د. مينا ملاك عازرٍ
نشكر ربنا، انتقلت مصر من خلال عنق الزجاجة لآفاق أكثر رحابة، فبعد أن كانت تحلم بسلامة الخاطف والمخطوف إبان خطف جنودنا بسيناء حين كان المرشد يحكم، إلى الرغبة الحميمة لسلامة القتلى المتورطين في مقتل ريجيني.
كل هذه الضجة التي تثيرها إيطاليا على رجل يحمل جنسيتها لم يثرها إلا قليلين لمقتل خمسة كان المخطط لقتلهم المداراة على قاتل ريجيني الشاب الباحث الإيطالي والجاسوس البريطاني، والمتعاون مع منظمات غير حكومية إيطالية لنقل المعلومات عن مصر، المهم سلامة القتلة.
مصر بلد متوسطي، له علاقات جيدة بإيطاليا واستثمارات كبيرة متوقعة، كله ممكن يروح ونضحي به لأجل سلامة القتلة، هما كانوا من بقية أهلنا!! قتلة وسفاكي دماء وأخطأوا وعذبوا حتى الموت يبقى ليه ما نسلمهمشي؟ وليه ما نكشفشي عنهم؟ يبقى ليه ما نكشفش عن مين إللي قتلهم؟ ليه نظهر عاجزين عن كشف جريمة جرت على أرضنا وبعاصمتنا، وكله في سبيل سلامة القتلة.
الانتقال من سلامة الخاطفين لسلامة القتلة، انتقال لم يكن متوقع، ولا هو انتقال مفهوم، هل القاتل عزيز عليَّ؟! أم أنه غالي في نفس غلاوة ريجيني على إيطاليا! يعني من باب إن القاتل غالباً مصري وإحنا ما نتسلمشي في قتيل أجنبي، من منطلق ارفع رأسك فوق إنت مصري، وهذه النظرات استعلائية.
لو كنتم قتلتم ريجيني، قولوا وخلصونا، ولو لم تكونوا اكشفوا عن القاتل، وبرضه خلصونا، يا تبينوا كرامة بأنكم جهاز شرطي جامد وجايب التايهة، ولا إنتم مش بتتشطروا غير على النشطاء والسلميين، وبتفرجوا عن ابو سمرة والظواهري والإرهابيين، يا تعترفوا بأنكم القتلة وتخلصونا وتظهروا كرامة من وطنيتكم هذه التي صدعتمونا بها بأنكم تحمون الوطن من المؤامرات، فها هو الوطن داخل على منعطف قد يلبس في الحيط بسببكم، اخلصوا وورونا الهمة بدل ما منظركم أدام الإيطاليين إنكم تعبانين، ومش قادرين تعرفوا من القاتل أو أنكم تسعون لسلامة القتلة.
في كل مكان في العالم، طرد الجريمة الكاملة من بين جنباته ومن فوق أرضه فاستوطنت مصر وسكنت واستقرت، الشرطة في مصر تريد أن تثبت أنه توجد الجريمة الكاملة أنه يمكن أن تقتل ولا تعرف أم أنك تعرف ولا تريد أن تقول لأنه يهمك سلامة القتلة.
ريجيني يا سادة لم يقتل، نعم لم يقتل فقط وإنما سبق القتل تعذيب، قد يكون ده لوحده وده لوحده، وقد يكون التعذيب تسبب في القتل، الخلاصة أنه قُتِل والقاتل ينعم بالأمن والأمان والمتانة والسلامة لأننا لا يهمنا إلا سلامته.
ما يؤسفني أنه لو لم يكن ريجيني إيطالي ما صار علينا الكشف على الجاني، فلو كان مصرياً مثلاً لقلنا أه قتل خطأ أو انتحر أو كان الإعلاميين إياهم ضغطوا علينا لنصدق أن الخمسة المقتولين بغير ذنب غير أنهم مصريين، ولن يطالب أحد بحقهم، ويمكن تحميلهم جريمة مقتل ريجيني لأجل سلامة القتلة الحقيقيين الذي يبدو أن الداخلية تعرفهم وتسعى لسلامتهم.
المختصر المفيد حضرة .... المتهم كن وطني وسلم نفسك.