لم يكن انتصار نور الشربينى انتصاراً لفتاة إسكندرانية تحب رياضة الإسكواش فحسب، ولكنه كان انتصاراً لكل بنت مصرية أوهمها مجتمعها المريض ذات يوم بأنها كائن زائد على الحاجة، مجتمع يتعامل معها على أنها عورة تمشى على قدمين، مجتمع يكبتها ويسجنها ويقمعها بحجة الحفاظ على الأخلاق وتحت شعار عدم الأهلية ونقصان العقل والدين، بقدر ما فرحت بمشهد الفراشة المصرية الجميلة الملونة وهى تتألق وتحلق فى ملعب الإسكواش الزجاجى وتضرب بمضربها كل دعاوى الرجعية والتخلف، بقدر ما تذكرت كل البنات المصريات اللاتى وقف الأهل ضدهن لكى لا يستكملن رياضتهن المحببة، وتساءلت كم بنت مصرية عنَّفها أبوها على ممارسة السباحة وأقسم عليها ألا تنزل حمام السباحة ثانية خوفاً من الفضيحة لأنها صارت أنثى؟!، وكأن الأنوثة فضيحة!!، لاعبات كرة سلة وطائرة اعتزلن وهن على وشك إحراز البطولات، كم من بنات فريق الباليه المائى أو الجمباز صرخت فى وجوههن الأمهات: «جلبتِ لنا العار ولازم تتحجبى وتقعدى فى البيت فى انتظار عدلك واستعداداً للعريس المنقذ الشاطر حسن»، لاعبات جودو اعتزلن نتيجة إصرارهن على وضع دبابيس الحجاب الممنوعة فى اللعبة، وكأن تلك الدبابيس من ضمن الفرائض الخمس!!، تحول الجسد عند البنت إلى تهمة، تحول من طاقة إلى سجن، انقلب من مصدر تفوق إلى مصدر شهوة، فرحة الناس بنور الشربينى هى فرحة باسترداد بهجة الجسد وطاقة التحدى الأنثوى، رأى الناس شعاع بهجة يتسرب من ثغرة فى آخر النفق المعتم، شاهدوا بنت نادى سموحة تخرج لسانها لـ«برهامى» ابن نفس المدينة، برهامى الذى أخرج فتوى فى نفس يوم انتصار نور الشربينى يحرم فيها لبس الصندل بدون شراب!!، نور الشربينى نقلت رسالة كل بنت مصرية لكل متخلف رجعى مهووس كتب يهاجمها على الفيس بوك، رسالة تحدثت فيها نيابة عن كل بنات مصر، بلسانهن بهمومهن بشجونهن، تقول انظروا إلى مضربى وهو يصوب الكرة بقوة وفن وإبداع وذكاء، ولا تنظروا كالضباع اللاهثة إلى تنورتى أو ساقى، انظروا إلى حبات العرق وهى تتساقط على جبهتى ولا تنظروا إلى تسريحة شعرى، من يذهب إلى ملعب الإسكواش أو التنس لكى يراقب أفخاذ اللاعبات ليس مكانه مدرج الملعب، ولكن مكانه عنبر الخطرين فى مستشفى المجانين!!.
نقلا عن khaledmontaser.com