نبيل المقدس
قبل ثورة 23 – يوليو – 52 إمتدادا لعصور مصر القديمة كانت تُقام كل سنة في موسم حصاد القمح إحتفالات كبيرة لكل قرية , تصل إلي الروعة والجمال .. لدرجة أن الحكومة كانت تُنصب فتاة يتم إختيارها ويلقبونها بملكة القمح . تظل هذه الإحتفالات مبتهجة طوال الليل .. وفي الصباح تخرج من كل قرية مواكب القمح تتهادي في طرقاتها , وفي مقدمتهم " ملكة القمح" تتصدر المسيرة وهي جالسة علي عرش القمح .. ومن طرائف هذه الإحتفالات أنه تم إقامة مسابقة " شد الحبل "بين فلاحي القرية والسادة المدعوين من المدن , وإنتهت المسابقة بفوز الفلاحين .. وعندئذ تعالت الهتافات " تحيا البصل والفجل , وتسقط المكرونة بالباشامِل " . هذه الإحتفالات التى كانت تقام كانت بمثابة تشجيع للفلاحين علي بذل الجهد الأكثر , وإظهار المكانة المميزه للفلاح التى كانت تقدره الدوله فى جميع الأوقات وتحتفل بإنتاجه من المزروعات الهامة التي يحتاجها كل مصري .
لكن توقفت هذه الإحتفالات بعد ثورة 52.. بسبب إنهيار معدل الأراضي الصالحة للزراعة حتي كادت جميعها تتحول إلي أراضي بور نتيجة طمع بعض الفلاحين في تصقيع الأرض لبيعها وتحويلها إلي أراضي بناء علي يد طبقة شريرة ظهرت علي الساحة بدلا من باشوات هذا الزمان .. ومما زاد الطينة بلة عجز وصول الطمي الذي يعطي للأرض مميزات عظيمة , وهذا بعد بناء السد العالي مما أعاق سريان الطمي المحجوز خلف السد أن يصل بنفس الكمية التي كانت قبل بنائه . ولا ننسي أن زيادة النسل بطريقة عشوائية جعلت الناتج من زراعة القمح لا تكفي هذا الشعب الذي يتكاثر كألأرانب بسرعة .
بدأت زراعة الغلة عموما في الإنتقاص , مما جعلت الحكومات المتوالية تلجأ إلي إستيراد القمح من الخارج , وكان ذلك سببا في عجز الميزانية ,, وبناء عليه إنحدر التعليم وتهلهلت الصحة وتوقفت بعض الصناعات .. ستة عقود من زمنك يا مصر لم يخرج علينا رئيسا حكمك تنبه قصدا أو عفوا لهذه المشكلة .
بعد ثورة 30 – 6 – 2016 ونجح الشعب بطرد قوي الشر وتنصيب السيسي زعيما لهم . إتخذ السيسي سياسة حل المشاكل من جذورها , ورفض حلول الوسط في حلة أزمات الشعب المصري .. فبني سياسته علي إقامة المشاريع الكبيرة لكي يفك شفرة المشكلة المزمنة وهي البطالة والتضخم .. فتوجه إلي مشروع مليون فدان ونصف .. وبدأ التنفيذ السريع في الإنتهاء من إستصلاح عشرة ألاف فدان في قرية الفرارة , وتم زراعتها , وكان أول إنتاج لهذه المساحات هو القمح الذي حرمنا من متعة أعياد الحصاد .
شهد الرئيس السيسي أول يوم حصاد لهذه المساحة .. وكانت فرحة الفلاحين عظيمة .. بل مصر كلها .. فهذا اليوم فكرنا بأيام زمان والتي تظهر بصماتها في الأفلام القديمة " أبيض وإسود" .. ولا ننسي أغنية " القمح الليلة " لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في أغنيته التي باتت ذكري جميلة للأيام السابقة .. وخطت بل صنعت جزءاً من تاريخ مصر لا يمكن نسيانه أو إخفائه. لذلك أهتف وأصرخ إلي الشباب أن يقوموا من ثباتهم , وأن يتقدموا للعمل .. فقد جاءت الفرصة فإنتهزوا هذه الفرصة لكي تصبحون من ذوي أصحاب المال .. وتتحقق الأحلام التي طال إنتظاركم لها.
تعالوا بنا جميعا نردد مع محمد عبد الوهاب :
القمح الليلة ليلـــــــة عيده ...... يا رب تبـــــــــارك و تزيده
يا رب تبارك و تزيده
لولى و مشبك على عوده ...... و الدنيا وجودها من وجوده
عمره ما يخلف مواعيده ...... يا رب تبارك و تزيـــــــــده
يا رب تبارك و تزيده
يَحْمَدُكَ الشُّعُوبُ يَا اَللهُ. يَحْمَدُكَ الشُّعُوبُ كُلُّهُمْ. الأَرْضُ أَعْطَتْ غَلَّتَهَا. يُبَارِكُنَا اللهُ إِلهُنَا. يُبَارِكُنَا اللهُ، وَتَخْشَاهُ كُلُّ أَقَاصِي الأَرْضِ. مزمور 67 : 5 – 7 ... أمين !!