الأقباط متحدون - كيف استعدنا طابا
أخر تحديث ١٧:٣٠ | الاثنين ٢١ مارس ٢٠١٦ | ١٢ برمهات ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٧٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

كيف استعدنا طابا

طابا
طابا

بقلم: د. مينا ملاك عازر

المجيء متأخر أفضل في كثير من الأحيان من عدم الوصول مطلقاً؛ لذا أفضل اللحاق بركب الكتابة التاريخية العلمية الصحيحة والباحثة عن الحقيقة حول موضوع كيفية استعادة طابا، حتى وإن تأخرت في الكتابة عن ذلك الأمر في موعده؛ كي أقدم لك عزيزي القارئ وجبة تاريخية دسمة ومركزة بالحقائق عن معركة دبلوماسية وسياسية وقانونية، خضناها وانتصرنا فيها، امتداداً لانتصارنا في المعركة العسكرية والسياسية والتفاوضية التي سبق لنا وأن انتصرنا فيها إبان معركة السلام .

فور رفض الإسرائيليون إعادة طابا لنا في 25/4/1982 وهو تاريخ إتمام آخر مرحلة من مراحل الانسحاب المتفق عليها في اتفاقية السلام الموقعة في 26/3/1979، فيما يعد اختباراً للرئيس الجديد حينها وهو الرئيس الأسبق مبارك الذى قرر أن يحيل الموقف لوزارة الخارجية المصرية للتفاوض السياسي حول ذلك الأمر بعدما رفع العلم المصري على سيناء ورفضه إعلان إتمام الانسحاب الإسرئيلي.

وبعدما استغرقت المفاوضات السياسية ثلاث سنوات دون جدوى وهي المفاوضات التي قام بها المرحوم كمال حسن علي رئيس وزراء مصر ووزير خارجيتها آنذاك مع إرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي حتى استقال من وزارة الدفاع عام 1983 على إثر تقرير أشار لتقصيره الذي أسفر عنه مجزرة صابرة وشتيلة ليعين وزيراً للدولة ثم وزير إسكان، ثم إحقاقاً للحق قرر الرئيس مبارك رفض اقتراح الخارجية المصرية باللجوء إلى التوفيق والذي يتمثل بأن يتدخل طرف ثالث ويكون قراره محض توصية لا يُعمل بها إلا بموافقة الطرفين، وصمم الرئيس على اختيار  التحكيم حيث كانت تُلزِم اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية الطرفين باللجوء إما للتوفيق أو للتحكيم إذا ما اختلفا. وبدأت مشاورات اختيار لجنة التحكيم التي تكونت في النهاية وبعد مشاورات استمرت سنة تقريباً من الدكتور حامد سلطان أستاذ القانون الدولي وأستاذ قانون دولي إسرائيلي يدعى روث لابيدوت،  وخبير وأستاذ قانون دولي سويسري "شندلر" و"لاجرجرين" رئيس محكمة ستوكهولم ورئيس محكمة النقض الأسبق بفرنسا واسمه بيليه.

وشكلت مصر لجنة للدفاع عن حقها في طابا، كان رئيسها السيد عصمت عبد المجيد، وعضوية تسعة من خبراء القانون، واثنين من علماء الجغرافيا والتاريخ، وخمسة من كبار الدبلوماسيين، وثمانية من العسكريين وخبراء المساحة، وعهدت وزارة الخارجية المصرية بمهمة إعداد المذكرات للجنة مشارطة التحكيم والتي تشكلت برئاسة السيد نبيل العربي، ممثل الحكومة المصرية أمام هيئة التحكيم في جينيف وبعضوية كلاً من: مفيد شهاب وأحمد ماهر ويونان لبيب رزق وآخرين واستعانت لجنة الدفاع المصرية بالدكتور دريك باوت في مقابل استعانة إسرائيل بالدكتور لوتر باخت، وكلاهما أستاذ في القانون الدولي ولهما خبرة كبيرة في مجال المنازعات الدولية، وتقدمت مصر بخريطة مرسومة عام 1906 منذ كانت مصر ولاية عثمانية تثبت حقها في طابا، كما استدعت إسماعيل شيرين زوج الأميرة فوزية ووزير الحربية الأسبق أيام الملك فاروق والذي كان لديه معلومات موثقة للشهادة. ورغم تسريب خبر أن المحكمة ستحكم لإسرائيل، صمم الرئيس مبارك على رفض حل وسط تم اقتراحه وهو أن تكون طابا منطقة مشتركة يرفع العلم المصري عليها وتكون لمصر السيادة الشكلية عليها. وفي 19/3/1989 خسر الإسرائيليين معركتهم السلمية بعد أن خسروها حرباً فيما قبل حيث حكمت المحكمة الدولية بأحقية مصر في طابا.

وعن ردود الفعل الإسرائيلية، فنستطيع أن نقول أنهم كانوا على علم بأحقية مصر في طابا لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن المصريين سيبلون ذلك البلاء الحسن الذي أبلوه في الحرب في ميدان الدبلوماسية، فكانوا ينتظرون دفاعاً عاطفياً ولم ينتظروا ذلك التكاتف الذي جمع لجنة الدفاع المصرية.

وبذلك تكون اتفاقية السلام التي يرفضها الكثيرون الآن لها فضل في استعادة طابا، فلولا المادة المدرجة بها والتي تلزم إسرائيل بقبول التحكيم لما حُكِم لنا بطابا، ولولا عناد الرئيس مبارك في الحق، ولولا جدية العمل المصري ولولا تكاتف المصريين كلهم من الملكيين والمعارضين أقباطاً ومسلمين لما احتفلنا الآن بعودة طابا.

كل عام ونحن مُحررين نعيش في سلام.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter