الأقباط متحدون - بكاء إبراهيم باشا
أخر تحديث ٠٥:٠١ | الأحد ١٠ ابريل ٢٠١٦ | ٢برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٨٩٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

بكاء إبراهيم باشا

بقلم:  د. مينا ملاك عازر

يقف متوارياً وراء غطاء لألا يراه أحد، فيقلب عليه المواجع، ويذكره بما يتمنى المصريون الآن أن ينسوه لصاحب الجلالة، يقف التمثال متوارياً بكبرياء، يفهم أن احفاده فخورين به لكنهم في حاجة إلى عدم إغضاب صاحب الجلالة، لا يريدون أن يذكرونه بجده الذي تسبب إبراهيم باشا في إعدامه حين قبض عليه وأرسله للباب العالي ليعدموه حين تمرد عليهم.

أفهم تماماً حساسية الموقف، وأتفهم الموقف المصري من تغطية التمثال لعلهم أيضاً وضعوا في اعتبارهم أن ملك السعودية يرفض  التماثيل ويعتبرها أصناماً، لا داعي من إغضابه، إنجلترا نفسها سبق لها وأن غطت لوحة رسمها الفنان ويليام سادلر تمثل لمعركة ووترلو التي انهزم فيها نابليون بونابرت لتراعي بذلك مشاعر ضيفها الرئيس الفرنسي آنذاك، وهو نفس ما فعلته مصر لتراعي شعور الحفيد السعودي والذي له منا كل التقدير، إبراهيم باشا نفسه يتفهم هذا تماماً ويقبله كله لأجل أحفاده الذي بذلت أسرته الكثير لهم، اتفقنا أو اختلفنا حول ما فعلته أسرة محمد علي لكننا لا يمكن أن نشك أن هذه الأسرة كانت تزيد من مساحة مصر وتضم لها الأراضي ولم تفرط قط في شبر من أرض مصر.

وإزاء ما تقدم، أحب أن أذكر الناس باللوحتين اللتين على جانبي التمثال الشامخ في ميدان الأوبرا والذي نفذه الفنان الفرنسي كورديلة والأخير رسم لوحتين تمثلان أهم معركتين عسكريتين في تاريخ مصر العسكري الحديث، معركة نزيب ومعركة عكا ولكن الأتراك رفضوا وضع اللوحتين على جانبي التمثال لأنهما تذكرانهم بهزائمهم المذلة أمام الجندي المصري، ولما لم تضعهما مصر أخذهما الفنان الفرنسي وعرضهما عام 1900 بمعرض بباريس ثم تواريا في الأستوديو الصغير الخاص به ولم يعثر عليهما ولكن لما أرادت الحكومة المصرية الاحتفاء والاحتفال بذكرى إبراهيم باشا المئوية عام 1948 وكانت مصر قد تحررت من قبضة الأتراك بحثت الحكومة المصرية عن اللوحتين فلم تجدهما لكن تم العثور على صورة فوتوغرافية لهما فقام الفنانين أحمد عثمان ومنصور فرج بتنفيذ لوحتين مشابهتين لهما، وتم وضعهما للآن على جانبي التمثال ليبقى إبراهيم باشا شاهد بلوحتيه عن تاريخ عسكري لمصر يستحق الذكر والاحترام والتباهي به.

لكن ترى، لماذا يبكي إبراهيم باشا الآن؟ ليس لأنه مغُطى، ولا لأنه مغطى أمام حفيد أسيره السابق لكنه يبكي كل يوم على حال بلادنا يا مصرين الذي ما كان هو ولا والده ولا ولده إسماعيل يتوقعون  أن يصل لهذا الحال أبداً للأسف.

المختصر المفيد تحية لهؤلاء الذين لم يكونوا مصريين لكن كانوا يعرفون قدرها وأعطوها قيمتها بين العالم.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter