بقلم: د. مينا ملاك عازر
يدخل الرئيس السيسي اختباراً ما كان في الحسبان له ولمصر كلها، اختبار أشد خطورة من ذلك الذي يواجهه غداً في لقائه الأول على أرض مصر مع ملك السعودية حين يتخذ القرار بالذهاب لتركيا أو عدم الذهاب وإغضاب ملك السعودية اختبار الرئيس السيسي في هذه المرة زاد من صعوبته إقالته للمستشار هشام جنينة الذي كان واجب إقالته لا جدال لكن على يد مجلس النواب دون أن يتورط الرئيس في مسألة كهذه أو كانت تلزم وطنية المستشار هشام نفسه بأن يستقيل لرفع الحرج عن الدولة ومؤسساتها لأنها لم تعد قادرة على التعاون والتعامل معه.
الرئيس السيسي اختباره اليوم خارج الحدود المصرية رغم أنه لم ولن يبرحها لتلك البقعة من العالم حيث يوجد رابع أشهر مكتب استشارات قانونية "موسكا فونسيكا" الذي يوجد ببنما.
حضرتك تابعت طبعاً ما عُرف بأزمة وثائق بنما، ورائع أن تعرف أن أكثر من أربع مئة صحفي عملوا على تحقيق أكثر من أحد عشر مليون وثيقة ظهرت بطريقة هذا العصر وهي طريقة التسريب والقفز من فوق الأسوار، أربع مئة صحفي من ثمانين دولة كلهم عملوا على تفنيد ومتابعة خيوط تلك الوثائق التي كشفت فساد زعماء عالميين منهم من رحل ومنهم من هو باقي، تختلف وتتفق حولهم، تثق أو تشك في فسادهم، لكن كلك ثقة بأنه لا يوجد أمريكي ولا الماني واحد بها حتى الآن بل اسمح لي بأن أذهب لأبعد من هذا وأقول أنه لا يوجد بالاسماء المتورطة في تلك الوثائق شخص ترضى عنه أمريكا، وما يجمع كل هذه الأسماء أن أمريكا تغضب عليهم.
دعك من ميسي فلا علاقة لميسي بأمريكا لكنه قد يكون متورطاً بفعل الرغبة الأمريكية المحمومة التي تشاركها فيها الكثير من بلدان العالم الغربي لمنع قطر من تنظيم كأس العالم لكرة القدم، لكن يبقى بوتين والأسد والقذافي وغيرهم من المغضوب عليهم من أمريكا والغرب بشكل عام، هم محور الوثائق التي تكشف كيف يطير رأس المال من نقطة لنقطة للمواراة على فساد استشري في الكثير من دول العالم الثالث، بل والغريب أنه في أعتى الديمقراطيات كبريطانيا التي يتورط أبو رئيس وزرائها، والأرجنتين التي نهضت ولكن رئيستها تتهم بالفساد وما خفي كان أعظم.
يمكن لحضرتك أن تسألني، حول دخول مبارك ورموز نظامه في تلك الوثائق، الإجابة واضحة ربما لأنهم فعلاً فسدة، ولأن الوثائق حقيقية، وربما أيضاً لأن أمريكا تختبر الرئيس السيسي في موساك فونسيكا، وذلك لترى رد فعله كيف سيتصرف وحكومته؟ هل سيصمت؟ هل ستحرك الجهات القانونية القضايا ضد هؤلاء المتورطين والذين تتصالح معهم الدولة الآن وتدعم لهم الغاز لإنتاج الحديد لمصانعهم أم أن الجميع سيصمت كما صمت عندما كشفت أمريكا عن فضيحة رشوى تورطت فيها شركة مرسيدس العالمية في مصر ولم يحاول أحد الكشف عن ذلك المسؤول المرتشي.
المختصر المفيد مصر فوق أي اعتبارات زمالة وأقدمية، الفساد عدو علينا أن نحاربه.