الأقباط متحدون - مسألة قولون
أخر تحديث ٠٦:٣٧ | الاثنين ٨ نوفمبر ٢٠١٠ | ٢٩بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٠٠ السنة السادسة
إغلاق تصغير

مسألة قولون

بقلم : محمد بربر
لم تكن " أم إبراهيم "تدرك يومًا أن السعد سيفتح لها أبوابه, لأنها لا تفتح إلا أبواب المقهى صباح كل يوم لتسعى إلى لقمة عيشها بعد أن توفى زوجها وترك لها المقهى, حين شاهدت المسئول الحكومي وهو يؤكد أنه يعيش وضميره مرتاح، وينام وضميره أكثر راحة ثم يتحدث  يتحدث ليعلن مفاجأة الحكومة، ويبشر فقراء"مصر"الذين صبروا واحتسبوا طوال السنين " الكحلى " السابقة, وبالفعل أعلن السيد المسئول عن زيادة الحد الأدنى للأجور ليصل إلى " 400 جنيه " بما يتناسب ومتطلبات الحياة، لهؤلاء الذين يعيشون في الطابق الأدنى، ولا يتجاوز سقف أحلامهم تذوق ربع كيلو لحمة كل عام, بشرى الحكومة جعلت " أم إبراهيم " في سعادة بالغة .

ولم لا وهى تُعلم ابنتها الكبرى حتى تكبر وتتخرج من الكلية ثم تعمل وتعود آخر كل شهر بالمرتب, المرتب في حياة"أم إبراهيم"مسألة حياة أو موت, لملمت المعلمة أفكارها وتخيلاتها وطموحاتها نحو مستقبل ابن حلال, غير أن الصوت القادم من ركن هادئ في المقهى حمل معاني أخرى انتبهت لها "أم إبراهيم", حين قال الشاب الجالس منذ وقت طويل على المقهى، بعد أن فصلته الشركة التي كان يعمل بها من عمله بسبب اشتراكه في اعتصام للعمال، لمطالبة الشركة بزيادة الأجور " افرحي افرحي يا أم إبراهيم , هو لسه فيه حد بيصدق كلام التليفزيون, ده أنتي تلاقى المسئول منهم يفضل يقولك أنا بنام وضميري مرتاح, وهو أصلاً عامل " ريست " لضميره من فترة طويلة "

أحزن هذا الكلام السيدة البسيطة، ودافعت عن حكومتها قائلة" صوابع أيديك مش زى بعضها يا سي الأستاذ ", ضحك الشاب العاطل باقتدار من فرط سذاجة"أم إبراهيم قبل أن يكمل " صوابع إيه بس , ويعنى إيه ضمير سيادته, وبعدين لا مؤاخذة هو الضمير ده عضو في جسم الإنسان ولا فرض ديني، ولا حاجة كده في القلب ", دهشة"أم إبراهيم"وإنصاتها لكلام هذا الشاب جعله يكمل كلامه قائلاً " كل مسئول بيصنع مبررات علشان يدافع بيها عن نفسه, تلاقى عبارة بتغرق والوزير يقولك ضميري مرتاح, وضابط يعذب المواطن ويقولك ضميري مرتاح, وهؤلاء جميعًا يتحدثون على أساس أنهم حماة البلد من هؤلاء المواطنين الحرامية الوحشين، أو عملاء خونة إرهابيين " , استرسل الشاب في حديثه ضاحكًا

" نفسي نناشد السادة المسئولين بأنهم يغيروا مسألة المضير دي, ممكن يخلوها القولون, ويطلعوا علينا يقولوا إن القولون عندهم مرتاح طول ما انجازاتهم بتتكلم عنهم, ويبقى على الأقل عارفين مكان القولون ونقدر نكشف عليه في حالة لو مصدقناش الكلام " .
ضحكت"أم إبراهيم"وتعالت ضحكاتها  ثم أصابتها الدهشة، وهى ترى جحافل من الشباب، والرجال، وبنات، رسمن على وجوههن أعلام مصر لتتعالى الصيحات" وزى ما قال الريس , منتخب مصر كويس " ... هنا تعالت ضحكات"أم إبراهيم"مرة أخرى وكذلك ضحك الشاب وهو يقول "مش قلتلك , دي مسألة قولون " .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter