بقلم: د.عبدالخالق Øسين
تمر هذه الأيام الذكرى الثالثة عشرة على قيام قوات التØال٠الدولي بقيادة أمريكا لتØرير الشعب العراقي من الÙاشية البعثية ØŒ Ù†Ùس القوات التي Øررت أوربا ÙÙŠ الØرب العالمية الثانية من النازية الألمانية ØŒ والÙاشية الإيطالية ØŒ ÙˆØررت اليابان من العسكرتارية. ولكن المشكلة أن عملية تØرير العراق كانت وما زالت مثيرة للجدل ØŒ ÙˆØتى يستكثر علينا البعض استخدام كلمة (التØرير) ØŒ إذ ÙŠÙضلون عليها كلمة "الاØتلال" ØŒ أو " الغزو " مع كلمات الإدانة مثل "الغاشم" ... الخ . والمؤس٠أن هذه الإدانة تأتي Øتى من بعض ضØايا النظام البعثي ØŒ ومن بعض المثقÙين ÙÙŠ العالم ØŒ وبالأخص من اليساريين. وسبب هذا الاختلا٠هو أن ذاكرة الناس ضعيÙØ© سرعان ما ينسون معاناتهم على يد النظام الساقط وينشغلون بهمومهم الØاضرة. وهذا الجدل مستمر Ù„Øد الآن وربما إلى يوم القيامة!
وعذرهم ÙÙŠ استخدام كلمة "اØتلال" ØŒ هو أن أمريكا Ù†Ùسها استخدمت هذا التعبير، ويتهموننا بأننا ملكيون أكثر من الملك!! نسي هؤلاء أن سبب استخدام أمريكا لكلمة (الاØتلال)ØŒ هو لأسباب قانونية دولية كي تØصل على تخويل قانوني من الأمم المتØدة Ù„Øماية العراق خلال الÙترة الانتقالية إلى أن يتم تسليم الØكم إلى أهله. وهذا ما Øصل بعد عام ونص٠العام من إسقاط Øكم البعث. لذا Ùبالنسبة لي كعراقي، Ùالعراق كان Ù…Øتلاً اØتلالاً داخلياً من قبل عصابة البعث الماÙيوزية لخمس وثلاثين سنة، وكان أبشع اØتلال ÙÙŠ التاريخ.
على أية Øال ØŒ هناك أسباب كثيرة لاستمرار الجدل Øول تقييم تØرير العراق من البعث الÙاشي، وهي كالتالي:
1- تم التØرير بقيادة الدولة العظمى، أمريكا وبريطانيا، وهناك اسباب تاريخية لعداء مزمن من القوى السياسية المؤدلجة ÙÙŠ العراق ØŒ اليسارية ØŒ والقومية ØŒ والإسلامية ضد أمريكا والغرب عموماً ØŒ Ùمن الشعارات التي رÙعها الØزب الشيوعي العراقي قبل التØرير مثلاً ØŒ شعار: (لا للØرب..لا للدكتاتورية). والكل يعر٠أن الشعب العراقي Øاول مراراً تØرير Ù†Ùسه بقواه الذاتية، ولكن النتيجة كانت Øرب الإبادة ومئات الألو٠من القتلى وأكثر من 400 مقبرة جماعية تم اكتشاÙها Ù„Øد الآن.
2- أدَّعوا أن هد٠أمريكا من اØتلال العراق هو نهب ثرواته النÙطية واستعباد شعبه وقتله، "وليس لسواد عيون العراقيين !". ونØÙ† نعر٠أن أمريكا لم تنهب النÙØ· ØŒ بل تشتريه بالعملة الصعبة، وارتÙع سعر النÙØ· إلى أضعا٠سعره عما كان عليه قبل التØرير. كذلك دÙعت أمريكا Ù†ØÙˆ 60 مليار دولار لإعمار العراق، إضاÙØ© إلى ما دÙعته من تكالي٠الØرب، البشرية والمالية. كما وساعدت أمريكا على إطÙاء 90% من ديون العراق. Ùهل هذا اØتلال استعماري كما يدعي أعداء العراق الجديد؟
3- شن أعداء تØرير العراق من Ùلول البعث ÙˆØÙ„Ùائهم أتباع القاعدة، Øرب الإرهاب وإثارة الÙتنة الطائÙية ØŒ بدعم من Øكومات المنطقة مثل السعودية وقطر وتركيا ØŒ ومؤسساتها الإعلامية مثل قناة الجزيرة، والعربية وغيرها، المعادية للديمقراطية ÙÙŠ العراق الجديد لأسباب طائÙية وسياسية واقتصادية، Øاولت Ø¥Ùشالها بمختل٠الوسائل.
4- بأوامر من Øكوماتهم ØŒ أصدر رجال الدين السعوديون وغيرهم من أمثال القرضاوي، Ùتاوى لقتل العراقيين الشيعة ووصÙوهم بـ" الرواÙض " Ùˆ" الشيعة الصÙوية ØŒ Ùˆ" الÙرس المجوس"ØŒ وقاموا بتدمير البنى الاقتصادية والركائز التØية بذريعة Ù…Øاربة الاØتلال، وباسم " المقاومة الوطنية الشريÙØ©". بينما الØقيقة تؤكد أن أعمالهم تلك كانت ومازالت Øرباً طائÙية وعنصرية بدليل أنه Øتى بعد رØيل القوات الدولية نهاية عام 2011 ØŒ استمرت Øرب الإبادة ضد الشيعة، وهذه المرة بØجة مقاومة "الاØتلال الصÙوي". وكذلك الشعارات والشتائم الطائÙية البذيئة التي رÙعها البعثيون والقاعدة ÙÙŠ التظاهرات Ùˆ الاعتصامات ÙÙŠ المناطق الغربية. والمخزي والمخجل ØŒ أن هذه التظاهرات الطائÙية وما رÙع Ùيها من شعارات ومطالبات مخالÙÙ‡ للدستور، نالت مباركة البعض المØسوبين على اليسار العراقي الذين أدعوا أنها مطالب مشروعة، رغم أن من بينها مطالب مثل : إسقاط الدولة العراقية ØŒ وإلغاء الدستور، وإطلاق Ø³Ø±Ø§Ø Ø¬Ù…ÙŠØ¹ المتهمين بالإرهاب بدون تØقيق ÙˆØتى المØكومين بالجرائم من قبل القضاء، وإلغاء قانون العدالة والمساءلة ØŒ بل ÙˆØتى المطالبة بمنع الشيعة من ممارسة طقوسهم المذهبية بØجة أنها شعائر طائÙية ضد أهل السنة!! Ùهل هذه المطالب مشروعه؟
5- مبالغة الإعلام العربي بØجم القتلى العراقيين إلى أكثر من مليون ونص٠المليون ØŒ والادعاء أن القتل Øصل على أيدي القوات الأمريكية ÙˆØÙ„Ùائهم "الصÙويين" ØŒ وأن معظم الضØايا هم من السنة. بينما الواقع يؤكد أن Øرب الإبادة Øصلت ضد الشيعة، وعلى أيدي Ùلول البعث الطائÙيين، ÙˆØÙ„Ùائهم الإرهابيين من القاعدة، المدعومة من الØكومات الخليجية وخاصة السعودية وقطر، وكذلك تركيا منذ انسØاب القوات الأمريكية نهاية عام 2011 .
6- لقد اثبتت الاØصائيات التي قامت بها جهات دولية Ù…Øايدة مثل منظمة (Body count)ØŒ أن عدد القتلى بلغ ÙÙŠ Øدود 100 ألÙØŒ وإØصائية أخرى نشرتها الوكيليكس Ùيما بعد، أن العدد بلغ Ù„Øد عام 2014 ÙÙŠ Øدود 130 ألÙاً. وبالتأكيد هذا الرقم يشكل Ùاجعة كبرى على الشعب العراقي ØŒ Ùقتل كل Ù†Ùس بريئة من بنات وأبناء شعبنا كارثة إنسانية رهيبة ØŒ ولكن أين هذا الرقم من مليون ونص٠المليون ضØية كما يدعي الإعلام العربي المساند للإرهاب ÙÙŠ العراق؟
إن الغرض من تضخيم أرقام الضØايا ليس تألماً على شعبنا، أو دÙاعاً عنه وإدانة للجناة، بل للتØريض ضد الشعب العراقي، واعتبار معظم الضØايا من السنة، قتلوا على أيدي القوات الأمريكية والشيعة "الÙرس المجوس"ØŒ للشØÙ† الطائÙÙŠØŒ ولإثارة غضب العرب والمسلمين وتØريضهم لدعم الإرهاب ÙÙŠ العراق ... والمؤس٠أنهم نجØوا ÙÙŠ ذلك.
7- خراÙØ© التهميش: منذ سقوط البعث الÙاشي، ادعوا أن الشيعة همشوا السنة ÙÙŠ المشاركة ÙÙŠ الØكم . والØقيقة أن السنة هم همشوا أنÙسهم ÙÙŠ أول الأمر، Øيث قاطعوا العملية السياسية، ورÙضوا المشاركة ÙÙŠ السلطة والانتخابات على أمل إسقاط النظام الجديد وإعادة الوضع إلى ما قبل 2003... وأخيراً انتبه العقلاء من أهل السنة، Ùشاركوا ÙÙŠ العملية السياسية، ولكن اندس البعثيون ÙÙŠ صÙÙˆÙهم لغرض إسقاط العملية من الداخل باستخدام الورقة الطائÙية. Ùرغم مشاركتهم ÙÙŠ السلطة، ووÙÙ‚ ما اÙرزته صناديق الانتخابات، إلا إنهم شاركوا ÙÙŠ الØكومة ÙƒØصان طروادة، من أجل شلها وتÙجيرها من الداخل، لأنهم ÙÙŠ Ù†Ùس الوقت مارسوا الإرهاب. وجرائم طارق الهاشمي وراÙع العيساوي ومØمد الدايني وأسعد الهاشمي وأØمد العلواني وعيرهم باتت معروÙØ© للجميع ... Ùمعظم العمليات الارهابية التي جرت وتجري ÙÙŠ المناطق الشيعية تدار من قبل المشاركين ÙÙŠ السلطة، وتنÙØ° من قبل Øماياتهم وأتباعهم من الإرهابيين.
8- شن أعداء الديمقراطية من البعثيين ÙˆØÙ„Ùائهم Øملة ضارية لتشويه صورة الديمقراطية وإيعاز جميع الشرور والجرائم التي ارتكبوها بالتØال٠مع القاعدة ضد الشعب إلى الديمقراطية ØŒ والمØاصصة ØŒ والØكومة ØŒ أو بالأØرى إلى رئيسها، والإدعاء أن الإرهاب والÙساد والنهب نتاج هذه الديمقراطية التي جلبتها "أمريكيا سيئة الصيت! " .
ÙÙŠ الØقيقة كل Ùقرة أعلاه تستØÙ‚ أن تكون مقالاً مستقلاً، وقد مررنا على الكثير منها ÙÙŠ مقالات سابقة.
من جرائم البعث
لقد توÙرت Ù„Øزب البعث، خلال 35 سنة من Øكمه، Ø£Ùضل الÙرص والظرو٠السياسة والاقتصادية والدولية ليطور العراق ويخرجه من دولة متخلÙØ© إلى مستوى الدول المتقدمة ÙÙŠ العالم الأول، ولكن بدلاً من ذلك ØŒ بدد البعث الثروات الهائلة على عسكرة المجتمع، وسباق Ø§Ù„ØªØ³Ù„Ø ØŒ والØروب العبثية والخراب الشامل، وارتكب قائمة طويلة من الجرائم التي لا تعد ولا تØصى بØÙ‚ الشعب العراقي وشعوب المنطقة وخاصة الشعبين الإيراني والكويتي.
لقد جلب Øكم البعث على العراق خلال 35 سنة من Øكمه الجائر، وباختصار شديد الكوارث التالية:
أولاً ØŒ قبل اغتصاب البعث للسلطة عام 1968 كان الدينار العراقي يعادل 3.5 دولار أمريكي، ثم بدأ سعر الدينار بالهبوط منذ استلام صدام رئاسة الدولة إلى أن بلغ ÙÙŠ الأيام الأخيرة من Øكمه مستوى الصÙر بØيث صار سعر الدولار يعادل 3500 دينار، أي صارت القوة الشرائية للدينار العراقي دون سعر الورقة التي يطبع عليها، أي Ø¥Ùلاس تام وانهيار كامل لاقتصاد بلد عائم على بØر من النÙØ·. Ùهل هناك Ùساد ÙˆÙشل أسوأ من ذلك؟
ثانياً ØŒ لقد بلغت واردات النÙØ· أرقاماً عالية وقياسية غير مسبوقة ÙÙŠ عهد Øكم البعث، Ùقبل أن يسيطر صدام على رئاسة الجمهورية عام 1979ØŒ بلغ رصيد العراق من اØتياطي العملة الصعبة والذهب Ù†ØÙˆ 45 مليار دولار، وهذا مبلغ كبير ÙÙŠ Øينه، ولكن نتيجة لسياساته الطائشه، عند سقوط Øكمه بلغت الديون Ù†ØÙˆ 120 مليار دولار، إضاÙØ© إلى مئات المليارات من تعويضات الØروب، يعني دولة Ù…Ùلسة.
ثالثاً ØŒ بلغ عدد قتلى العراقيين خلال Øكم البعث Ù†ØÙˆ مليونين، إضاÙØ© إلى التهجير القسري لأسباب طائÙية، والهجرة الطوعية للذين Ùروا بجلودهم Øيث بلغ عددهم Ù†ØÙˆ 5 ملايين، موزعين على شتى أنØاء المعمورة .
رابعاً ØŒ Øقق Øكم البعث Ù‚Ùزة كبرى ولكن إلى الوراء، Øيث أعاد المجتمع العراقي إلى عهد العشيرة والقبيلة والطائÙية، وتÙتيت النسيج الاجتماعي، والتجهيل المتعمد، وما Øصل من ردة Øضارية، وانهيار Ùكري وأخلاقي، وتدمير Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù…ÙˆØ§Ø·Ù†Ø© والولاء للعراق ... Ùˆ الذي يدÙع الشعب ثمنه الآن .
خامساً ØŒ قبل اغتصاب البعث للسلطة كان ÙÙŠ العراق Ù†ØÙˆ 40 مليون نخلة، وبسبب Øروبه العبثية هبط العدد إلى أقل من 8 مليون نخلة، إضاÙØ© إلى قيامه بتجÙي٠الأهوار وتدمبر البيئة. يعني أن Øكم البعث قد أهلك الØرث والنسل، وأØال العراق من (بلاد السواد) لكثرة مزارعه إلى صØراء قاØلة.
وبعد كل هذه الكوارث، يتباكى البعض هذه الأيام ويترØÙ… على عهد البعث الصدامي ويدَّعون كذباً أنهم كانوا معارضين Ù„Øكمه.
وعليه Ùكل ما ألØÙ‚ بالعراق من خراب ودمار وأضرار وجرائم ØŒ منذ 8 شباط 1963 وإلى الآن، يتØمل مسؤوليته البعث الÙاشي. Ùشعارهم (إما Ù†Øكمكم أو نقتلكم... عليَ وعلى أعدائي يا رب!!)
ورغم كل ما يمر به العراق من مرØلة قاسية بعد سقوط Øكم البعث الجائر، Ùهذه الكوارث هي الثمن الباهظ التي تدÙعها الشعوب للانتقال من الاستبداد الجائر إلى الديمقراطية الناضجة، والتمرن على ممارستها، وتبني Ø±ÙˆØ Ø§Ù„ØªØ³Ø§Ù…ØØŒ والتعايش السلمي مع المختل٠وØÙ‚ الاختلاÙ. وقد مرت بها كل الشعوب التي سبقتنا ÙÙŠ هذا المجال.
لقد أثبت البعثيون خلال 35 سنة من Øكمهم الجائر وهم ÙÙŠ السلطة، Ùˆ13 سنة من إرهابهم وهم خارج السلطة، أن البعث لم يكن Øزباً سياسياً، بل عصابة ماÙيا إجرامية مسلØØ© أدعت بعض المبادئ السياسية، وتقمصت السياسة، وبغÙلة من الزمن، وبمساعدة ظرو٠دولية شاذة مثل الØرب الباردة، استطاعت هذه العصابة أن تغتصب السلطة بانقلاب عسكري، وتØكم الشعب العراقي بالنار والØديد، وتنهب ثرواته وقتل شعبه وتشريد الملايين من أبنائه. لذلك ÙÙ†ØÙ† لا نجاÙÙŠ الØقيقة إذا قلنا أن Øكم البعث كان أبشع أنواع الاØتلال للعراق، وعليه، كان واجباً أخلاقياً على المجتمع الدولي بقيادة الدولة العظمى تØرير الشعب العراقي من أبشع اØتلال Ùاشي جائر عرÙÙ‡ التاريخ.
بالله عليكم ØŒ إن Øزباً هذا تاريخه البشع، ألØÙ‚ بالشعب العراقي وشعوب المنطقة الدمار الشامل، هل يستØÙ‚ العط٠والدÙاع عنه والمطالبة بعودته أو Øتى مشاركته ÙÙŠ السلطة؟ غني عن القول إن من يداÙع عن هكذا نظام همجي جائر هو إما مازوخي (Masochistic) يستلذ العبودية وتعذيب ذاته ÙˆØياة الذل والهوان، أو هو واØد من الماÙيا البعثية. ÙˆÙÙŠ جميع الأØوال Ù†ØÙ† ضد هؤلاء، ولا بد من المرور بهذه المرØلة القاسية، والعمل لتوÙير الظرو٠الطبيعية لشعبنا ليبدأ Øياة طبيعية كريمة تليق بكرامة الإنسان أسوة بالشعوب المتØضرة.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــــــــــــــــ
* نشرت٠هذا المقال قبل عامين، وقد ذكَّرني به قبل أيام صديق عزيز، Ùأعدت قراءته، ونظراً لأهميته، وضع٠ذاكرة الناس ونسيانهم لجرائم البعث الساقط ØŒ رأيت من المÙيد إعادة٠نشره اليوم بمناسبة مرور 13 عاماً على تØرير العراق من الÙاشية، وذلك عملاً بالقول الكريم: وذكÙّر إن Ù†Ùعت الذكرى.