حاولت مرارا أن أتحاشي التعرض لعوامل تشكيل الرأي العام في بلادنا سواء كانت الانفلات الإعلامي أو شيطان مواقع التواصل الإعلامي, وذلك لأني راهنت علي الشريحة المتعلمة في مجتمعنا باعتبارها محصنة ضد الانزلاق وراء الشائعات, لكني أعترف أنني خسرت الرهان وثبت لي بقدر مقلق جدا أن هذه الشريحة لم تعد محصنة بل علي العكس هي مندفعة لابتلاع المعلومات المغلوطة دون أدني قدر من الحرص علي التحقق مما يلقي في جعبتها من معلومات.. ودعوني أعترف أيضا أن هذا العرض والمرض أصاب حتي زملائي المحررين الصحفيين الذين دأبوا علي إثارة قضايا وأمور غير مدققة في اجتماعاتنا التحريرية استدعت في كثير من الأحيان تذكيرهم بالاحتكام إلي الوقائع المحققة قبل الخوض في إرسالها إلي القارئ المتلقي.. وتلك هي المسئولية المهنية للصحفيين والإعلاميين.. فماذا عن المواطنين العاديين الذين لا يملكون سبل تدقيق جرعة المعلومات التي تصلهم؟!!
مشكلتنا اليوم تكمن في انفتاح الفضاء الإعلامي والمعلوماتي بدرجة مخيفة أصبحت متاحة للكافة بمجرد ضغطة إصبع علي مربع صغير في تليفون محمول.. لكن يظل الضرر مرهونا باستسلام المتلقي لما يتلقاه من معلومات وترحيبه بها دون التشكك فيها أو محاولة تدقيقها, بل واندفاعه نحو نشرها ودعوة الآخرين لمشاركته فيها بطريقة تفضح تباهيه بكونه مصدرا لها!!!
تلك الظاهرة استمرت في فرض نفسها علينا لفترة طويلة لكنها أقلقتني مؤخرا لارتباطها بشريحة محسوبة علي مجتمعنا بالمتعلمين والمثقفين.. قد نعذر ضحاياها من البسطاء والعاجزين عن تحري الحقيقة لكن ما العمل وضحاياها من القادرين علي التشكك والتفتيش عن الحقيقة؟!!.. وإليكم مثالا صادما لما أقول:
المتابعون للأحداث التي تبوأت صدارة نشرات الأخبار في بلادنا الشهر الماضي عرفوا عن زيارة سريعة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقاهرة بتاريخ 20 أبريل الماضي حيث توقف في بلادنا في طريقه للانضمام إلي الرئيس الأمريكي أوباما في زيارته المهمة بتاريخ 21 أبريل للعاصمة السعودية الرياض لحضور قمة أمريكية خليجية تعقد لمناقشة مستقبل الشراكة السعودية الأمريكية.. ومعالجة الملفات الساخنة التي تتعرض لها هذه العلاقات.. جون كيري توقف في القاهرة حيث التقي الرئيس السيسي وكان اللقاء وديا صرح بعده المتحدث باسم الرئاسة بأن السيسي أكد علي العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين مصر والولايات المتحدة,كما أن كيري أكد التزام الولايات المتحدة بدعم استقرار مصر وتعزيز العلاقات معها مؤكدا أن مصر تعد شريكا مهما لبلاده التي تدرك أهمية مصر ودورها المحوري في المنطقة باعتبارها ركيزة أساسية للسلام والاستقرار.. كما أكد كيري علي حرص بلاده علي مساندة مصر من أجل التغلب علي ما تواجهه من تحديات أمنية واقتصادية ومكافحة الإرهاب.
هذا ما نقلته نشرات الأخبار وما يتسق مع تطور العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية ويتواءم مع اللقاءات والزيارات المتتابعة خلال الستة شهور الماضية بين القيادة المصرية وممثلي الكونجرس الأمريكي وقيادات الأركان للعسكرية الأمريكية!.. لكن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها رأي آخر تولي ترويجه مستهلكو تلك المواقع متباهين بأنهم يعرفون الأسرار الخفية التي لا يعرفها الكافة!!!.. وأنا إذ أنشر ذلك هنا بالتفصيل أقدمه ليس للإسهام في ترويجه- فناقل الكفر كافر أيضا!!- لكني أقدم نموذجا صادما لما يمكن أن يعيث فسادا بالعقل المعطل عن التقييم وما يمكن أن يضلل الرأي العام.. هذه عينة مما يلقي في جعبتنا من سموم وما نبتلعه ونروجه بادعاء المعرفة!!.. وأنا أنشره هنا كما وصلني من أكثر من مصدر يؤسفني أنها كلها تنتمي إلي الشريحة المتعلمة المثقفة في هذا البلد.. وأنشره دون تدخل مني حتي في ضبط ركاكة الكتابة والأخطاء النحوية والمعلوماتية التي تعتريه:
كما وصلتنا
عاجل.. عاجل.. عاجل
نقلا عن مصادر مطلعة
* عرفتوا ليه يا شعب مصر الوطني جون كيري كان هنا في مصر وليه تم إلغاء المؤتمر الصحفي بين السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي وجون كيري.. عشان طلب من الرئيس السيسي ست شروط لابد أن تنفذ وإلا سوف يتم معاقبة مصر.. الشروط هي:
1- تأجيل تنفيذ إتفاقية الجزيرتين تيران وصنافير وبالتالي وقف الجسر.
2- الموافقة علي رجوع الإخوان من الخارج.
3- خروج المسجونين في قضايا سياسية من السجون.
4- التخلي عن طلب مصر تدعيم جيش ليبيا الوطني وإمداده بالسلاح لكي يحارب هو الإرهاب علي أرضه.
5- القفل النهائي لقضية التمويل الأجنبي والتي هي جزء من القضية رقم 250 حصري أمن دولة عليا.
6- عدم ترشح السيسي لفترة رئاسة أخري بعد انتهاء مدته أو الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة.
* العقاب الذي سيلحق بمصر إذا لم يتم الموافقة علي هذه الشروط:
سوف يتم التصعيد الدولي لقضية جوليو ريجيني وطرح القضية علي المحكمة الدولية, وسوف يستصدروا حكم ضد مصر, وبناء علي هذا يتخذ مجلس الأمن قرار بعقوبات مشددة علي مصر, عشان كدا أوباما في انجلترا للاتفاق مع لندن والتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وطبعا بإيعاز من إسرائيل ولترتيب المخطط.
* عرفتوا أوباما طلب إيه من الملك سلمان؟.. طلب عمل قوة عسكرية خليجية للدفاع عن الخليج بعيدا عن مصر.. عرفتوا محاولات الوقيعة؟
أرجو الجميع شير لأوسع نطاق لكي يعرف الجميع.
* * * هذا مثال صادم لما يمكن أن يلقي في وجوهنا من معلومات كارثية مغلوطة لتشويه بلادنا وأمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية.. لكن الكارثة الحقيقية ليست في المخططات الشريرة التي تحاك ببلادنا فتلك متوقعة ومفهومة.. إنما المشكلة في شريحة المصريين المتعلمين والمثقفين المتلقين لتلك المخططات والذين يتولون ترويجها متباهين بأنهم يعرفون أسرارا صادمة ويقومون بترويجها لمصلحة الوطن.. وهم لا يدرون أنهم بعدم تمهلهم وبعدم اكتراثهم بالتفتيش وراء الحقيقة إنما يدمرون هذا الوطن.. سامحهم الله.