بقلم دكتور رؤوف هندي
العـقيدةهي كل ماعُـقِدَ في النفس والعقل والوجدان ويصعب فكه هي قناعات معيّنة في لدى الإنسان تكون اكثررسوخا من مجرد فكرة أورأي أووجهة نظروالعقيدة ليست بالضرورة ان تكون دينا ولكن كل فناعات الانسان التي يصعب فكهاهي عقيدةوالإنسان بصفته أعظم الأرقام في معادلةالوجود لذاجاءت حرية إختيار معتقده مطلقة ليس بمقدوردولة أوهيئةأومؤسسة مهماعلا قدرها وارتفع شانها أن تضع قيوداعلى حرية المعتقد لدي أي إنسان وليس بمقدوراحد ان يفتش في قلوب البشرلمعرفة حقيقة عقيدتهم فحرية العقيدة من هذا المنطلق الذي أقرته كل دساتيرالعالم بما فيها الدستورالمصري غير قابلة للنقاش أوالجدال فهي شعور إنساني متدفق بالحق في الوجودوالحياة والتفكيروالأعتقاد وحريةالعقيدة بناءعلى مااستقرت عليه وعرّفته المواثيق والعهود الدولية وأقرّته دساتيرالعالم هي حق إنساني وليس هبةً أومنحةً بل هوقانون الخلق والكون منذ الاول الذي لاأول له!يولدجميع الناس احرارا.وليس من وظيفة الدولة إختيارمعتقدات لمواطنيها بل وظيفةالدولة الرئيسية هي جماية حرية المعتقد لدى كل مواطن بدون تمييزأوتفريق أوتهديد أووصاية من أحد فحرية اختيارالمعتقد ليس مرهونا بصحةأوخطأ هذا المعتقد من وجهة نظررجال الدين فالإنسان قيمة في ذاته وله مطلق الحرية في اختيارمعتقده مادام ملتزما بالقانون ولم يضرأحدا وصحة المعتقدلايُقاس بعدد معتنقيه فهناك كثيرمن البشريفضّل أن يكون مخطئا مع الأغلبيه من أن يكون صائبا وحده فنحن احيانا نجد الآمان مع دفء القطيع وزفة الحشد.
والمادة18من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقول(لكل شخص الحق في التفكيروالضميروالدين وله الحق في إظهار دينه او أعتقاده سواء اكان ذلك فرديا او جماعيا وهذا الحق يشمل حرية الشخص في تغيير دينه اوأعتقاده)وقد عرّفتْ المحكمة الدستورية العليا في مصرحرية العقيدة على النحو التالي: حرية العـقيدة في أصلها ألا يحمل الشخص على القبول بعقيدة لايؤمن بها أوالتنصل من عـقيدة دخلَ فيها أوالإعلان عنها(المحكمة الدستورية العليا طعن8 لسنة17قضائية جلسة 18مايو1996مكتب فني7) وفي دستور2014 تنصُّ المادة 64(حرية الأعتقاد مطلقة.) وقد ناديتُ كثيرا في مقالات عديدة ومن خلال مداخلات وندوات شاركت فيها أن تكون مادة حرية الأعتقاد منفـردة قائمة بـذاتها وليست مصحوبة بعـبارة(حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دورالعبادة لأصحاب الاديان السماوية)فكما أسلفنا قبلا أن المعتقد ليس بالضرورة ان يكون دينا فكان الرد من القائمين على صياغـة الدستور وقتها أن المادة64 جـزئـين منفصلين تماما وحريةالأعتقاد جاءت مطلـقةويبقى السؤال لماذا لم تُصاغ في مادة منفردة بذاتها؟
أخشى كثيرا ان تُفرغ المادة من مضمونها الإنساني العالمي.لذا فقد أعجبني كثيرا تصريح فخامة الرئيس السيسي للواشنطن بوست حيث قال:أنه يحترم كل الأديان ويحترم حريةا لفردفي اختارالعقيدة التي تناسبه حتى ولواختارانه لايؤمن بالله وقد ترك التصريح إنطباعا جيدا في الاوساط العالميةالمعنية بشأن الحقوق والحريات وتداولت مواقع عالمية كثيرةهذاالتصريح القيّم وعليه فهناك فرق كبيربين حرية العقيدة وحرية الفكر و حرية التعبير وإن كانت جميعها تمثل أسمى معاني الحريات الإنسانية في المجتمعات الراقية المتحضرة فحرية العقيدة هي حرية الإنسان المطلقة في اعتناق الدين أوالمبدأ اوالفلسفـة التي ارتضاها قلبه وضميره بدون ضغوطات ومن غيرتدخل من احد سواء أفراد أوجماعات اومؤسسات وحرية العقيدة تمنح الإنسان ممارسة معتقده او دينه في العلن والخفاء وحرية المعتقد الإنساني تمنح أيضا الإنسان الحق الكامل في تغييردينه اومعتقده الذي وُلِدَعليه من غيراختياره ولايجوزمعاقبة الإنسان أبداعلى استخدامه تلك الحرية فهذا منافي تماما لمباديء حقوق الإنسان واعتداء صريح على حريةالإنسان أما حريةالفكرأوالتفكيرفهي حرية الفرد ان يكون له أراءوأفكاروتصورات مستقلةعن جموع الناس وهنا كانت المادة18من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضامنه وحامية لتلك الحرية ومعظم الدول المتقدمةوالعلمانية تكفل تلك الحرية في الفكربل هي إحدى مقومات نجاح وتقدم أي مجتمع يؤمن بأن التعدد والتنوع الفكري والثقافي والدينـي ثراءللمجتمع وثراء لكل دوائر التنوع أما حرية التعبير فهي حق الإنسان في التعبيرعن رأيه ومشاعره بحرية كاملة دون تدني في لغة الحوارأوالخروج عن الآداب والاخلاق أثناء الحوارفأي تجاوزلفظي في الحواريضع صاحبه تحت طائلةالقانون الذي يحترمه الجميع والدول التي قطعت شوطا كبيرانحوالحرية والديمقراطية بمكوناتها الأربع والتي تمتلك شعوبها قدرا كبيرا من الثقافة والعلم والدخل المادي المرتفع نراها تحترم جميع تلك الحريات وموجودة في دساتيرهاولكن الأهم مفعلة على أرض الواقع بجلاء شديد
اما الدول التي لم تنل شعوبها قدرا من التعليم والثقافة والتنويروتعيش تحت وطأة الفقروالعوز ولاسيما في مناطق الشرق الاوسط فنرى معظم حكومات تلك الدول ثيوقراطية وديكتاتورية لاتولي إهتماما كبيرا بتلك الحريات وعليه فشعوبها أيضا ونتيجة للفقروالجهل هي بعيدة كل البُعد عن مفاهيم تلك الحريات الإنسانية الراقية وهنا يأتي دورالهيئات العالمية المعنية بالشأن الإنساني فلابد من خطة عالمية شاملة نابعة من كون البشر جميعا أخوة في عالم واحدوشركاء في وطن واحد ألا هوكوكبنا الأرضي فلابد من خطط متدرجة بجرعات تنويرية محسوبة بدقة من اجل نهوض وتثقيف وتنويرتلك الشعوب بخلوص نيّة إيمانا باهمية خدمة العالم الإنساني وأن هذا العمل المخلص من شأنه ان يطلق القدرات الكامنة في مقام الإنسان وتكشف عن مافُطِرعليه من نفيس الجوهر.