسؤولية النيابة وجهات التحقيق، لكن اتهامى صريح بالتقصير والإهمال حتى وصل الحريق لهذه النتيجة المفجعة، الحرائق واردة في كل مكان بالعالم ورأينا النيران في ليلة رأس السنة بدبي ولكننا رأينا كيف أن الخسائر البشرية متلاشية والخسائر المادية ربما تكون قليلة جداً بالرغم من قيمة المكان وخطورة الموقع المندلع به النيران، لكن التأثير محدود لوجود أنظمة إطفاء تسهل العملية، ولمنطقية الأمور واستعداد الناس لكل شيء، وكأنهم مدربين على التعامل مع مثل هذه الأمور التي بالنسبة لهم تبدو متوقعة، ولأنهم لم يقترفوا أخطاء تؤدي لكوارث.
أما نحن فبرعنا في وضع الأسواق التجارية وورش البلاستيك والأقمشة في وسط المناطق السكنية بكامل الاستهانة بأرواح السكان المقيمين هناك، والبشر العابرين به، المسألة لدى المسؤولين أبسط من هذا كله فالمهم السبوبة التي تعود عليهم من جراء تغاضيهم عن المخالفات الجسيمة المرتكبة من قبل قاطني هذه المنطقة السكنية التجارية التي في سرة البلد، الذي لا يستوعب الدروس السابقة لا يهمه إلا استفادته الشخصية والمالية، والذين دفعوا أموالاً لاستمرار تجاوزهم ومخالفتهم، هل نفعتهم رشاويهم التي دفعوها للإبقاء على مخالفتهم أمام النيران التي شالت وما خلتشي؟ هل استطاعوا رشوة النيران؟ لا لم يحدث.
النيران أكلت كل شيء لكنها تركت لنا شيء هام أننا لا نتعلم من دروس سابقة، أننا لا نحمل خيال نبني عاصمة إدارية جديدة، ولا نحاول إعادة توزيع ما بداخل العاصمة الحالية، وكأننا نتركها فريسة الإهمال والنيران وما لم تأكله النيران يأكله موظفوا المحليات في كروشهم بفسادهم.
الرويعي الذي روعنا، لن يحرك في قلوب المسؤولين ساكناً لأنهم يغشون فلا يبصرون وإن كانوا أبصروا ما سبق لتعلموا مما حدث، هل فكر أحد في تخطيط لهذه المنطقة ونقل لهذه الأسواق؟ وإن فعلوا وخططوا فهل فعلوا ونفذوا؟ ولماذا لم ينفذوا؟ لماذا هم متراخين متهاونين؟ لو كان الأمر بيدي لحملتهم كل الخسائر المادية التي خسرها هؤلاء التجار الذين هم أيضاً مسؤولين بمشاركتهم في الفساد ولحملت الجميع التعويضات التي ستدفع للقتلى، وأول هؤلاء مستشاري بناء العاصمة الإدارية بمليارات، وتركوا وسط البلد يحترق.
لعلي أخيراً، أدعو للجميع بالرحمة أحياء وأموات، وأتمنى أن نتعظ تجاراً وموظفين وبائعي جائلين، قد يكونوا بسرقتهم للتيار الكهربائي متسببين في ماس كهربائي أتى أول ما أتى عليهم وعلى بضاعتهم وأضر الباقين.
المختصر المفيد لا أمل في فسدة.