الأقباط متحدون | المواطنة الصالحة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:٣٠ | الأحد ٧ نوفمبر ٢٠١٠ | ٢٨بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

المواطنة الصالحة

الأحد ٧ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: مينا عطالله
: ان هناك نسبة كبيرة من مشكلة ضعف تنفيذ المشاريع الاستثمارية تجد حلولها من خلال تحسين أداء المسئول من خلال تنمية الشعور بالمسؤولية والأمانة في تأدية الواجبات. والسؤال الكبير كيف نصل ذلك؟
، لا بد من الإقرار بان الحقبة السياسية الدكتاتورية الماضية أفرزت ممارسات وسياسات بعيدة كل البعد عن الشعور بالمواطنة.  فبدلا من حماية حقوق الفرد (المادية والمعنوية) كانت في واقع الحال سببا مباشرا في هدر تلك الحقوق.
 فولدت تلك الممارسات في نفس المواطن المحروم حقدا أو ضبابية جعلته يثأر من الدولة وممتلكاتها.  لقد كانت (ولازالت) ممارسات الفرد عقب الاحتلال تتجسد بحالات النهب والسلب للمصالح العامة والتعدي على الحقوق الخاصة للآخرين. وبعبارة أخرى أدت تلك الممارسات والسياسات الخاطئة إلى طغيان الأنا ومن ثم التعارض الكبير وعدم التوافق بين المصالح الخاصة والعامة، وهو من وجهة نظرنا العامل الرئيسي في استفحال مشكلات الفساد الإداري والاقتصادي في العراق.
 ان المواطنة هي المشاعر التي يتمتع بها المواطن وبموجبها يتنازل عن مصالحه الخاصة من اجل الصالح العام.  هذه المشاعر تنمو وتترعرع عندما تكون الدولة عادلة في توزيع الثروات وحامية لحقوق الفرد المدنية والسياسية. وتلعب خدمات التربية والتعليم والأديان والأفكار الاجتماعية دوراً في تنمية تلك المشاعر التي يعبر عنها المواطن بأشكال مختلفة: العمل الطوعي، والحرص على دفع الضرائب، والمشاركة في الانتخابات، وحماية الحق العام ... الخ.  ولكن غياب المواطنة الصالحة يؤدي إلى شيوع الفساد المالي (التجاوز على المال العام) والفساد الإداري (غياب الشخص المناسب عن المكان المناسب أو عدم ادعاء العمل بالشكل المطلوب).
لدى المقارنة بين الدول الغنية والفقيرة للوقوف على مصادر وعوامل الرخاء، لا نجد للعمق التاريخي، ولا لتوفر الموارد الاقتصادية، ولا لنوع الديانة، أو لون البشرة تأثيرا يذكر،  بل نجد الدول الغنية تتصف بشكل عام: باحترام المواطن للقانون، وبأداء العمل الطوعي، وبالأداء الأمين للإعمال، وبالقبول بالطرف الأخر، وبالإيمان بالقيم الإنسانية ... الخ.  وفي تفسير الرخاء الاقتصادي في بعض الدول (شملت الدراسة 135 دولة)، وجد أن تطبيق متطلبات الحرية الاقتصادية عامل مهم، ولكن العامل الأكثر أهمية هو تطبيق سيادة القانون. واثبت الباحث إحصائيا وجود علاقة طردية بين سيادة القانون (من جهة) وتطور الناتج المحلي الإجمالي، وحجم الاستثمارات الأجنبية، والعمالة، وحرية التعبير، والشعور بالمسؤولية، وعكسيا مع نسبة البطالة، ونسبة الفساد، وسوء توزيع الثروة.  ان سيادة القانون تعني احترام المواطن للقوانين والتعليمات العامة،  وان هناك نوعا من التوافق بين الصالح العــام والخاص. ويتعزز القول عندما نراجع تجربة الإصلاح  المتقهقرة في روسيا وبعض دول أميركا اللاتينية بسبب غياب الأسس الضرورية لسيادة القانون. وفي البوسنة أدى التعدد العرقي والولاء له وغياب الشعور بالانتماء للوطن الواحد إلى فشل كثير من الجهود الإصلاحية.  ان الحالة الاقتصادية المتطورة في "دبي" لم تكن لتتحقق دون توفر التشريعات القانونية المناسبة واحترام سيادة القانون، فلم يكن التطور نتيجة لسخاء الطبيعة ولا للطبيعة المتميزة للإنسان الإماراتي.  إن المواطنة الصالحة هي الطاقة والروح الضرورية لحركة جميع مفاصل الدولة.  أنها العامل المفسر للتطور والرقي ويمكن أن نختزل الأمر إلى حالة الانسجام بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة التي تلعب المواطنة دورا كبيرا في بلوغ هذا الانسجام.
إن استكمال متطلبات العملية السياسية والاهتمام بالتربية والتعليم، وتطوير عمل المؤسسات الدينية وجمعيات المجتمع المدني في نشر "مبادئ العقد الاجتماعي"،  ستؤدي إلى تعزيز المواطنة الصالحة.  تلك المواطنة التي أعادت لألمانيا الغربية المدمـّرة الحياة (بعد الحرب العالمية الثانية).
 يذكر التاريخ، على سبيل المثال، أن معامل "الفوكس واكن" الشهيرة بإنتاج السيارات لم تستطع إن تلتقط أنفاسها لولا قيام العاملين بعد الحرب مباشرة بالعمل دون مقابل والى حين.وتعبيرا عن الاهتمام المتزايد بالمواطنة، أمر رئيس الوزراء البريطاني مؤخرا بتشكيل لجنة بقيادة "اللورد كولدسمث"، بإعداد دراسة عن دور المواطنة في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية. وأكملت اللجنة أعمالها في ابريل2008،  ومن جملة التوصيات: التأكيد على احترام حرية الفرد وعدالة الدولة في ممارسة نشاطاتها المختلفة لجميع مكونات المجتمع وتعميق ممارسات العمل الطوعي باستخدام الحوافز المادية.
إن الدولة العراقية أحوج في هذه الظروف إلى تطوير البرامج الداعمة للمواطنة.  فلا امن يتحقق، ولا استقرار سياسيا، ولا تطور اقتصاديا يرتجى دون مواطنة صالحة. من الإجراءات المطلوبة هو إن تتبنى الحكومة:
1. تشكيل لجنة خاصة بشأن تنمية الشعور بالمواطنة الصالحة على أن تقوم اللجنة بإعداد الدراسات والتوصيات.
2. وضع الحوافز المادية لانخراط المواطنين بالتعليم ابتداء من التعليم الابتدائي ورفع مستوى الوعي والقضاء على الأمية.
3. وضع التخصصات المالية لدعم جمعيات المجتمع المدني في تعميق الممارسات التي تصب في تنمية المواطنة الصالحة. على أن تصرف ضمن ضوابط وعلى مشاريع محددة كالتي تسهم في نشر الأمن وتنفيذ المشاريع الخدمية.
 ويشمل هذا التوجه تطوير عمل المؤسسات الدينية في مجال تعزيز المواطنة الصالحة واحترام سيادة القانون ونبذ الخطاب الذي لايصب في خدمة التنوع العرقي وتحريم الممارسات التي فيها تجاوزات على الصالح العام والإنسان.
4. استكمال متطلبات المشاركة السياسية، إذ إن ممارسة العدالة في نهج الدولة والحكومة شرط ضروري لخلق أجواء المواطنة الصالحة، وان المحاباة والمحاصة، حزبية كانت أم طائفية، هما تغييب للكفاءة والعدالة.
5. قيام الحكومة سنويا بتكريم الموظفين والعاملين المبدعين، والأشخاص (أو العشائر أو المؤسسات الدينية أو منظمات المجتمع المدني) الذين لهم دور طوعي في بناء المواطنة الصالحة أو في إقامة المشاريع الخيرية المتميزة.
6. معالجة الفقر بنشر منافع مشروع الحماية الاجتماعية بالسرعة المطلوبة وبالتعاون مع لجان محلية. إذ أن ذلك يعزز الشعور بالتكافل الاجتماعي ويقلل من الآثار السلبية للفقر.
أملي أن تكون هذه الدراسة بداية حوار هادف لتفعيل المواطنة بمصر.....




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :