الأقباط متحدون - هذا رآه يسوع
أخر تحديث ١٥:١٥ | الاثنين ١١ ابريل ٢٠١٦ | ٣برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٨٩٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

هذا رآه يسوع

بقلم نسيم عبيد عوض

نحن اليوم فى الأحد الخامس من الصوم الكبير ونقترب من نهايته ‘ ومع رحلة الصوم الخلاصية التى لها هدف واحد هو حياة التوبة الصادقة ‘نجد قراءات الصوم فى الآحاد السابقة تعبر عن هذا المطلوب منا :

1- التوبة هى كنزنا السماوى ( لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا.مت6: 21)

2- فى حياة التوبة يستهدفنا العدو بالتجارب ‘ وسلاحنا فى المقاومة هو كلمة الله (لأنه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله.مت4: 4)

3- تبدأ التوبة بالرجوع الى النفس مهما شردت وتركت بيتها ‘ وستجد الله يفتح أحضانه ليستقبلها فى فرح وحب وعطايا( لأن ابنى هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد. لو15: 24)

4- الإعتراف بالخطايا هو باب التوبة ‘ وستجد الله يقول لك حسنا لقد قلت بالصدق ‘ وفى التوبة الصادقة كالمعمودية يهبك الرب فيها ماء الحياة الابدية الذى هو الروح القدس ( بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية.يو4: 14)

وفصل إنجيل اليوم عن قصة المخلع أو المفلوج المضطجع عند بركة بيت حسدا ومعناها بيت الرحمة ‘ الذى ولمدة 38 عاما ينتظر إنسانا يلقيه فى الماء متى نزل الملاك وحرك المياه ‘ وهكذا تجسد الله وصار إنسانا مثلنا – ماعدا الخطية- لشفائنا من خطايانا ‘ وإبرائنا من عبودية إبليس‘ ويقول الكتاب " هذا رآه يسوع مضطجعا وعلم ان له زمانا كثيرا فقال له أتريد أن تبرأ." أجابه المريض ياسيد ليس لى إنسان..وهاهو الله المتجسد – الانسان- يقول له" قم. إحمل سريرك وأمش." ويقول الكتاب " فحالا برئ الانسان وحمل سريره ومشى."يو5: 6-9.

ولهذه القصة مدلولات كثيرة تتفق ورحلة  الصوم ‘ التى هى فترة روحية ثمينة نعيش فيها بكل صدق فى حياة توبة وعبادة روحية لله ‘ نخرج منها بتغيير كامل فى سلوكنا فى هذه الحياة‘ لخلاص نفوسنا ولنكون رائحة ذكية للمسيح الهنا ‘ ولنسأل أنفسنا اليوم – كيف سنجيب الرب على سؤاله" أتريد أن تبرأ؟" وقول الكتاب "وكان هناك إنسان" تعنى أى إنسان منا ‘ فالكلام موجه لنا جميعا اليوم ‘ فنحن قبل مجيئ المخلص – يسوع- كنا جميعا مضطجعين بخطايانا وآثامنا فى فساد وموت روحى ‘ فى إنتظار قدوم المخلص ليشفينا ويردنا الى رتبتنا الاولى وليدخلنا معه فى بيت رحمة الهنا‘ وهذا ماقد حدث لحياتنا المسيحية آمنا وإعتمدنا وولدنا بطبيعة وخلقة جديدة من الماء والروح ‘لنسلك فى جدة الحياة بنعمة وبركة ربنا يسوع المسيح ‘ ومن أجل ذلك فالتأمل فى قصة المخلع تعطينا أنوارا ودلائل ودروسا ترشدنا فى مشوار حياتنا:

ملامح الصليب وفضيلة الصبر
تقول القصة أنه عند باب الضأن بركة يقال لها بركة حسدا أو بيت الرحمة‘ ولعل المعنى واضح أن حمل الله الذى سيرفع خطية العالم هو الضأن أو الذبيح لفداء البشرية ‘ ومهما طال الزمن بخطايانا ولو لمدة 38 سنة فلابد من حمل الصليب ‘ والدخول من باب الضأن لنولد من جديد بدمه الكريم ‘  ونحمل سرير خطاينا الذى كان يحملنا ونمضى فى الحياة مع المسيح ‘ وتعلمنا هذه القصة ان نكتسب فضيلة الصبر فى حياتنا الروحية لأن" الضيق ينشئ صبرا "رو5: 3‘ وكقول الرسول " قدموا فى إيمانكم فضيلة ‘وفى الفضيلة معرفة ‘ وفى المعرفة تعففا ‘ وفى التعفف صبرا ‘ وفى الصبر تقوى.."2بط1: 5و6 ‘ فان إمتحان إيماننا ينشئ صبرا "يع1: 3"‘ وبقول الرب "بصبركم اقتنوا أنفسكم. لو21: 19" وفضيلة الصبر نعمة توهب لنا من الله بالصلاة فى طلبها ‘ ولأنه هو إله الصبر كقول الكتاب "ليعطيكم إله الصبر والتعزية."رو15: 5"‘ وهو الذى يتصف ب"الطويل الروح"  فهو الذى يعلمنا " من يصبر الى المنتهى فهذايخلص." مت 10: 22‘ ولعل مثل سمعان الخراز الذى كان مجهولا ولكنه يحيا بصبر فى حياته الروحية ولإيمانه أن صبره عطية الهية ‘ حتى إختارته السماء لنقل جبل المقطم ‘ وكذلك القديس موسى الأسود  عندما دخل الإيمان عاش حياة الصبر والتجلد أمام حروب الشيطان حتى إنتصر فى النهاية وأصبح قديسا نتبرك منه اليوم ‘والذين فقدوا هبة الصبر خسروا كثيرا مثلما فعل شاول الملك الذى لم يصبر حتى يأتى صمويل النبى ويقدم الذبيحة فى أوقاتها ‘ فتحمق وقدم هو الذبيحة فرفضة الله وبغته روح رديئ ‘ ولأن عدونا الشيطان لا ييأس أبدا من الوقوع بنا فى فخ الخطية فلابد أن نتحلى بالصبر فى إيماننا القويم ونتمسك به الى المنتهى.

قوة الإرادة
ولأن إرادة أستعادت الحياة بلا خطية هى الإرادة القوية من الانسان وبمعونة الله ذاته ‘ ولكنها متوقفة على توبة الانسان وبراءته من الخطية‘ فالله يسأل "أتريد ان تبرأ ؟" والإجابة ليست أمرا سهلا ‘ فإذا قلت نعم يارب ‘ فالسؤال من ماذا تريد أن تبرأ ‘ مرض الجسد أو مرض الروح ‘ أيضا هل عندى الإرادة القوية على قبول شفاء خطاياى وبالتالى غفرانى لخطايا الغير ‘ الله قد قال عن أولاد أورشليم أنهم رفضوا إرادته فى خلاصهم " ياأورشليم ياأورشليم ..كم مرة أردت  ان أجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت أجنحتها ولم تريدوا..مت13: 34"‘ هل سنجيب الرب وننتطوى تحت جناحية ‘ يقول القديس بولس الرسول " فالله الآن يأمر جميع الناس فى كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل."أع17: 30‘ فهل لدى الإرادة القوية وقد مرنتها فى فترة الصوم على ضبط النفس ‘ على التوبة ‘ ولنتوخى الدقة أمام الله فى حياتنا الروحية ولنعلم أننا دائما نستحق ونحتاج  لمعونة الله ونعمته فى حياتنا‘ ولعل مريض بركة بيت حسدا فى صبره يعطينا مثلا بالا نيأس من رحمة ربنا مهما طال الزمان ‘ فالرب يسوع ترك كل المضطجعين على البركة وجاء يسوع لهذا الرجل لتدهور حالته المرضية وخطاياه الثقيلة ‘ حتى قال له عندما رآه ثانية" هاأنت قد برأت.فلا تخطئ ايضا لئلا يكون لك أشر."يو5: 14. وإرادة الانسان تتمثل فى الإنجذاب نحو الرب يسوع الذى هو النصرة ‘ لأنه فيه ناموس الحياة ‘ كقول الكتاب " لأن ناموس روح الحياة فى المسيح يسوع قد أعتقنى من ناموس الخطية والموت .رو8: 2‘ وبفمه الكريم يقول لنا" أتيت ليكون لكم حياة أفضل ‘ وأيضا "ولأخلص ماقد هلك".

هذا رآه يسوع
وعن بقية المضطجعين جاء يسوع لمنتظر الرب منذ 38 سنة ‘ وأما نحن وملكوت الله داخلنا ‘ ونحن هيكل لروح الله القدوس ‘ فهو دائما ينتظر منا التغيير لحياة التوبة الدائمة‘ فنحن فورا نستجيب ‘ نعم يارب أريد أن أبرأ من خطاياى أولا ثم من مرضى الجسدى حسب إرادتك أنت  ‘وأتغيرلحياة أفضل ومعك لا أريد شيئا آخر‘ ولأن هذا رآه يسوع فالشفاء له كان عطية وهبة منه ‘ والعطية تحتاج منا للشكر الدائم ‘ فما حياتنا إلا عطية من الله ‘ ولكى نحافظ عليها فيجب ان نلهج فى حياة الحمد والشكر لله دائما . ومع عطية الشفاء الموهوبة لهذا المريض أعطاه الله وصية وهى " لا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر" ‘ وكقول الكتاب "ان وصاياه ليست ثقيلة ‘ فالمعنى واضح "لا تعود تخطئ" لأنه "ان أخطأنا بإختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا بل قبول دينونة مخيف.عب10: 26"‘ وإن لم نلتزم بوصية الله سنفقد العطية كما يقول الكتاب" من له يعطى ويزداد اما الذى ليس له فالذى عنده يؤخذ منه."

الرجاء
كان هذا مثلا لنا فى حياة الرجاء ‘ فقد طال الزمان بهذا الرجل وطوال ذلك لم يجد إنسانا يحمله ويرميه فى البركة ‘ ولكنه لم يفقد رجاؤه فى مجيئ المخلص لينقذه ويشفيه‘ وإيماننا المسيحى يثبت فى هذه الثلاثة (الإيمان والرجاء والمحبة ) ‘ والرجاء المسيحى ليس هو الأمل فقط بل إن رجائنا هو المسيح ذاته‘ فلكل حي رجاء ‘ وانسان بدون رجاء لا يستطيع أن يكمل حياته الروحية فى المسيح يسوع‘ لأن الإيمان هو الثقة فيما يرجى ‘ وكقول القداس الإلهى " لأنك أنت هو حياتنا كلنا وخلاصنا كلنا ورجاءنا كلنا" ‘ فالرجاء ركيزة أساسية فى الإيمان المسيحى ‘ لأنه يخص مستقبل خلاصنا الأبدى ‘ وكقول الكاثيلوكون اليوم من 2بط3 الذى يحدثنا عن رجائنا فى المجيئ الثانى للرب فيقول" يجب ان تكونوا انتم فى سيرة مقدسة وتقوى منتظرين وطالبين سرعة مجيئ يوم الرب." وكما نختم قانون إيماننا كل يوم بصراخنا" وننتظرقيامة الآموات وحياة الدهر الآتى.أمين‘ ولأن الرجاء لا يخزى ‘فلتكون كلمة الله فى إنجيلة دائما فى عقلنا وقلوبنا نلهج فيها ليلا نهار ‘ لأنها هى التى تقوى رجاءنا ‘وتسندنا فى كل ضيقة أو مرض ‘ وكلمته التى هي روح وحياة تبث فينا الرجاء الذى هو مرساة لحياتنا الروحية نحو الأبدية المقدسة.

معرفة الله
يقول الكتاب " أما الذى شفي فلم يكن يعلم من هو..؟ وهذا يعلمنا أن نعرف الله لأنه كما يقول الكتاب " وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته .يو17: 3‘ وكقول الرب عن هلاك شعب بنى إسرائيل " هلك شعبى من عدم المعرفة"هو4: 6  ‘ ولأن معرفة الله أساس الإيمان المسيحى ‘ المعرفة القلبية والإختبارية ‘ لأن الرسول يوصينا" ليحل المسيح فى قلوبكم" فلنحرص فى صومنا هذا على معرفة المسيح الإختبارية المعاشة ليس العقلية فقط ‘ فتبعيتنا لإلهنا تتطلب معرفة حقيقية وشخصية وإختبارية بالمسيح يسوع ‘ فهو الذى وهبنا القلوب اللحمية ليسكن فيها‘ يلزمنا ان تكون سيرة حياتنا حسب قوة معرفة الله التى ترشدنا فى عالمنا الذى نعيشه وحتى الأبدية . ونسأل الله دائما أن يفتح عيون قلوبنا لمعرفته كما إستنار المولود أعمى برؤية الله .

ونسأل الرب أن يعطينا فى أيامنا الروحية هذه فضيلة الصبر وإرادة قبول المغفرة وحياة التوبة والثبات فى الإيمان والرجاء والمحبة . هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة. ولإلهنا المجداالدائم . أمين.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع