الأقباط متحدون - كيف يُفقد الرئيس نفسه شعبيته
أخر تحديث ٢٠:٢٥ | الخميس ٢١ ابريل ٢٠١٦ | ١٣برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٠٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

كيف يُفقد الرئيس نفسه شعبيته

نعيم يوسف
سألني باندهاش: لماذا تُعارض الرئيس رغم أنك أيدته وانتخبته؟.. حينها راودتني أفكار كثيرة، إلا أنني حاولت قدر الإمكان الاختصار وقلت له: ليس معنى أنك انتخبت شخصًا ما ألا تعارضه قط، فهذه من شيم القطيع، أنا أختلف مع أصدقائي ومن أحبهم من المقربين لي فما بالك بالرئيس؟!؟!.

تركني وذهب، بينما تراودني بقوة إجابة الكاتب الكبير توفيق الحكيم، في كتابه "عودة الوعي" الذي انتقد فيه التجربة الناصرية -بعدما أيدها بقوة لدرجة أن عبدالناصر نفسه اعتبره الأب الروحي لحركة 1952- حيث يقول "الحكيم": "كانت الثقة فيما يبدو قد شلت التفكير وسحرونا ببريق آمال كنا نتطلع إليها من زمن بعيد وأسكرونا بخمرة مكاسب وأمجاد فسكرنا حتى غاب عنا الوعي"، ثم يتساءل: "أهو فقدان الوعي أم حالة غريبة من التخدير؟".

كواحد ممن أيدوا السيسي بقوة، وأحد الذين مازالوا يحترمونه -ولا أنكر أعجابي به- تساءلت بيني وبين نفسي: كيف يُفقد السيسي نفسه شعبيته؟

يخسر الرئيس شعبيته عندما يتعامل على أساس أن حفنة من المهللين من حوله، هم الشعب المصري، وأن يقتنع بأن المعارضين له ما هم إلا مجموعة من الخونة الذين يريدون تدمير البلاد، وألا يستمع لأصوات الشعب بل يحاول جاهدًا إخراسها.

يخسر الرئيس شعبيته عندما يتعامل من منطق "الرئيس الأب" في وقت فقدت فيه "الأبوة الحقيقية" قدرتها على استيعاب البنوة، وسيطرتها على أجيال باتت بحكم الظروف الاقتصادية والتكنولوجية ثائرة حتى لو بدون قضية أو هدف.

يفقد الرئيس شعبيته عندما يعتمد على التقارير التي تؤكد له قدرة أجهزته على السيطرة على الأسعار، ويخرج ليتعهد أمام شعبه بأن الأسعار لن تزيد "مهما ارتفع سعر الدولار"، ولكن المواطن العادي الذي يشتري كل شيئ مرتفعًا لن يصدق حديث الرئيس، ويفقد شعبيته.

يخسر الرئيس شعبيته، عندما يتجاهل شعبه في قضايا مصيرية هامة، بل ويتعامل على أن هذا الأمر هو الطبيعي حتى تسير الأمور.

لا شك أن الأزمات الأخيرة، وأبرزها أزمة "جزيرتي تيران وصنافير"، كشفت عن وجود معارضة قوية للرئيس، وأنه من الصعب أن يسير على درب سابقيه من تجاهل الشعب، وعدم الإنصات لصوته، وإلا سيلقى نفس مصير سابقيه.

أستطيع القول بأن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، هي بمثابة "كامب ديفيد 2"، فقد فعلت في مصر كما فعلت اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها السادات، حيث قسمت الشعب إلى جزئين، وأصبحنا على وشك أن يخون الأخ أخيه لمجرد أنه يختلف معه في الرأي، فنحن شعوب لا نحترم اختلافنا، ولا نطيقه، بل نخاف منه ويرعبنا، ويسارع كل طرف إلى "تلبيس" الاتهامات الجاهزة إلى الأطراف الأخرى، فلديك الاستعداد الكامل لاتهام من تناولت وجبة الغذاء معه بالأمس بالخيانة!!.. فقط لأنه عارض توجهاتك!!

خطورة أخرى تُضاف إلى الوضع الراهن، وهي أننا أصبحنا مجتمع متعصب غير منصف، لا يرى في الوجود إلا لونين فقط هما الأبيض والأسود، وكأننا أصبنا بـ"عمى ألوان" أفقدنا قدرتنا على التمييز بين الاختلاف في وجهات النظر!! فإذا كنت مؤيدًا للرئيس فلا تناقش ولا تجادل وكل ما يقوله صواب، ويكون كل كلامك "نعم نعم"!! وإذا كنت معارضًا له فكل ما يفعله بالنسبة لك هو مشينًا ولا ترى منه إلا تصرفات سيئة، ولا تشجع ولا تساند ولا تؤيد أي مبادرة منه حتى لو كانت "خيرية"!!.. أصبح لدينا ثورة بلا هدف!! وتأييد أعمى بلا معنى!!!

أخطر ما في الاتفاقية -من وجهة نظري- أنها استطاعت النيل و"بقوة" من الأسرة المصرية الواحدة، بالطبع الحفاظ على الأرض شيء هام جدًا، ولكني أرى الحفاظ على البشر أهم، فالبشر هم من يحافظون على الأرض وليس العكس!

دعا الرئيس في خطاباته الأخيرة الشعب المصري ألا يسمع من أحد غيره، ثم لم يسمع هو للشعب، فاستطاع بمهارة أن ينال من شعبيته، ويخسر جزءا كبيرًا من ثقة مؤيديه.. سيدي الرئيس من الآن فصاعدًا سنسمع من جميع الأطراف حتى لو اتفقنا معك، واختلفنا معهم، فأنت من دفعتنا لذلك!
نقلا عن الطريق


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter