الأقباط متحدون - أسقف المنيا : لماذا يعشق البعض الميكروفون في الصلاة وينسي ما يفعله بالناس
أخر تحديث ١٣:٢٦ | الاثنين ٢٥ ابريل ٢٠١٦ | ١٧برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٠٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

أسقف المنيا : لماذا يعشق البعض الميكروفون في الصلاة وينسي ما يفعله بالناس

نيافة الانبا مكاريوس أسقف المنيا العام
نيافة الانبا مكاريوس أسقف المنيا العام

محرر المنيا

قال نيافة الانبا مكاريوس اسقف المنيا وابوقرقاص العام فكرت كثيرًا لماذا يحب البعض "الميكروفون" إلى درجة العشق؟!... رغم أنه كثيرًا ما يستاء المصلّون من صوته المرتفع، مما قد يخرجهم عن التركيز في الصلاة والاستمتاع بها، ولا سيّما إذا كان صوت الممسك به مزعجًا غير مريح، وفي الصعيد لا يقولون فلان صوته جميل وإنما "حسّه"جميل، أي إحساسه. يحب الناس أن يسمعوا القارئ والمرتل يصليان لا يؤديان فقط، فقد يكون اللحن سليمًا من جهة تركيبه وجمله الموسيقية، ولكنه يخرج من فم الذي يرتله ممزقًا منفّرًا لا علاقة له بعبادة أو تخشُّع.
 
اضاف الاب الاسقف أحيانًا يحب الشخص أن يسمع صوته هو مالئًا الدنيا ومدويًا في أرجاء الكنيسة، لعله يُعجب السامعين، مثله في ذلك مثل الذين يحبون الكاميرا والظهور، وهؤلاء وأولئك يحبون مجد الناس بل وقد يستجدون المديح والكرامة، والعجيب أن كثيرين من أولئك دون المستوى المطلوب لإمتاع الآخرين، ومع ذلك فهم يحبون الميكروفون حبًا جمًا، يضعونه وكأنه في أفواههم وليس أمامها !
 
تابع ولكنّ المصلين يستمتعون بحق متى سمعوا خورسًا كاملًا، مثلما يسمع الإنسان طغمة من الملائكة، وإن كان الفرد الواحد يبغي مجدًا فليعلم أن مجد الخورس كله يُحسٓب للفرد الواحد متى كان مُتآلفًا مع الآخرين. وكلّما استطاع قائد التسبيح صهر الشعب معًا ليختفي صوته بينهم، كلما نجح في مهمته "ليكون الجميع واحدًا" مَثَلهم في ذلك مَثَل حبة التين والتي هي عبارة عن آلاف من الحبيبات الصغيرة، فإنه لا يمكننا أن نأكلها حبة حبة، بل تكمن لذتها في أن تؤكل الثمرة كلها معًا. إن من كان متضعًا يختفي خلف الكل ويطلب مجد الله لا مجد الناس لأنه مكتوب: "مجدًا من الناس لست أقبل" ..
 
اوضح الاسقف العام في مثل هذه الأيام كذلك، اعتادت الكناس أن تُفاجأ بفرق من محبي البسخة، ومن المبهج بالطبع أن يحضر الجميع في هذه المناسبة الفريدة ولكن بغرض الاشتراك ونوال البركة، لا بغرض أن يعرضوا ألحانهم وتسابيحهم، وقد يختلفون ويتنافسون مع من بالكنيسة حول أسبقية الأداء أو طريقته، وقد ينشغلون بذلك عن العبادة والتأمل في أحداث الأسبوع والتخشع فيه.
 
اشار يشعر المستمعون أحيانا بأنهم "يُعذَّبون" من خلال طريقة الأداء وكأن الممسك بالميكروفون إنما "يجلدهم جلدًا"... لا سيما في بعض مواضع من القداس الإلهي والتي يمكن أن يُطلق عليها "مناطق الاستعراض"، كما يستاء المصلون من تنقُّل الميكروفون من واحد لآخر بنوع من المجاملة وعليهم أن يحتملوا ضعفهم!.
ومن الاستخدامات السيئة للميكروفون كذلك، هو جعله منبرًا لتصفية الحسابات، وإرسال رسائل خاصة للبعض، لا سيما إذا كانت الظروف تعطي الشخص المسئول الفرصة لاستخدام الميكروفون دون الآخرين من الشعب، ولكن ليس في هذا أيّ شيء من النبل أو العدل، وهذا هو الفرق بينه وبين عامة الشعب وفي هذا عدم تكافؤ للفرص.
 
كذلك يجب الانتباه جيدًا لما يُقال أمام الميكروفون، علينا أن نحترم الميكروفون، فهو ليس مجرد قطعة من الحديد!، بل هو أشبه ما يكون بـ "كائن حي"، لأنه يذيع ويخاطب الكثيرين، يجب أن نحترمه جيدًا فكل كلمة محسوبة، نتكلم بما يليق، وهناك أشياء يمكن أن تُقال ولكن ليس أمام الميكروفون، مثل الذي ينشر مقالا أو صورًا. ويعاتبوننا الآن بسبب أن الكثيرين تجرأوا على المنابر، مع أنها كانت للعظماء فقط ومن يليق بهم هذا الشرف العظيم.
 
كذلك يتململ السامعون من الإسهاب الشديد من جهة الممسك بالميكروفون، فهو لا يريد أن ينهي الحديث المسهب الطويل، والذي قد يكون بلا مضمون يستحق الانصات بصبر، أي ليس على مستوى أن يحتمله السامع، لابد وأن يراعي المرنم أو المتكلم مشاعر من يسمعونه سواء من جهة الوقت أو الازعاج او احترام عقلياتهم.
 
سمعت من كثير من العظماء المشاهير كيف أنهم ظلوا يهابون الميكروفون ولم يتجرأوا عليه حتى آخر يوم لهم، فهم يشعرون أنه مسئولية كبيرة، بعضهم كان يرتعد قبيل الوقوف أمامه، والبعض الآخر كانوا يراجعون أنفسهم كثيرًا قبل المثول أمامه وكأنهم يمثلون أمام شخص عظيم يخشون التلعثم أمامه، فالكلمة التي تُقال أمامه لا يمكن استعادتها أو تغييرها، ربما يمكن الاعتذار عنها أو عدم تكرارها، ولكنها خرجت.. والآن كل شيء يُسجَّل ويُحسَب للقائل، أو يُحسَب عليه.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter