الأقباط متحدون | مستقبل المسيحيين والمسلمين في البلاد العربية في قارب واحد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:١٥ | الثلاثاء ٩ نوفمبر ٢٠١٠ | ٣٠بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٠١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مستقبل المسيحيين والمسلمين في البلاد العربية في قارب واحد

الثلاثاء ٩ نوفمبر ٢٠١٠ - ٢٢: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: القمص/ أفرايم الأورشليمي

جذور المسيحية في الشرق العربي:
  انتشرت المسيحية في المشرق العربي في العصر المسيحي في القرن الأول، و تحول كثيرون من أهل البلاد إلى الديانة المسيحية لاسيما الساكنين في "مصر"، "الجزيرة"، و"الشام"، والجدير بالذكر أن أول مملكة اعتنقت الديانة المسيحية هي مملكة "الرها" في منطقة الجزيرة السورية، بعد اعتناق ملوكها الأباطرة العرب تلك الديانة، وكذلك العرب الأنباط والعرب الطائين اعتنقوا المسيحية، وبنوا عددا من الكنائس لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم، وكذلك مملكتي "الغساسنة" و "المنازرة" اللتين كانتا تتخذان من المسيحية ديانة رسمية لهما، وعثر على كنائس في حفريات الحيرة وكنيسة في جزيرة"عكاز" واثنتين جزيرة "فيلكا الكويتية"، وفي منطقة "الجبيل" السعودية وعقب الفتح الاسلامي .


 وعلي مر العصور أصبح المسيحيين أقلية عددية بين إخوتهم المسلمون، وإن اختلفت الأعداد الرسمية وشبه الكنسية، حول عددهم في البلاد العربية وهذا أمر ينم عن سوء الإدارة ونقص الشفافية، فماذا يضير أي دوله متحضرة في الإعلان عن التعداد الأمين لفئات أبنائها في المجتمع الذين يعيشون فيه، أم أن هذا يمثل خطراً علي أمن المجتمع !. يبلغ عدد المسيحيون العرب والناطقون بالعربية ما بين الـ30 إلى الـ33 مليون نسمة، ويعيش حوالي 20 مليون نسمة في منطقة الشرق الأوسط .والبقية هم أقليات مهاجرة إلي"الولايات المتحدة" و"أوربا" و"كندا" و"أستراليا" و"آسيا" و"أفريقيا"، أكبر عدد للمسيحيين العرب موجود في"مصر" ويليها"لبنان" و"سوريا" و"العراق" و"الأردن" و"فلسطين" و"إسرائيل" ثم الأقليات الموجودة في "إيران" و"تركيا".

 كما يتواجد جاليات وأقليات مسيحية عربية في "السودان" و"الخليج العربي" و"شمال أفريقيا". وسواء زاد أو قل تعداد هؤلاء المسيحيين في الواقع، فيقع على عاتق النظام السياسي والأغلبية حمايتهم كجزء حي وأصيل من المجتمع، وعليهم كمسيحيين السعي نحو المشاركة الفاعلة والايجابية والدائمة في بناء وتبني قضايا أوطانهم، سواء كانوا داخل أوطانهم أو في المهجر .

المسيحيون ومشاركتهم في بناء مجتمعاتهم:
تفاعل المسيحيون في العالم العربي مع قضايا مجتمعاتهم، وأخذوا على عاتقهم العمل جنبًا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين، طوال العصور، وبقوا مخلصين لبلادهم وإلى الأرض الطيبة التي يضربون بجذورهم فيها، وتضم رفات، ودم، وعرق، شهدائهم وأجدادهم، وتميزت العلاقات بينهم وإخوتهم المسلمين بالسلام والوئام في أوقات كثيرة، إلا أنها أيضًا أتسمت بالشقاق والتضييق على الأقليات العرقية أو الدينية في أوقات أخرى، لاسيما أوقات القلاقل والحروب والأزمات السياسية والاقتصادية. ورغم ذلك نرى أن المسيحي العربي عندما يسافر إلى بلد غربي، ويريد التعريف عن نفسه بأنه عربي مسيحي، فإن الغربيين لا يصدقونه ويصنفونه كعربي مسلم، وفي الشرق العربي ينظر الكثيرون إل المسيحيين وكأنهم بقايا الاستعمار الغربي، ونحن لسنا بحاجة إلى تقديم شهادة عن عروبة المسيحيين في الشرق، سوء بانتمائهم للعروبة بالعرق أو اللسان أو الثقافة أو المولد. فهناك العديد من المفكرين والمثقفين العرب المسيحيين كان لهم دور في بناء النهضة العربية، والبعض منهم وصل إلى الزعامة وأسس أحزاباً كبيرة كـ"أنطون سعادة"، و"ميشيل عفلق"، و"جورج حبش" و"مكرم عبيد" وغيرهم.
وقد شاهدنا كيف أن المطران "كبوشي" وهو ابن الثامنة والثمانين يسافر إلى غزة مع قافلة أسطول الحرية، ليناصر المحاصرين في غزة بفلسطين بدافع الشعور القومي والإنساني.

 الظروف الدولية والمتغيرات الداخلية:
تسير المتغيرات الحالية الدولية والإقليمية نحو تأجيج روح الصراع داخل المجتمعات العربية، ولابد لنا أن نعي المخاطر المحدقة بنا والتي تهدد كياننا وأوطاننا ومستقبلنا، إن أردنا لبلادنا السلام والازدهار، فما هي العوامل لنفهمها ولنعمل على علاج آثارها.. إن الحرب الغربية علي الإرهاب والتي أسئ فهمها وتوجيهها من الإدارة الأمريكية السابقة، وتم استغلالها لضرب"العراق" و"أفغانستان" وغيرها، بدافع المصالح وتم الزج فيها بالعناصر الراديكالية الإسلامية، لتصبح وكأنها حرب على التطرف الإسلامي، جعلت من مسيحيي الشرق بين شقي الرحى؛ ضحايا الحرب كإخوانهم وأبناء جلدتهم، وضحايا التطرف وسوء الفهم من إخوتهم؛ كما نرى في "العراق" حاليًا، وأدى ذلك إلى تزايد موجات الإرهاب ضد المسيحيين عمومًا من الذين لا يفهمون الدين. وبأن الله والدين الحقيقي هو دعوة للسلام والحق والعدل .

إن عدم الوصول إلى سلام عادل وشامل ودائم للصراع العربي الفلسطيني؛ يزيد من هذا الصراع، ويحوله إلى صراع ديني وحضاري، على قادة العالم غرباً وشرقاً وقادة المنطقة خاصة و"إسرائيل" على الأخص، أن يدركوا أهمية صنع السلام العادل والضروري لاستقرار المنطقة وتقدمها، فالقوة وحدها لن تصنع سلامًا، فنحن في العالم والشرق نسير في قارب واحد إما إلى السلام والازدهار، وإما إلى الدمار والفناء.

زاد من هذا الوضع الشائك البعد الإعلامي المثير وانتشار الفضائيات والجرائد الصفراء، والتي تهتم بالأخبار المثيرة وتأجيج الصراع الفكري والإعلامي دون النظر للبعد الوطني والقومي والمسئولية التاريخية، وقيادة الرأي العام نحو تبني قضايا التنمية والتقدم والبناء والقضايا المصيرية.
إن الظروف الاقتصادية الصعبة؛ الدولية والإقليمية، والبطالة التي يعاني منها الكثيرون لاسيما الشباب منهم، جعلتهم ضحية الفراغ والانجراف نحو الإدمان والتطرف وعدم قبول الآخر المختلف في الدين والرأي أو العرق أو الجنس..
إن غياب مشروع وطني وتخبط بعض النظم بين الاشتراكية، والرأسمالية، والفساد الإداري، والعقبات البيروقراطية، وانتشار الرشوة والفساد وعدم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، كلها عوامل تؤجج الصراع الديني والطبقي وتدفع بالمسيحيين إلى الهجرة وتزيد لديهم مشاعر العزلة والإحساس بالغربة في أوطانهم.

الحلول والمستقبل العربي:
على النظام السياسي القائم في بلادنا أن يتبنى المشروعات الفكرية والقومية والاقتصادية؛ التي يجد فيها جميع أبناء الوطن أنهم جزء حي مشارك وفعال فيه. وعلى القضاء أن يكون نزيهًا وعادلاً، وأن يكون المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، مع تجريم كل أشكال التمييز الديني.
وأن تحمي القوانين المظلومين وتعوضهم، وأن يسعى النظام إلى علاج مشكلات البطالة وإيجاد قانون موحد لدور العبادة. وأن يكون للإعلام دورًا رائدًا في قبول واحترام الآخر وعدم الانسياق وراء الأخبار الكاذبة والمحرضة.
علينا كمواطنين مسلمين ومسيحيين أن نكون واعين إننا نسير في قارب واحد أيضًا، نحو التقدم أو التقهقر والصراع، وعلينا أن نعي الأخطار المحدقة بنا، وأن نعرف أن البيت المنقسم على ذاته يخرب والوطن المنقسم على ذاته لا يثبت.علينا أن نتعاون في محاربة الجهل والظلم والمرض والإلحاد. ولنا من القيم المشتركة والمثل العليا الكثير والكثير.. علي رجال الدين والمفكرين والعقلاء والحكماء تبني قيم العدل والمساواة، والحق، والرحمة، وحب الجار، وقبوله وأن نرفض الفكر الهدام، وألا نشجع قنوات وجرائد الجهل والإلحاد .إن أوطاننا في المشرق العربي بحاجة إلى كل يد تبني وإلى النهوض من غفوة الجهل، والسعي إلى تكوين تصور حضاري تقدمي يستلهم من مبادئ الدين ما يعمل على تقدم المجتمع، وبنائه لنصل إلي ما نصبوا إليه من علاج لكل مشاكل مجتمعنا، مع السعي الحثيث والمخطط نحو بناء مجتمع حضاري متقدم.
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :