د. مينا ملاك عازرٍ
أتفهم تماماً أن زيارة الملك السعودي لمصر لأمر جلل، بيد أننا قد استقبلنا الرئيس الروسي بوتين ولم نفعل ما فعلناه الآن، فبرغم ما قدمه الملك السعودي وعائلته لمصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو وحتى الآن إلا أنني لا أرى مبرر لتلك المبالغة التي تصل لحد الإفراط في الترحيب والمبالغة خاصةً وأنهم لم يحتفوا هكذا برئيسنا الرئيس السيسي حال زيارته هو للسعودية، وقد زارها غير مرة في عهد الملك الحالي وفي عهد سلفه رحمه الله.
لم يدهشني في الزيارة إلقاء حارس الملك سلمان المنديل على الأرض فإن اعتبرناه سلوك عفوي وأنه يتعامل وكأنه في بيته الذي لا أظنه يستطيع عمل هكذا به إلا أنني أثق تماماً أنه سلوك غير مقصود من شخص يعرف أنه تحت الأضواء وكل ما سيفعله سيكون مرأي اللهم إلا إذا كان يتعامل معنا ظاناً بأن نفس سقف الحرية الذي يتمتع به إعلام السعودية هو نفس سقف الحرية الذي يتعامل من خلالها الإعلام المصري أي أننا سنغض النظر عما فعله.
حوالى ستة عشر اتفاقية وقعها الملك السعودي في مصر في مجالات عدة وهو شيء رائع، المهم تطبيق تلك الاتفاقيات، والأهم موافقة البرلمان المصري الذي صار مناط له القبول والرفض لتلك الاتفاقيات، وهذا يفرق بيننا وبين السعودية التي بلا برلمان يستطيع رفض قوانين حكومية وأوامر ملكية، رائع أن يزور الملك سلمان الأزهر وايضاً يلتقي بقداسة البابا تواضروس الثاني، ما يعكس عمق الزيارة وأبعادها الإقليمية المتبحرة في الشخصية المصرية المتكونة من عنصرين للأمة يشكلان نسيجاً لا يُخترق من أي إنسان، وهذا يعني أن المسيحي والمسلم في نظر ملك السعودية سواء، وهذا ايضاً أمر رائع.
أما تسمية الجسر البري بين السعودية ومصر الذي أخيراً سيرى النور باسم الملك السعودي، لأمر مبهر وخلق كريم من الرئيس السيسي الذي بدى واضحاً أنه يرفض أن يسمي أي مشروع على اسمه، وهو أمر نحيي الرئيس السيسي عليه رغم ما به من إنكار ذات محمود إلا أنك قد تعتبره بخس لحق مصر في مشروع إقليمي كهذا، لكنني أتفهم رؤية ورغبة الرئيس السيسي والمتمثلة في تكريم الملك، والأهم هو تعميم الفائدة على المستفيدين من المشروع وهذا الأهم.
أخيراً، لكل خبيث لكز نفسه ومن جاوره حينما قرأ أن واحدة من الاتفاقيات الموقعة تحارب الفساد لأنه يعرف أن زعماء كبار وملوك نفط متورطين بوثائق بنما الشاهد الأعظم في العالم على فساد شخصيات كبرى، أقول المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته وهذا أولاً وأخيراً شأن داخلي لا علاقة لنا به.