محمد حسين يونس
حرية الانسان لا تٌمنح..إنما تتفجر من الداخل .. عندما يشك .. يرفض .. يطوف علي كل المواني .. يلهوغير هيابا بين الغام المنع ..يسبح عكس التيار .. لا يأبه لانياب القرش و لا لنظرات الاخطبوطات .. و لا لاوهام التابوهات
الحرية يزاولها البشرى المكتمل النمو المالك لادوات المعرفة .. المستعد لدفع الثمن.. غير المنتمي لجوقة الكورال .. او لشلة المنتفعين ،غير المستسلم لعذابات الاحتياج .. أو لضلالات العواطف أو للخوف من المجهول ،او لسيطرة العادة أو لاسلوب الحرص في الرهان علي المضمون.
الحرية في النهاية هي الابداع الذى يتمثل في قدرة العقل البشرى علي تخطي الحدود المعتادة .. وكسر المألوف.. و الابحار في محيطات مجهولة لم يكن يجروء من سبقوه علي الاقتراب منها.
وهكذا فرحلة البشر من الغابة للمدنية .. (التي كانت رحلة طويلة بقياس عمرنا .. و دقائق في عمر الارض .. و لمحة في عمر المجرات .. ولاشيء في عمر الكون) .. لازالت تتعثر في خطوات البداية.. لقد بدأنا لتونا مراسيم التحضر ،عندما وجهنا تلسكوباتنا لخارج مجرتنا نسقط أوهام الغفلة والاساطير.. و ميكروسكوباتنا لداخل أنفسنا نتعلم كيف نقاوم بيئة عدوانية غير مسالمة وتأثيرات الكائنات الدقيقة و (النانو)غير المرئية.
نحن منذ تعلم البشر كيف يستخدمون النار سلما و حرقا لازلنا نلهو علي شواطيء العلم و المعرفة والقدرة نخطو خطوات مترددة نحو هجر الوحشية ،و نرتد بسرعة مهدرين محاولات العقلاء لان نكتسب ملامح التميز و السمو .
الانسان .. منذ أن كان يصطاد أخية و يأكلة نيئا .. حتي أصبح يطلق علية القنابل و الصواريخ فيحرق الملايين ..لم يتخلص من وحشيتة فهو لازال يقتل بدم بارد الاطفال و النساء يوم إحتفالهم بعيدهم بسبب ضلالات فكرية تجعلة عبدا لاصحاب اللحي ومصدرى الفتاوى المغرضين .. وهو كما يبدو من الاحداث لن يتخلص منها في القريب المنظور .. و لكن في خيالات وأحلام الفلاسفة و المصلحين ..كان دائما هناك من يتصور أنه في مكان ما في التاريخ او المستقبل .. في الكون المرئي أو المجهول قد وجد أو يجد أو سيجد السلام والحياة الهادئة التي لا يحتاج إستمرارها إلي أن يدمر كائنات أخرى لها حق الوجود حتي لو كانت علي غير وعي به .
الانسان في أحلام البداية .. تصور قوى عظمي شريرة تطارده .. وأخرى مساعدة تنجده .. وظل ينسج حولهما الاساطير و القصص و الروايات ويراها متجسدة .. فيصورها علي الجدران و ينحتها علي هيئة تماثيل .. و يدعي أنها تستجيب لسحره و طقوسة وبخوره وتراتيلة .. و يتناقل الابناء المعجزات التي رواها الاجداد .. و تتشكل ثقافة غيبية مبنية علي قدرات متخيلة إعجازية.. لكائنات متنوعة .. قد ترى صورا لها علي جدران مقابر بني حسن أو بين أروقة معابد بابل و اشور ..أو بين صفحات إلياذة هوميروس الاغريق .. أو في عبادات الانكا و أبناء أستراليا الاصليين .
كائنات إفتراضية ستجدها بين الهمج و المتوحشين .. وبين العقلاء و المفكرين .. وستروى لك عنها ملايين القصص و الحواديت التي عكست تأملات العقل البشرى و في نفس الوقت كبلته بقيود بناءة التحتي المبني علي الخوف و الفزع وعدم الرغبة في مواجهة المجهول.
الحرية التي إكتسبها البشر بدأت مع العقل المنطقي الذى لم يستسلملانماط حياة الاجداد .. و لكنها تنتهي دائما مع الاحتياج ..فالحر هو الشخص القادر علي تفجير قوى الاستغناء داخلة ، فتحيطة عزة نفسه برداء واق .. يصعب إختراقة بواسطة المستبدين و يزداد صلابة كلما زاد الاستغناء و إرتفعت وتيرة المغامرة .
ولكن ما فائدة إضاءة الانوار في منزل يقطنه عميان..فمهما كانت الحجج و الاسانيد لن يقدر فاقد الرشد علي الرؤية ،إن الحرية الفكرية و السلوكية عادة ما تؤدى إلي الانعزال و الوحدة داخل قوقعة الاختلاف.. ليطرد المجتمع المحافظ علي استنساخ الماضي من جنته أعضاؤة المختلفون .. وتصبح الحرية عبئا و رعبا .. لا يجسر علي مزاولته ..إلا أقل القليل من الشجعان ..!!و الملتاثين .أف