لا جدال أن أصحاب الكلمة العليا اليوم على المائدة المصرية، هما الفسيخ والملوحة ومشتقاتها، ولا عزاء لأمثالي من لا يحبونها ولا يطيقون رائحتها، وكل التقدير لمن يرون في رائحتهما مسك ومذاقهما عسل، كل سنة وأنتم طيبون،س ودعوني أخذكم في رحلة سواء أكنت تحب أو تكره مع الفسيخ والملوحة.

أشهر مدن مصر في صناعة الفسيخ هي مدينة دسوق، وهو أكلة مصرية يتناولها المصريون موسمياً في عيد شم النسيم، وهي أيضا أشهر الأكلات الفلسطينية بقطاع غزة ويتناولها الغزاويون بعد الفطر صباحاً، بعد صلاة العيد كي يفتح شهيتهم بعد شهر من الصيام، ويحق لي هنا الاندهاش أي شيء بالفسيخ يفتح الشهية؟ وإن كانت رائحته في رأيي منفرة!  ولا جدال أن أول من صنع الفسيخ هم المصريون القدماء، وذلك في رأيي أمر يستحق الاهتمام، فكيف لصناع حضارة عظيمة كالحضارة المصرية القديمة أن يصنعوا مثل هذا الشيء إلا إذا كان حقاً مفيداً، وأنا أكتب هذا وأنا أعرف يقيناً أن من حولي سيستغلونها للضغط علي لتذوقه لكن الأمانة المهنية في السرد والتعريف بالفسيخ تدفعني إلى تحمل ما أثق في أني سأقوى عليه وأرفض اى ضغوط عائلية لأخذ حتة من الفسيخ المصنوع من سمك البوري، وكان ولم يزل الذين يصنعون الفسيخ يعرفون بالفسخانية لكن ثمة العديد من الأسر الآن باتت تصنعه في بيوتها هرباً من حالات التسمم والأكلات الفاسدة التي أدت لتسمم كثيرين، وربنا يستر، وإن كنت لا أفهم كيف لسمك أراه متعفن من رائحته يسمم ناس ولا يسمم الآخرين مش فاهمها بصراحة، ودعني أرصد مع حضرتك بعض الأعراض الجانبية لأكله، فهو يؤدي لارتفاع ضغط الدم إذا زادت الملوحة في صناعته ولذا لا ينصح به لمرضى ضغط الدم إلا إذا كنت عامله بيدك في البيت وتضمن نسبة الملوحة به أو جربت في حد قبلك، ونتيجة لتعرضه للتلوث أثناء تجهيزه تنشط الميكروبات التي تفرز سموما تؤثر علي الجهاز العصبي، وهى عبارة عن زغللة في العين وازدواجية في الرؤية, وجفــاف بالحلق, وصعوبة في الكلام والبلع, وضعف بالعضلات تبدأ بالأكتاف والأطراف العليا وتنتقل إلى بـــاقى الجسم بالإضافة إلى ضيق بالتنفس وإذا لم يتم وضع المريض على جهاز التنفس الصنـــاعى تكون حياته معرضة للخطر وقد تصل إلى الوفاة، وذلك بالإضافة إلى أعراض التســمم الغذائي التي قد تحدث مثل القئ والإسهال والغثيان، المغص الحاد وارتفاع درجة الحــــــرارة أحيانا. وفي حالة شعور أي شخص ببداية تلك الأعــــــراض يجب عليه التوجه فورا إلي أقرب مستشفي لأخذ المصل المضاد وربنا يكفينا شر التلوث والتسمم والأعراض السابقة والفسيخ نفسه 

أخيراً عزيزي القارئ، كل سنة وأنت طيب، ها أنا رصدت لك رحلة الفسيخ وألتقيك السنة القادمة مع شم النسيم برضه لنكمل رحلتنا مع نظيرة الفسيخ وهي الملوحة، لنعرف إن كان لها نفس الأعراض الحلوة والخطرة؟ هل تصنع من نفس الأسماك؟ وأرجو من الله أن تقرأوا هذا المقال قبل الاشتباك مع ذلك السمك البوري المفسخ.

المختصر المفيد ألف هنا وشفا.