بقلم : محمد أبو الغار | الثلاثاء ١٩ ابريل ٢٠١٦ -
١٨:
٠٣ م +02:00 EET
محمد أبو الغار
مصر تمر بظروف اقتصادية ودولية صعبة ضاعف منها الفشل فى إقامة نظام ديمقراطى حديث مع غياب كامل للشفافية وتركيز السلطة المطلقة فى فرد واحد وليس بسبب مخطط جهنمى، كما يقول الرئيس.
1. الرئيس يحكم وحده وربما مع بعض قيادات الجيش والمخابرات، وهو حكم شكله مدنى ولكن عقله وقلبه عسكرى وهذا أمر تاريخياً فاشل على المدى المتوسط والطويل وأحياناً يحقق نجاحات بسيطة على المدى القصير. والطريقة العسكرية فى التفكير من تقاليدها السرية وعنصر المفاجأة كأنها فى معركة حربية، أما فى الحياه المدنية فمصيرها الفشل كما حدث مع النظام فى مشروعاته الكبرى التى لم تجر لأى منها دراسة جدوى حقيقية ولم تناقش مع الخبراء المدنيين ولم يدَر حوار مجتمعى حولها فتكلف مشروع قناة السويس أضعاف التكلفة بسبب قرار غير مدروس بإنهائها فى عام واحد، ولم يحقق المشروع شيئاً بعد ذلك، وكذلك العاصمة الجديدة التى تحولت إلى عاصمة إدارية، ولا يرى الخبراء أن هذا وقتها أو مكانها أو تصميمها ولا تحتملها قدراتنا الاقتصادية الحالية. أما زراعة المليون ونصف فدان فى الوادى الجديد فأرجو أن يقرأ خبراء الجيش كتاب رشدى سعيد ومقالات الدكتور عمارة ليعرفوا عدم إمكانية النجاح. ومع ذلك الأمر يمضى قدماً لسبب واحد هو أنه فى العقيدة العسكرية لا بد من إنهاء المهمة وهى طريقة قد تصلح لمعركة فى الصحراء وليس لمشروعات مدنية.
2. التسرع الشديد فى الإعلان عن مشروعات بدون دراسة كافية وعدم الثقة فى المدنيين أدى إلى اختراع جهاز الكفتة وبالرغم من التحذير الشديد والنقد الموضوعى من عشرات المتخصصين المدنيين وفى أول الأمر أعطيت دراسة علمية نقدية عن استحالة الفكرة للأستاذ عماد حسين نشرها فى الشروق، ولكن لا حياة لمن تنادى حتى تفاقمت الأمور ووصلنا إلى مرحلة الفضيحة.
3. الجيش المصرى جزء لا يتجزأ من الشعب، ولا يمكن تاريخياً فصل الجيش عن الحياة المدنية المصرية تماماً بالإضافة إلى وظيفته الأساسية وهى حماية حدود الوطن ولكن الدخول الكبير للجيش فى الحياة المدنية أمر له مخاطره لأن الاختلاط الشديد مع الناس يومياً يلغى تدريجياً حاجز المهابة التى تقتضيها الهيبة العسكرية لأن اختلاط ضابط الشرطة مع الناس يجعله محل خناقات واتهامات وشبهات فساد. تاريخياً ضابط الجيش حين يشترى شيئاً من الفكهانى يدفع حسابه بهدوء وضابط البوليس تاريخياً لا يدفع شيئاً. إذاً يجب الحفاظ على الجيش بعيداً عن الحياة اليومية الفاسدة حفاظاً على درع الوطن. ومن يذكر السنوات التى سبقت الهزيمة الفادحة فى 1967، كان الجيش يتدخل فى كل شىء ومسؤول عن الإصلاح الزراعى ومكافحة الإقطاع والجمعيات الاستهلاكية والنوادى وانتهى الأمر بكارثة عسكرية، بالإضافة إلى تدنى العلاقة بين الجيش والشعب وقتها. وإدارة الجيش الآن لجميع المشروعات المدنية للدولة مقابل عائد مادى كبير أمر يجب إعادة التفكير فيه حرصاً على الجيش والوطن.
4. يوجد أعداد ضخمة من المصريين المحبوسين احتياطياً بقانون ظالم غير دستورى بدون تقديمهم إلى محاكمة أو توجيه تهم محددة. لا بد من بيان كامل بالأسماء والأعداد والإفراج عمن ليس عليه اتهام لأننا نحول مواطنين عاديين تحت وطأة الظلم والتعذيب إلى مشروع إرهابيين.
5. بغض النظر عن هوية قاتل الشاب الإيطالى فإن تصرف وزارة الداخلية عبر أسابيع طويلة وعبر تعليقات ومؤتمرات صحفية ومقتل 5 أفراد بدعوى أنهم القتلة وبيانات مضطربة ينبئ عن التدنى الشديد فى المستوى المهنى للوزارة والحكاية ليست تغيير وزير وإنما أكبر ذلك بكثير. مصير مصر بسبب هذه القضية مظلم والتحريض ضدنا أصبح علنياً والاتهامات رهيبة.
6. ما حدث فى جزيرتى تيران وصنافير كان أكبر ضربة شعبية ونفسية للرئيس من جموع الشعب المصرى، الذى نزل آلاف منه بدون إخوان إلى الشارع، لأن المصريين يعتبرون الأرض مثل العرض ولكن غياب الشفافية كان العامل الأكبر فى هذا الوضع المهين فلم يطلع أحد على سير المفاوضات وتفاصيل الاتفاق من الشعب أو البرلمان أو الوزارة. وزاد الأمر سوءاً ما قاله رئيس البرلمان بأن الفصل بين السلطات ليس مهماً الآن وهو يعنى أن مصر دولة غير دستورية وأن البرلمان مالوش لازمة وخاصة بعد إعلان الرئيس أن «ماحدش يتكلم تانى فى هذا الموضوع»، وهو أمر مستحيل الحدوث. تحويل الأمر إلى البرلمان فيه إحراج شديد له لأن الجميع يعرف كيف جاء وقدراته وسلطته الحقيقية، وسيكون قرار البرلمان صدمة مضاعفة تثير الشعب أكثر وإذا كانت الدولة غير قادرة على إلغاء الاتفاق بالتفاهم مع الجانب السعودى فاحتراماً للشعب وحفظاً لماء وجه البرلمان فليجرى استفتاء نزيه.
7. يقولون إن الاتفاق يعطى مصر ميزات مادية فى ظروفنا الصعبة، وأنا أطالب بالشفافية فى عرض دقيق لهذه الامتيازات وحجمها وأين تذهب وما هى الضمانات، وبالمناسبة يجب أن يقدم الرئيس بالتفصيل جميع المعونات والقروض التى تلقتها مصر بعد 30 يونيو وكشف حسابها كاملاً، وأين ذهبت وهذا أمر طبيعى فى أى دولة حديثة فيها شفافية.
8. جميع الفضائيات المصرية كانت تذيع برامج عن الطبيخ وتنظيم الأسرة أثناء وجود مظاهرات كبرى وسط القاهرة والناس حولت على البى بى سى. وهكذا عادت ريما لعادتها القديمة.
9. أخيراً، سيدى الرئيس، فلسطين كانت عربية، والسودان كان مصرياً وباكستان كانت جزءاً من الهند، وكاليفورنيا كانت جزءا من المكسيك وهونج كونج كانت تابعة لبريطانيا وكلها بالوثائق. موضوع الوثائق القديمة هو الأقل أهمية، علاوة عن أن الحجاز أصلاً كان جارنا على البحر الأحمر ولم تكن هناك دولة سعودية فى عام 1906. وأخيراً استشهد على أرض تيران عشرات الضباط والجنود المصريين وزارها آلاف السياح من مصر ولم يطأ أرضها عبر التاريخ سعودى واحد.
سيدى الرئيس مصر فى خطر وعليك التدبر.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع