الأقباط متحدون | العقيد "أسامة على صادق" :رجل بدوى أنقذنا بعد خمس أيام من الجوع و العطش و الشمس الحارقة و الليل البارد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٠٧ | الجمعة ٥ نوفمبر ٢٠١٠ | ٢٦ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

العقيد "أسامة على صادق" :رجل بدوى أنقذنا بعد خمس أيام من الجوع و العطش و الشمس الحارقة و الليل البارد

الجمعة ٥ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

أنا كنت من ضمن ضباط سلاح المشاة و هو اكبر سلاح في الجيوش بصفة عامةً .
حضر المشير"عبد الحكيم عامر"ليبث فينا الحماس و الروح المعنوية العالية .
في هذا اليوم الدامي الحزين لمصر شعبًا و جيشًا هجم الإسرائيليون على موقعنا بغارات جوية .
حدث اشتباك مع العدو أدى إلى إصابة كف يدي اليمنى بطلقة رشاش إسرائيلي .
انهارت معنوياتنا تمامًا .
رجل بدوى أنقذنا بعد خمس أيام من الجوع و العطش و الشمس الحارقة و الليل البارد .
وحدتي هي التي تسببت في سقوط النقط الحصينة للعدو و كبدتهم خسائر فادحة .
أي رجل عسكري لا يؤيد معاهدة السلام لأنها تهدر مجهوده .
الأعمال الدرامية لم تعطى إبطال أكتوبر حقهم .




حوار : ميرفت عياد
الحروب كنز خفي من الإسرار رغم مرور عشرات السنين على حدوثها، إلا أنها تفيض بالعديد من الذكريات المرة والأليمة التي عاشها جنود وأبطال هذه الحروب، ساعات وأيام بل وأسابيع ذاقوا فيها المرارة والهوان والحرمان، وقاربوا على الموت من اجل استقلال هذا الوطن، ورفعة شأنه، وحماية أراضية من الأعداء، ومع هذا لم يوفى الإعلام حق هؤلاء الأبطال التي لا تقدر تضحيتهم بثمن من أجل هذا الوطن، ومن هؤلاء الأبطال  العقيد متقاعد"أسامة على الصادق"وهو من مواليد الزقازيق عام 1944، وتخرج من الكلية الحربية عام 1966، وعاش لحظات النكسة ومرارة الانسحاب، كما مر بفترات الاستعداد وحرب الاستنزاف حتى تحقق نصر أكتوبر المجيد، وبعدها خرج للتقاعد عام 1984، لعدم اللياقة الطبية بسبب العمليات الحربية، وهو متزوج منذ عام 1976 وله ثلاثة أبناء .

وقد كان لنا هذا اللقاء مع العقيد متقاعد "أسامة على صادق" لإلقاء الضوء على ذكرياته الحزينة عن حرب 1967، ونصر السادس من أكتوبر، وعن أصعب المواقف التي خاضها في هذه الحروب، وعن رأيه في معاهدة السلام، وعن العديد من القضايا الأخرى..

* كيف بدأت حياتك العسكرية ؟
بعد تخرجي من الكلية الحربية في عام 1966 تم توزيع فرقتي على التشكيلات العسكرية المختلفة، و كنت أنا من ضمن ضباط سلاح المشاة، و هو اكبر سلاح في الجيوش بصفة عامة و جيوش الدول ذات المساحات الواسعة و الأراضي الصحراوية بصفة خاصة، و قد ألحقت على الفرقة الثالثة مشاة في منطقة وصلة الهايكستب و التي تمتد حتى طريق السويس الصحراوي الذي كان يقف آخر العمران به

* احكي لنا عن لحظة انطلاق الشرارة الاولى لحرب 1967 ..
كانت الشرارة الأولى هي إعلان حالة الطوارئ في مايو من هذا العام، و في هذه الأثناء لم نكن نعرف شيء غير صدور أوامر بتحركنا نحو سيناء، و هذا كان أمر بالغ الصعوبة لان الطرق ضيقة و لا تحتمل المعدات الثقيلة التي كنا نتحرك بها، و لهذا انقلبت العديد منها على جانبي الطريق ووصلنا المكان المحدد، و تم الحفر لتجهيز الموقع الدفاعي وبعد هذا علمنا بموعد حضور المشير"عبد الحكيم عامر"وزير الحربية ليبث فينا الحماس و الروح المعنوية العالية

* ماذا حدث لك و لفصيلتك يوم 5 يونيو 1967
إن فصيلتي هي فصيلة مشاة و كانت تحتل موقع دفاعي في منطقة "أبو عجيلة"على الخطوط الأمامية، حيث يخترق هذا الموقع طريق"العوجة"الدولي لهذا طلب منى قائد سريتي العقيد"مصطفى توفيق الحيطة"،و الحذر لأنه الطريق مرصوف و يصل ما بين مصر و إسرائيل و قد يستغله الإسرائيليين في التقدم إلينا ، وفى حوالي الساعة التاسعة من هذا اليوم الدامي الحزين لمصر شعبًا و جيشًا، هجم الإسرائيليون على موقعنا بغارات جوية و دمروا مخازن الذخيرة و مستودعات الوقود و المياه و الطعام ثم القيادات, ووصلنا في نهاية هذا اليوم و نحن لا نعرف من أين يأتي القصف و ما هو سبيلنا لتفاديه .

* كيف واجه قائد الكتيبة ما حدث لكم ؟
في الحقيقة العقيد"مصطفى"كان رجلاً عنيدًا و صلبًا و لا يعترف بأوامر الانسحاب، حيث انه كان يتمنى أنه يأخذ ثأر شقيقيه اللذان استشهدا في حرب 1948 و حرب 1956 و لهذا رفض الانسحاب، بينما القوات من حولنا تعود مسرعة في اتجاه قناة السويس، و في مساء هذا اليوم حدث اشتباك مع العدو أدى إلى إصابة كف يدي اليمنى بطلقة رشاش إسرائيلي من النوع الخارق الحارق و هذا سبب نزيف و الآم حادة بيدي .

* ما هو أصعب موقف مررت به قبل إصدار أمر الانسحاب ؟
في الحقيقة أن هناك العديد من المواقف الصعبة التي مررنا بها، و لكن أصعبها هو قيامنا بإطلاق النار على دبابة قادمة من جهة العدو و بعد تدميرها اكتشفنا أن بها نقيب من الجيش المصري و معه مذكراته التي تحكى عن الخسائر العديدة التي ألحقها بالعدو، و كان يأتي إلينا طلبًا للمساعدة و باستشهاد هذا النقيب انهارت معنوياتنا تمامًا .

* متى و كيف تم الانسحاب ؟
جاء اليوم الثالث في القتال و قد انقطعت و سائل التموين الغذائية و الماء عنا، هذا إلى جانب انهيار روحنا المعنوية و هنا جاءت الأوامر بالانسحاب و الانتقال إلى خط الدفاع الثاني، و الحقيقة أن هذا الانسحاب كان صعب و مضني للغاية، لأننا ضللنا الطريق كما أن العديد من العوامل اجتمعت ضدنا  مثل العدو و الطبيعة من حيث شدة البرودة ليلاً و شدة الحرارة في نهار يونيو المتقد، و الرمال الحارقة و العطش و الجوع و الثعابين و الغربان، و نحن نواجه هذا سقط مننا العديد صرعى و قبل أن تنتهي أعمارنا بدقائق وجدنا رجل بدوى، أنقذنا و احضر لنا الطعام و الشراب بعد خمس أيام من الجوع و العطش و الشمس الحارقة و الليل البارد، و قضينا ليلتنا في ضيافة هذا الرجل البدوي و في الصباح و دعناه لنكمل طريقنا و تعرضنا في هذا الطريق مرة أخرى للصعاب حتى أوشكنا على الهلاك، و فجأة شاهدنا مياه القناة ووصلنا إليها بعد 4 أسابيع مررنا خلالها بأيام عصيبة و شاهدنا هناك عمال هيئة القناة الذين أسرعوا لنجدتنا قائلين هنيئا لمصر بعودتكم .

* فلنترك أحزان النكسة جانبًا و نتحدث عن أفراح النصر و دورك بها ..
جاءت التعليمات بأن الساعة الثانية و 5 دقائق ستكون لحظة عبور قاذفات القنابل المصرية من سلاحنا الجوى، و بالفعل حملنا القوارب إلى المياه و قفزنا بداخلها و جدفنا حتى و صلنا إلى الضفة الشرقية للقناة، وتسلقنا الساتر الترابي و بدأنا نسير في اتجاه التبة الموعودة، و هنا بدأ قصف شديد من مدفعية العدو على قواتي و بدأت أرى الشهداء و المصابون يسقطون و بدأ الاشتباك معهم، حيث ظهرت شراسة العدو لان وحدتي هي التي تسببت في سقوط النقط الحصينة لهم و كبدتهم خسائر فادحة، و لذا أرادوا الانتقام و فجأة انطلقت قذيفة من دبابة و أصبت في راسي و هنا أيقنت إنني أصبحت شهيدًا .

* كيف تم إنقاذك ؟
تم نقلى بواسطة إسعاف الشرطة العسكرية إلى مستشفى"المعادى"و بعد 5 أيام متواصلة من العلاج، تحسنت حالتي و علمت أن هناك 7 شظايا اخترقت رأسي أزالوا منها 3، و أتشرف بحمل الأربعة الزاخرين داخل رأسي و بعد اكتمال علاجي عدت إلى منزل أسرتي بـ"الزقايق" .

* لماذا أنهيت خدمتك العسكرية عام 1984 و أنت برتبة عقيد ؟
انتابني شعور بأنني لن استطيع أن أقدم لبلدي في هذا المكان المشرف لكل مصري وطني أكثر مما قدمت، و يكفيني ما قمت به لبلدي في حرب 1967 و 1973 و ما تخللهما من حرب الاستنزاف ، و قد قاسيت فيها و نزفت من دمائي الكثير .

* هل كنت من المؤيدين أم المعارضين لمعاهدة السلام ؟
في الحقيقة أي رجل عسكري لا يؤيد معاهدة السلام لأنها تهدر مجهوده، و لكن الرئيس"السادات"كان هو القائد الأعلى للقوات المسلحة في هذا الوقت و هو الذي يعلم جيدًا الوضع الاستراتيجي للبلاد و من هنا جاءت المعاهدة ووقف إطلاق النار .

* هل صورت الأعمال الدرامية حرب 1973 بصورة ناجحة ؟
على العكس تمامًا فالأعمال الدرامية لم تعطى أبطال أكتوبر حقهم، و لم يهتموا بإظهار دور العسكري البسيط الذي ضحى بحياته و هو ممسكًا بسلاحه للدفاع عن ارض هذه البلد، و الحقيقة أن فيلم"أبناء الصمت"هو الفيلم الوحيد الذي يقترب من واقع العمليات العسكرية .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :