الأقباط متحدون - جمعة الأرض.. الدروس والمعانى
أخر تحديث ٠٣:٠٠ | الثلاثاء ١٩ ابريل ٢٠١٦ | ١١برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٠٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

جمعة الأرض.. الدروس والمعانى

جمعة الأرض
جمعة الأرض

سعيد السني
مع التسليم بمحدودية مظاهرات «جمعة الأرض»، التى اندلعت احتجاجاً على اتفاق ترسيم الحدود المعقود مع المملكة العربية السعودية، ولأن معظم النار من مستصغر الشرر.. فإن الحصافة السياسية وسلامة الدولة حفاظاً عليها من السقوط تستوجب قراءة هذه الاحتجاجات وشعاراتها ومضامينها ورسائلها، واستنباط الدروس منها، استقراءً واستشرافاً لما قد يحدث لاحقاً، والتهيؤ للتعامل الرشيد معه، بتغيير ما يلزم من سياسات أثبتت الأيام والأحداث فشلها الذريع.

تؤشر هذه التظاهرات «الصغيرة» الممتدة لعدد من المحافظات إلى معانٍ ودلالات.. أولاها: أنها ذات طابع سياسى لا فئوى، وإذا كانت قد انطلقت على خلفية «اتفاق ترسيم الحدود»، فلم يكن الاتفاق سوى القشة التى قصمت ظهر البعير.. فقد اشتعلت هذه الاحتجاجات بعد مرور أقل من 48 ساعة على خطاب الرئيس السيسى، الذى طلب فيه من الجميع «السكوت وعدم الكلام فى الموضوع»، بما يعنى أن الرد على الرئيس جاء هتافاً وصراخاً بأعلى الصوت.. وإذا عدنا بالذاكرة إلى شهر أكتوبر الماضى، وتحديداً عشية انتخابات مجلس النواب الحالى، حين دعا الرئيس المصريين إلى تأدية الواجب الانتخابى بالتصويت واختيار ممثليهم.. فإن الاستجابة لم تكن بالقدر المأمول، ودارت نسبة الحضور حول ربع عدد الناخبين، وكان على النظام أن يمعن النظر فى هذه الرسالة، وتكليف الباحثين السياسيين وعلماء الاجتماع وأهل الاختصاص بالبحث ودراسة أسباب هذا العزوف والعودة إلى السلبية، تجاهلاً لنداء الرئيس، مقارنة بالاستفتاء على دستور 2014، ونسبة الحضور المرتفعة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وفوز السيسى بنسبة طاغية وغير مسبوقة، وقبل هذا كله المقارنة مع الخروج الكبير يوم 30 يونيو لإسقاط الإخوان، ثم فى 26 يوليو بناء على دعوة السيسى، وزير الدفاع- آنذاك- لتفويضه بالتصدى للإرهاب.. بما يؤكد أننا الآن بصدد تناقص كبير لشعبية الرئيس، وعليه يكون ملائماً البحث عن إجابة السؤال: لماذا تتآكل هذه الشعبية الطاغية بهذه السرعة، إلى حد أن كثيرين من مؤيدى السيسى ومنتخِبيه لم يعودوا باقين على تأييدهم له؟.. أما ثانية الدلالات: فهى أن المسافة المتزايدة تباعدا بين الرئيس والجمهور أسفرت بدورها عن التجاوب مع دعوات التظاهر وترديد هتافات مناهضة للسيسى شخصياً، على غرار «ارحل»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، وبما يعنى رفضاً شعبياً لمنهج التهميش الذى يتبعه السيسى مع الشعب، بإبعاده عن مجريات الأمور، وتسيير شؤون الدولة بالانفراد فى اتخاذ القرار، واعتبار كافة الشؤون أسراراً حربية لا يجوز إطلاع المواطنين عليها، وهذا كله مع التأكيد على جهود الرئيس وأن مشروعاته جيدة.. لكنها لا تلبى الطموحات الآنية، ولا تعالج المشكلات الضاغطة على شعب مُرهَق من المعاناة، ولا يبدو فى الأفق تحسن قريب فى أحواله على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن العجز الصارخ فى إدارة الأزمات سواء الطائرة الروسية أو الدولار أو قضية ريجينى أو اتفاقية الترسيم أو التقاعس عن مواجهة الفساد.

من السهل الركون إلى «فكرة الأخونة الوهمية» للاحتجاجات، لكنها تنطوى على الترويج مجدداً للإخوان وتسويقهم كقوة حاكمة للشارع، ومعلوم أن «الجماعة» فشلت مراراً فى تنظيم أى تظاهرات اللهُمَّ إلا اصطناعاً وفبركة تليفزيونية على شاشات قنوات الجزيرة القطرية، نتيجة كسرها أمنياً، والتضييق على تمويلها، وفقدانها تعاطف الشارع، فضلاً عن استقرار قاداتها وجُل كوادرها وشبابها، إما رهائن للحبس الاحتياطى، أو نزلاء بالسجون نفاذا لأحكام صادرة بحقهم.

يبقى على الرئيس السيسى أن يسعى ورجاله لاستيعاب دروس ومعانى احتجاجات جمعة الأرض، والعمل سريعاً على ترميم شعبيته واستعادة المفقود منها قبل فوات الأوان.. فهذه الشعبية ذاتها هى الشرعية والسند له داخليا، وفى مواجهة العالم الخارجى ومؤامراته، إن وُجدت.

نسأل الله السلامة لمصر.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع