rt | الثلاثاء ٢٦ ابريل ٢٠١٦ -
٠٢:
٠٢ م +02:00 EET
نصب تذكاري للضحايا المشاركين في احتواء كارثة تشيرنوبل بمدينة سلافوتيتش بأوكرانيا
شهد العالم في 26 أبريل عام 1986 أكبر كارثة تقنية نووية في التاريخ. حدث ذلك في المحطة الكهرذرية في تشيرنوبل بأوكرانيا، حيث دارت لأشهر معركة رهيبة بين الإنسان وخصم مرعب خفي.
فجر ذلك اليوم الباكر، في محطة تشيرنوبل النووية لتوليد الكهرباء الواقعة على مسافة 110 كليومترات من العاصمة الأوكرانية كييف، وعلى مبعدة 16 كيلومترا فقط من حدود بيلاروس، خرجت فجأة الأشعة النووية القاتلة من عقالها، وارتفع 190 طنا منها إلى السماء في سحابة هائلة سامة في تحد للحياة برمتها على الأرض.
بدأت كارثة تشيرنوبل بحدوث عدة انفجارات في قلب المفاعل الرابع، أعقبها حريق هائل تسبب في تدميره بالكامل، وأدى إلى تلوث البيئة المحيطة بالأشعة السامة، وإلى خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، ومضاعفات خطرة من الصعب تقدير فداحتها.
وكان يمكن لتلك الكارثة أن تكون أشد فتكا وأكثر مأساوية لولا تضحيات وبطولات أولئك الذي تصدوا لمواجهة الخطر، وقاتلوا لأشهر خصما فتاكا غير مرئيا، ودفع الكثير منهم حياته لمحاصرته ودفن سمومه.
في بيئة موبوءة بالأشعة القاتلة، عملت مجموعات ضخمة من مختلف التخصصات لإطفاء حريق المفاعل الرابع، ومن ثم دفنه تحت الرمال والخرسانة المسلحة، وتمكن أفرادها من منع وصول النيران إلى المفاعلات الأخرى في المحطة، بل ونجحوا في القضاء على نحو 92% من آثار هذه الكارثة المدمرة.
والأرقام هنا بذاتها تتحدث عن حقيقة المعركة المرعبة التي واجه فيها قبل 30 عاما أكثر من 600 ألف شخص من مختلف أرجاء الاتحاد السوفيتي "الأشعة النووية الفتاكة".
تجلت أهمية تلك المعركة الجسورة في أنها دارت مع خصم شرس خفي يتجول بحرية ناشرا موتا عاجلا وآخر آجلا، مهددا الجميع، القريب والبعيد.
ويمكن تصور حجم الخطر القاتل في تلك الملحمة الفريدة من خلال معرفة أن التلوث الإشعاعي في تشيرنوبل فاق مثيله في هيروشيما 600 مرة.
الدمار في مفاعل تشرنوبل الرابع بعد أربعة شهور من الكارثة
من بين أولئك الذين دخلوا في صراع رهيب مع الأشعة الفتاكة في تشيرنوبل، فقد حياته 2920 شخصا، وتسببت الكارثة ومضاعفاتها إجمالا في مقتل 167653 شخصا، فيما عانت أعداد كبيرة أخرى من المتضررين من أمراض مختلفة بسبب التلوث الإشعاعي، وظل الكثيرون من سكان المنطقة المنكوبة ومن فرق مكافحة الكارثة يحملون أكفانهم سنوات طويلة وهم يصارعون ما علق بأنسجتهم من تلك الأشعة المهلكة.
وتلقت فرق الطوارئ بمحطة تشيرنوبل، بطبيعة الحال، صدمة الاشعاع الأولى، حيث قتل في اليوم الأولى للكارثة 24 شخصا من أفرادها، إلا أن هذا الموت الزؤام بكل صوره المرعبة لم يُوقف الآلاف من رجال الإطفاء والطيارين والخبراء من الاندفاع في مواجهة الخطر والانتصار في معركة فرضت عليهم من دون سابق إنذار.
ويمكن الإشارة إلى أن رجال الإطفاء وطياري المروحيات كانوا من بين أهم فرق مواجهة كارثة تشيرنوبل، إذ كان على رجال المطافئ أن يخمدوا الحريق في المفاعل الرابع، وأن لا يسمحوا للنيران أن تمتد مهما كلف الثمن، فيما عملت طواقم المروحيات "مي – 8" و"مي "26" ليل نهار على رصد الإشعاعات النووية، ومراقبة الأوضاع فوق المفاعل على علو منخفض، وتنفيذ عشرات الطلعات يوميا في قلب سحابة الأشعة المميتة لرمي أطنان من الرمال والطين لسد الصدوع في المفاعل، ومنع تسرب المزيد من الأشعة.
أحد طياري المروحيات الذين ساهموا منذ الأيام الأولى للكارثة في المعركة ضد الإشعاعات القاتلة قال إنه ورفاقه كانوا يعرفون انهم يواجهون موتا محققا وخطرا رهيبا ومفزعا، بما في ذلك المضاعفات التي تهدد الحياة لاحقا، مشيرا إلى أن "الأطباء نصحونا بعدم الإنجاب في غضون 10 سنوات.. لكن لم يكن لدينا خيار آخر، نحن قمنا بواجبنا، كنا جنودا لوطننا الذي تعرض لظرف عصيب".
بمثل هذه الروح من الاستعداد للتضحية والفداء والاندفاع في قلب الخطر لمنع هذا الخصم الخفي والقاتل من أن يتجاوز حدود المنطقة المنكوبة، تمكنت فرق مكافحة كارثة تشيرنوبل من الصمود في امتحان عسير، ونجحت بتضحيات كبيرة في السيطرة على الأشعة المهلكة والقضاء على آثارها المرعبة، والانتصار في معركة مع الأشعة الخفية القاتلة التي خرجت عن السيطرة واختبرت من جديد إرادة الحياة في الإنسان.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.