محمود بسيوني 

 
مع معايدة الأخوة المسيحيين بعيد القيامة المجيد ، وجدتني أقف كثيرا مام معنى كلمة القيامة بمعناها الاشمل الذى يمكن ان ينسحب من العيد الى قيمة توحد الشعب المصري وتعطيه دفعه للقيام مرة اخرى بدورة التنويري التاريخي سواء في محيطة الإقليمي او على مستوى العالم .
يحتاج المجتمع المصري الى القيام من وضع الركود ، الى التقدم من وضع التخلف ، كما يتوق ايضا الى التسامح من وضع التعصب والى التراحم من وضع التفسخ ، يبحث المصريون عن وسيلة للهروب من وضع التدهور و الانحطاط .
لا ابحث هنا عن الاسباب فهي كثيرة ومتعددة ، معظمها من صنع المجتمع ومؤسساته وحكوماته المتعاقبة ، فغياب العدل والرحمة والمساواة والاحترام وشيوع الفساد والنهب والتعصب والجهل والتحرش تشارك فيها الجميع بنسب ، منها ما يجهز ومنها ما سايره الناس ، فما كان غير مقبول أصبح مقبولا في مجتمع تمرس على القبح واحتفى بالثقافة الهابطة والفن الرديء وأخلاق العشوائيات .
من اين نبدأ ..
صلاح الفرد من صلاح المجتمع ..القاعدة الاولى لأى اصلاح يمكن ان نفكر فيه للمجتمع ، تأمل تلك المعاني التي غابت وكانت السبب في وضعنا الحالي . 
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : «إن أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا وألطفهم بأهله»، وروي عنه صلى الله عليه وسلم  «لا تحقرن ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» وقال في حديث أخر «وخالق الناس بخلق حسن» .
و دعا السيد المسيح فى موعظة الجبل البشر وقال " أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ و أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ "
وعرف البابا تواضروس بابا الاسكندرية وبطريك الكرازة المرقسية القيامة على مستوى المجتمع بانها ثقافة الحياة وعبور الإنسان من حالة التمرد والتمزق والتفرق أو التشتت إلى حالة المحبة الاخوية لكل إنسان في اطار التعاون المثمر من اجل الوطن الواحد. 
ويرى ان المجتمع يحتاج أناس يهبون حياتهم من اجل البذل والتضحية وإنكار الذات التي يستطيعون بها غزو قلوب فاعلي العنف على كل مستوى وفى كل مكان فاذا أراد الانسان ان يكون له مكان في قلب الله، عليه ان يعمل سلاماً وصلحاً ويكون بالفعل وسيلة حقيقية لنشر السلام بين البشر اينما حلوا.
كما اوضح الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر في خطبته امام البرلمان الألماني أنَّ البِرَّ الذي هو قِمَّة الأدب والإحسان مع الوالدين، مطلوب هو بعينه مع من يسالمنا ولا يقاتلنا، وأن القسط والعدل والوفاء هو خُلق المسلم مع أخيه في الإسلام وأخيه في الإنسانية سواء بسواء.
ما سبق معانى طيبة غرستها الاديان في الانسان تتمحور حول تهذيب اخلاق البشر، واول ما يظهر من البشر هو كلامهم ومن هنا تأتى اهمية الكلمة و وخطورة ما ينقله اللسان سواء من اخلاق او فحش ، فلقد اختفت الكلمة الطيبة وحل محلها السباب والشتائم ، في الشارع ، في المواصلات العامة وحتى على صفحات التواصل الاجتماعي ، اختفى الادب واصبحت " قله الادب " هي السمة المعبرة عن المجتمع المصري في السنوات الاخيرة ، انفجار اطاح بالأدب والذوق في التعامل بين الناس الا من رحم ربى . 
وتسبب اختفاء الكلمة الطيبة التي هي كما قال تعالى "﴿  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم: 24-26]
اذكركم واذكر نفسى بخطورة الكلمة ، قبل ان تنطقها او تكتبها انظر الى اين ستأخذك انت ومستمعك او قارئك وتدبر ما قاله الاديب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي في رائعتها الحسين ثائرا :
 
تعرف ما معنى الكلمة؟
مفتاح الجنة في كلمة
دخول النار على كلمه
وقضاء الله هو كلمه
الكلمة نور ..
وبعض الكلمات قبور
وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري
الكلمة فرقان بين نبي وبغي
بالكلمة تنكشف الغمة
الكلمة نور
ودليل تتبعه الأمة .
عيسى ما كان سوى كلمة
أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين
فساروا يهدون العالم ..
الكلمة زلزلت الظالم
الكلمة حصن الحرية
إن الكلمة مسؤولية إن الرجل هو كلمة،
 شرف الله هو الكلمة .