بقلم: عصام نسيم
لأننا نعيش في زمان رديء أصبحنا نرى الهجوم على كنيستنا القبطية بإشكال متعددة ومن أشخاص متنوعة مختلفة منهم من خارج الكنيسة ومن من الداخل !
اخر هؤلاء هو نيافة المطران يوحنا تكلة النائب البطريركي للاقباط الكاثوليك ! ورغم ان هناك الكثير من التصريحات المثيرة للجدل والدهشة ولكنه يأتي ما صرح به مؤخرا عن الكنيسة القبطية اكثرها جدلا !
النائب البطريركي يقول :
ان البابا (القبطي ) وضع نفسه بديل الفرعون حتى في الملابس وفخامتها !! (فرعون مرة واحدة )
الكنيسة رفضت الثقافة العربية بينما احتفظ بالفرعونية والدليل كما يقول انها منعت دخول الهيكل بالحذاء وهذا موروث فرعوني !!!
إن الكنيسة تحولت من كنيسة شهداء إلي أيدلوجية !! ( يعني ايه ؟ )
ثم يتسأل جناب المطران هل ستستمر الكنيسة مع تقدم العلم بنفس التفكير ؟! فهذا سؤال لابد إن يجد اجابة فقد صرح البابا شنودة يوما إن اعظم عائلات الغرب اصبحوا مطلقين ؟ ( قال كده فين ولمين وعن مين ؟؟! )
هذا جزء من الحوار الذي نقلته بعض الصحف عن محاضرة لنيافة المطران من سلسلة محاضرات عن هوية الكنيسة الكاثوليكية !
لا اعرف هل لكي تؤكد صحة معتقدك يجب إن تطعن في عقائد الآخرين ؟
هل لكي نثبت هوية الكنيسة الكاثوليكية نطعن وندعي زورا وبهتانا أمور غير دقيقة تاريخيا وواقعيا ومنطقيا لكي تثبت هويتك ؟
هل أصبح التحدث عن التاريخ بهذا الإسهاب والسهولة وتتحول المحاضرات إلي كلام مرسل لا سند له ولا دليل ؟
عن اي فرعون يتحدث جناب المطران ويشبه به بابا الكنيسة ؟
اين ومتى وكيف كان بطريرك الكنيسة بديل للفرعون في اي قرن وما هي دلائل وبراهين ما يقول ؟
هل في القرون الاولى للمسيحة والكنيسة مضطهدة ؟
هل عندما كان بطاركة الاسكندرية من مدرسة الاسكندرية اللاهوتية اعظم علماء اللاهوت في التاريخ ؟
هل هم بطاركة الاسكندرية العظام حماة الايمان مثل البابا اثناسيوس وكيرلس وديسقورس ؟
ام هل هم البطاركة الذين عانوا الاضطهاد المرير على ايدي الملكانيين الخلقدونيين ( الكنيسة الغربية تحت قيادة روما والإمبراطور ) من القرن الخامس وحتى دخول العرب مصر لتعيش الكنيسة عصور متواصلة من الاضطهاد كاد إن يتلاشى وجود الاقباط والكنيسة في مصر ؟
اليس هذا هو التاريخ الذي يدرسه اي دارس ويعرفه أي عالم بتاريخ الكنيسة وتاريخ المسيحية ؟
فاين ومتى وكيف كان البطريرك السكندري بديل للفرعون ؟
اما عن الملابس وفخامتها
فهل نعقد مقارنة بين فخامة ليس الملبس فقط بل والمسكن والكنائس والمعيشة والتواصل مع الاباطرة ....الخ
هل عاشت الكنيسة القبطية عصور البذخ والرفاهية التي عاشتها كنيسة روما ؟
اين كانت تبنى الكنائس الكبيرة الشامخة الشاهقة في مصر ام في روما ؟
هل كان يعيش البطريرك القبطي حياة الرفاهية والبذخ ام بابوات روما الذين وصل الحال بهم إن يعينوا اباطرة ويعزلوا اباطرة ايضا ؟
بطاركة الكنيسة بطول تاريخها عاشوا الاضطهاد والنفي والفقر بسبب تمسكهم بالإيمان !
ثم عن الملابس إن ملابس الكهنة عموما الاقباط تشبه إلي حد كبير ملابس الكهنوت في العهد القديم ولا تشبه باي شكل من الاشكال ملابس فرعون او المصريين القدماء على الاطلاق فما علاقة لبس الخدمة الكهنوتي بملابس فرعون ؟
ثم بعيد عن ملابس الخدمة فان ملابس الاكليروس عموما من البطرك إلي الكهنة والرهبان عبارة عن رداء اسود ليس اكثر يمتاز بالبساطة الشديدة والفقر ايضا حتى ان التاريخ يحكي لنا عندما زار قيصر روسيا البابا بطرس الجاولي اندهش عندما شاهد شكل البطريرك بسبب ملابسه وحاله !
وايضا في زيارة سفير الفاتيكان للبابا كيرلس في قلايته تعجب من الفقر وشكل القلاية حتى انه طلب والح على البابا كيرلس إن يقوم بتطوير المكان وتحسينه حتى يليق ببابا الكنيسة ولكن البابا كيرلس رفض ذلك بشدة !
والبابا شنودة الذي امتازت حياته بالفقر الشديد خاصة انه كان راهب متوحد وبعيد عن الملابس الكهنوتية كانت ملابسه عادية جدا فقط ادخل علامة الصليب عى الرداء حتى عندما يكون في مكان لا يمسك الصليب يكون الصليب على ملابسه !
وهكذا امتازت ملابس وحياة البطاركة الاقباط بالبساطة والفقر الشديد خصوصا انهم رهبان تركوا العالم واختاروا الفقر الاختياري !
اما عن فخامة ومجد ملابس الكهنوت لانه يليق بالكاهن الذي يخدم الاسرار المقدسة إن يرتدي الملابس الائقه بهذه الخدمة وتحضرني هنا قصة بخصوص هذا الامر عندما ذهب القديس افرايم السرياني إلي قيصرية وشاهد القديس باسيلوس يصلي القداس الالهي وكانت يرتدي الملابس الفخمة فشك في قلبه واعثر من ذلك حتى شاهد القديس باسليوس وهو يعظ وهناك ملاكان يحيطان به ثم بعد القداس قال له القديس باسيلوس لماذا شككت ؟
فهذه الملابس من اجل كرامة وخدمة الاسرار ولكن تحت هذه الملابس ارتدي مسوحا !
وهكذا كان ومازال حال كثير من اباءنا البطاركة يعيشون حياة الفقر الشديد ويرتدون المسوح ويخدمون انفسهم ولكننا لأننا ننظر إلي العينين نحكم بالظاهر فقط !!!
اما عن نقطة خلع الحذاء في الهيكل فهي مأخذوة من الكتاب المقدس وقول الرب لموسى عندما تجلى له في العليقة
اخلع نعليك من رجليك. لان الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة:
وهكذا هذه العادة ليست عادة فرعونية ولكنها كتابية لان المواضع المقدسة يليق بها الاحترام والتقديس في كل شئ وبما فيها من رموز روحية ايضا وللعلم هناك كنائس اخرى كانت ومازلت تخلع النعلين والكنيسة الكاثوليكية نفسها لوقت قريب كانت تمارس هذه العادة ولكن مع التطور والتمردن والحداثة تنازلت كثير عن عادتها وتقديسها وورقاها للكنيسة !
كذلك هذه العادة موجودة حتى في الديانات الاخرى كنوع من الوقار والتقديس للمكان ولا علاقة له بالفرعونية ابدا !
عن عن إن الكنيسة تحولت من كنيسة شهداء إلي أيدلوجية ( اراء – افكار – عقائد )
وفي الحقيقة إن الكنيسة القبطية كانت ومازلت كنيسة شهداء ولا يخلو تاريخ او عصر لم تقدم فيه كنيستنا شهداء للايمان وحتى تاريخنا المعاصر هناك العديد والعديد من الشهداء نتيجة ايمانهم ودفعوا حياتهم من اجل هذه الايمان ولعل شهداء ليبيا الذي ضحوا بحياتهم ولم ينكروا ايمانهم خير دليل !
كنيستنا القبطية وحدة واحدة هي الكنيسة الارثوذكسية صاحبت الايمان المستقيم التي حافظت على العقيدة خالية من أي شوائب وايضا كنيسة الشهداء وكنيسة الرهبنة وكنيسة الاباء ! ولم تتحول إلي عقائد او اراء خالية من الروح والحياة فهي تعيش الايمان الذي تعلم به حتى لو مرت بفترات ضعف تقوم بعدها اقوى من قبل !
هذه هي كنيستنا القبطية التي تقاوم الان رياح شديدة من الهجوم والاساءة والتجريح والاتهام ولكن تاريخها معروف وواقعها واضح للجميع .
كنيسة اصيلة قديمة جديدة استلمت الايمان وحافظت عليه وتسلمه وستسلمه لاجيال واجيال إلي مجئ السيد المسيح ليستلم عروسه .