د.ماجد عزت إسرائيل
جاء داود النبي (1049 ق.م) فأسس "مدينة القدس" والتي أطلق عليها "مدنية داود" وجعلها عاصمة للبلاد وفي سنة 1000 ق.م، بعد انتزاعها من اليبوسيين، وشيد ابنه الملك سليمان الهيكل وبعد وفاته انقسمت مملكته على نفسها إلى قسمين: مملكة إسرائيل وتقع شمالاً واتخذت "السامرة" عاصمة لها، ومملكة يهوذا وتقع جنوباً واتخذت "القدس" عاصمة له، ودامت مملكة إسرائيل من سنة (930 – 721 ق.م) حين سقطت عاصمتها بأيدي أعدائها فدمرت ونفي أهلها، بينما بقيت مملكة يهوذا حتى دمرت عاصمتها القدس وأسقطت أسوارها وهدم الهيكل على يد نبوخذ نصر ملك بابل (سنة 586 ق.م) وسبي أهلها إلى بابل سنة 587 ق.م، بعد تدمير المدينة اتجهت نية ذوى العزائم منهم إلى إعادة بنائها، وربما احتفظوا ببعض المظاهر الخارجية لعبادة الرب في موقع الهيكل.
ولما تبوأ كورش عرش الفرس 538 ق.م، وأصبح سيداً على الإمبراطورية البابلية، أصدر أوامره بإعادة معابد الآلهة الأشورية والبابلية، وأذن لليهود بالعودة إلى بلادهم وبناء معبدهم، وقد عاد أكثر من أربعين ألفاً بقيادة "شبيشبصر" رئيس يهوذا حاملين آنية بيت الرب المقدسة. واستؤنفت مراسم الصوم والصلاة والاحتفال بالأعياد ،وتأخر استكمال البناء عشرين عاماً لمعارضة السامريين لهم أي نحو عام 516 ق.م، وكرس "نحميا" نفسه 52 يوماً لإعادة بناء أسوار المدينة.
وعندما اجتاح الأسكندر الأكبر سنة 332 ق.م شرقي البحر المتوسط، بما فيه فلسطين وأستولى عليها، خرج اليهود لاستقباله خارج المدينة يتقدمهم الكهنة، لابسين حللاً بيضاء وراحوا يتضرعون طالبين العفو منه، فلم يبطش بهم، وأقر عاداتهم، وأسقط عنهم دفع الجزية وسمح لهم بسك النقو.
وبعد وفاة الإسكندر عام (323 ق.م) اقتسم قواده الملك: فأخذ (سلوقس) سورية، وأسس فيها دولة السلوقيين، وأخذ بطليموس مصر، وأسس فيها دولة البطالمة، وكانت القدس من نصيبه. وعانت المدينة نظراً لموقعها ما بين الملكين صراعات عديدة، انتهت بتقسيم الجزية بينهما، حتى سنحت الفرصة لروما سنة 63 ق.م بالتدخل فاستولت عليها بقيادة "بومبي" وقد عين يوليوس قيصر سنة (47 ق.م) "أنتيباترا" والياً على فلسطين، وجعل أنتيباترا أكبر أبنائه "فاسيليوس" حاكماً على "القدس" وعهد إلى أصغر أبنائه "هيرودس" بحكم الجليل.
وتعاقب الحكام على المدينة إلى أن جاء هيرودس عام (37 ق. م) وتمكن من إقناع روما بإخلاصه وولائه فنصبوه ملكا على اليهود حتى سنة (4 ق. م)، وكان رجلا قاسيا عنيفا، يفعل أي شيء في سبيل الوصول لغاياته، لدرجة أنه قتل زوجته وثلاثة من أبنائه.
واستطاع هيرودس إعادة بناء الهيكل وشيد في أورشيليم قصورا ضخمة، وأقام أربعة أبراج في أركانها الأربعة، وأطلق عليها اسم "أنطونيا" تخليدا لولي نعمته أنطونيوس قيصر، وفي أواخر أيامه ولد السيد المسيح في بيت لحم.
وبعد وفاته تولى هيرودس أرخيلاوس والياً على اليهودية من سنة (4 ق.م حتى 6م)، وبعدها تعاقب على حكم البلاد وكلاء رومان، وكان من بينهم بيلاطس البنطى (26 – 36م) الذي حكم على السيد المسيح بالصلب في يوم الجمعة 30م. وكان على عرش روما يومئذ الملك طيباريوس قلوديوس. وظلت العلاقات بين الرومان واليهود متوترة طوال العهد الروماني، وتعرض اليهود للعديد من الاضطهادات.