تساؤلات حول صمود بيرلسكوني في وجه الفضائح الجنسية
لا تبدو قدرة رئيس وزراء ايطاليا سلفيو برلسكوني على التصدّي للفضائح الجنسية وغير الجنسية المتتالية التي تستهدفه، أمرا عاديا بالمرة، فالايطاليون، بل كل العالم، مندهش لقدرة هذا الرجل على تجنّب السقوط في كلّ مرة أمام فضائح لو استهدفت سياسيّا آخر لأطاحت به دون إبطاء.
روما: لا شك في أن الإيطاليين والعالم يقفون مندهشين وليس للمرة الأولى، إزاء قدرة رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني على الصمود في وجه الفضائح الجنسية المتلاحقة وما يبدو أنه سوء استغلاله السلطة.
وربما ظن المرء أن فضائح الأيام الأخيرة كانت حيلة شيطانية «مدبرة» من بيرلسكوني نفسه. وخذ على سبيل المثال روبي، التي قيل إنها مراهقة مغربية في السابعة عشرة من العمر احتفلت مع رئيس الوزراء العجوز في عيد العشاق، هل كان هذا تكتيكا المقصود منه صرف انتباه الناس والإعلام عن الشلل الذي أصاب حكومته؟
ولِمَ لا؟ فقد اعتاد العالم على شهيته المفتوحة أبدا لصغار النساء، وهو أمر أكدته زوجته قبل 18 شهرا قائلة إنه «لا يتورع عن معاشرة القاصرات».
وكان ذلك بعدما سلط الضوء على علاقته بنويمي ليتيزيا (17 عاما) التي حضر حفلة عيد ميلادها الثامن عشر تحت أبصار الملأ.
وبعد ذلك بأسابيع قليلة ظهر أنه أمضى ليلة الانتخابات الأميركية في 2008 مع «مرافقة» من باري سجلت شريطا صوتيا للقائهما.
وكانت تلك ليلة مشهودة من «مرافقات» أخريات مثل باربرا مونتريالا التي أطلقت العنان للسانها أيضا.
ثم نشرت الصحافة صورا لفتيات أشباه عاريات حول حمام السباحة في فيلاه الفاخرة بجزيرة ساردينيا.
واستطاع هذا الرجل البقاء موضوعا لعناوين الصحف الرئيسية حول العالم وللسبب الخطأ وهو مغامراته النسائية المكشوفة.
ولكن، تبعا لصحيفتي «صنداي تليغراف» و«اوبزيرفر»، فإن المزاعم التي أحاطت به في الأيام الأخير جد خطير لأنها تنطوي على أكثر من الجنس والمال، وأصابت حكومته بضرر قاتل ربما.
فهناك أولا فضيحة «روبي غيت»، المراهقة المغربية التي يقال إن اسمها الحقيقي هو كريمة المحروق وتعمل راقصة في الحفلات الخاصة.
فقد اتضح أن مكتب بيرلسكوني اتصل بشرطة ميلانو في مايو / أيار الماضي في أمر يتصل بالقبض عليها بتهمة السرقة.
وقيل إن بيرلسكوني أمر الشرطة، عبر مكتبه، بالإفراج عنها بدون مساءلة - رغم أنها قاصر وبدون الوثائق القانونية المطلوبة - زاعما أنها حفيدة الرئيس المصري حسني مبارك. وقالت هذه الفتاة إنها لم تمارس الجنس مع بيرلسكوني لكنها أكدت أنه اتصل بالشرطة لمساعدتها قائلة إنه يحب مساعدة المحتاجين.
لكن منتقديه قالوا إنه يسيء استخدام سلطته.
ثم جاءت مزاعم من مومس تدعي ناديا ماكري قالت إنه مارست معه الجنس في فيلاه بساردينيا وداره الخاصة في ميلانو لقاء 10 آلاف يورو.
ومضت إلى حد القول إن الماريوانا أحضرت لها ولفتيات أخريات في ساردينيا على متن طائرة بيرلسكوني. وهذا زعم، لو أثبت، فسيكون كأصابع ديناميت لحظة انفجارها.
وقد تكشفت قصة روبي خلال تحقيقات للشرطة في شبكة للدعارة تورط فيها ثلاثة أشخاص قريبون من بيرلسكوني. الأول هو ايميليو فيدي، المذيع في تلفزيون «ريتي 4» المملوك لرئيس الوزراء. والثاني هو ليلا مورا، الوكيل المتخصص في اكتشاف المواهب الفنية الجديدة وجار بيرلسكوني في ساردينيا.
والثالثة نيكولا مينيتي الراقصة سابقا ومنظفة الأسنان التي تولت علاج بيرلسكوني بعد الاعتداء عليه من مختل عقليا قبل أشهر قليلة. وقد ساعدها بيرلسكوني على الحصول على مقعد في برلمان لومبارد الإقليمي وتولت هي إيواء روبي بعد إطلاق سراحها.
كل هذا يصيب رئيس الوزراء بضرر هائل حتى في حال لم تتبعه إدانات جنائية. وقد زاد هو الطين بلة عندما تفاخر بمغامراته النسائية وقال إن «عشق النساء أفضل من أن يكون المرء مثليا».
ويأتي هذا في وقت تعاظمت فيه أكوام القمامة في نابولي، وعُلّق البرلمان معظم أيام الشهر الماضي، وأخفق مجلس الوزراء في تشكيل وكالة للطاقة النووية وفي تعيين مجلس جديد لمراقبة نشاط البورصة... بعبارة أخرى فإن البلاد مشلولة حاليا وبدون حكومة تقريبا.
والآن يتلقى بيرلسكوني بعض الأنباء السيئة. فقد أوقفت محاولاته «إصلاح» النظام القضائي بحيث يوسع رقع حصانته منه. وفي 14 ديسمبر / كانون الأول المقبل ستقرر المحكمة الدستورية مصير قوانين الحصانة الحالية.
وإذا سحبت هذه، فسيواجه بيرلسكوني اتهامه بالرشوة والتلاعب الضريبي والتلاعب بالحسابات في محاكمتين منفصلتين وربما إدانته بتلك التهم بحلول نهاية العام الحالي.
والآن يتعرض حليفه القديم جيانفرانكو فيني، زعيم كتلة «المستقبل والحرية لإيطاليا» لضغوط من أحزاب المعارضة للانسحاب من تآلفه معه في إثر فضيحة الجنس والمخدرات الأخيرة إذا رفض الاستقالة وإجراء انتخابات جديدة.
وقالت تقارير صحافية يوم الاثنين إنه بدأ يتحرك في هذا الاتجاه رغم أن مصالحه السياسية مرتبطة عضويا ببقاء بيرلسكوني في السلطة.
وفي حال رفع حصانته، فقد يقرر رئيس الوزراء الإيطالي السير على خطى معلمه وصديقه بيتينو كراكسي، رئيس الوزراء السابق الذي أدين قبل عشرين عاما بالفساد وفر إلى تونس. وقد اشترى بيرلسكوني لتوه فيلا فاخرة في جزيرة انتيغوا. فهل فعل هذا استباقا لما سيحدث وقرر أن منفاه سيكون في الكاريبي؟
على أن الأشياء في ايطاليا لا تحدث بسرعة. ففي الأوبرا تستغرق البطلة نصف الساعة وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. وفي اوبرا بيرلسكوني قد تستغرق حكومته نصف السنة قبل أن تفعل الشيء نفسه.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :