بقلم: د. مينا ملاك عازر
تشرع الولايات المتحدة في سن قانون لإنقاص الحصانة الدولية المفروضة على المسؤولين الحكوميين في بلاد غير بلادهم لإتاحة الفرصة للحكومة الأمريكية ليسألوا بعض المسؤولين السعوديين عن ضلوعهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ذلك الأمر الذي ترفضه السعودية وتهدد بسحب أموالها وبيع أصولها في أمريكا والتي تبلغ مئات المليارات من الدولارات.
رغبة أي دولة في حماية رجالها ومسؤوليها شيء رائع وأمر قانوني، لكن أمتثالهم أمام القضاء للمحاسبة والمراجعة والمساءلة لألا يكونوا مشتركين في دعم الإرهاب أمر هام جداً، والضغط السعودي على رجال الكونجرس لمنع ذلك القانون الأمريكي ضغط مروع على الكونجرس وعلى الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما الذي هاجم السعودية وقلل من أهمية منطقة الشرق الأوسط في حديث صحفي له فيما قبل.
ما يعنيني بالمقام الأول هنا أن السعودية تستخدم نفوذها الاقتصادي وامتلاكها سندات للخزانة الأمريكية تصل لسبعمائة وخمسين مليار دولار تضغط بها لتحمي أُناس قد يكونون مجرمين بل إرهابيين، فما عساها أن تفعل بنا وهى تمتلك الآن وقبل تفعيل الاتفاقيات الأخيرة التي تصل لخمسة وعشرين مليار دولار ما يضعها في المرتبة الثانية في مراتب الدول المستثمرة في مصر؟ هل سيحصنون أنفسهم ضد المساءلة والمحاكمة لمواطنين ومسؤولين هل سنقبل أن نكون تحت ضروسهم في أي قرار لا يأتي منا على هواهم!؟.
الأمر الأهم هنا ،وهو ليس دفاعاً عن السعودية، هل أمريكا نفسها ستسأل أوباما وستترك الفرصة لنا ولسوريا وليبيا لمساءلة أوباما لمحاكمته أيضاً لضلوعه الواضح لدعم داعش وجماعات الإخوان الإرهابية ليس بالمال ولكن بالسياسات والضغوط الاقتصادية والعسكرية، السعودية نفسها متورطة في دعم داعش، هل نسى ذلك الأمريكيون ولن يسألوا عن ذلك لأن تأثير داعش بسيط بالنسبة لأمريكا وكل تأثيرها منصب على دول عدوة للبلدين أمريكا والسعودية؟!.
جون كيري وزير الخارجية الأمريكي قال في تصريحات سابقة له أن النظم القامعة للحريات هي المتسببة في انتشار الإرهاب والفكر المتطرف، السعودية من أكبر الدول القامعة للحريات، هل ينكر ذلك السيد كيري؟ وهي حقاً مصدرة للفكر المتطرف، كما أن أمريكا دولة غير قامعة للحريات بحسب ما يدعون، ورغم ذلك من كبريات الدول الداعمة للإرهاب بل المنشئة والراعية والحاضنة له، تركيا ينطبق عليها بالفعل قول السيد كيري، فهل يراعي القانون الذي ينون سنه مساءلة الأتراك عن العمليات القادمة التي سيضلعون القيام بها في أمريكا وضد أمريكا لأننا تعلمنا من خبرتنا مع القاعدة أن أمريكا ما سلمت أحد سلاح ليحارب به ضد أعدائها إلا واستدار ووجهه لها.