كتب : كارلوس أنيس
تُعرف قضايا الحسبة بأنها الدعاوى التي يقيمها اشخصا ضد أشخاص تحت زعم أنهم اسأوا للذات الإلهية او للدين بشكل او بأخر فهى تدخل تحت بند الازدراء الديني مع العلم ان لها أشكال متنوعة ولكن الشكل الديني هو الأكثر انتشارا،ولهذا فقد كانت دعوى الحسبة هي سندان الجماعات المتشددة على أيدي المفكرين والمبدعين فى عالمنا العربي ، وعملت على الحد من حرية التفكير والإبداع خوفاً من الحبس او حتى إهدار الدم وخلافه من العمليات القمعية ، التي تهدد المبدعين ، وتعوق عملية التقدم المجتمعى بشكل يضمن حرية أكبر للإفراد ، إن لم تكن من إرهاب الجماعات المتشددة فهى من قانون مليئ بالثغرات على حد تعبير الكاتب الراحل جمال الغيطانى.
وللحسبة ضحاياها ، بداية من نجيب محفوظ ونصر حامد ابو زيد وصولاً إلى احمد ناجى وفاطمة ناعوت وغيرهم ، ويمكن ان نقول إنها تدخل بشكل ضمني تحت بند ازدراء الأديان ، الأقباط متحدون ترصد أهم قضايا الحسبة واشهر رافعين الدعاوى وضحايا تلك القضايا من مشاهير الفكر والفن.
أشهر المدعين بالحسبة
- يعد يوسف البدرى والذى رحل فى من ابرز ممثلي التيارات الإسلامية الذى قام برفع قضايا الحسبة ضد عدداً من رموز الفكر والأدب ، يقول عن الإسلاميين أنه احد اشد الدعاة غيرة على الدين واهم المدافعين عنها ، اما الجانب المثقف فيرى فى الشيخ يوسف البدرى مثالاً للفكر ارجعي المتشدد الذى يحارب الإبداع ويقتل الفكر ويقيد الحرية.
له العديد من دعاوى الحسبة اهمها فى حق العديد من الرموز الثقافية والفنية منها على سيبل المثال الدعوة التى اقامها بحق الكاتب نصر حامد ابوزيد والتى قضت بتفريقه عن زوجته ، و تغريم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي 20 ألف جنية، وحجب جائزة الدولة "التفوق" عن الشاعر حلمي سالم بسبب نشر الأخير لقصيدة "في شرفة ليلى مراد".
كما نجح فى تغريم الكاتب الكبير جمال الغيطانى وغيرهم.
يذكر أن الحسبة دخلت البرلمان أواخر الثمانينات على يد الشيخ يوسف البدري نائب دائرة حلوان آنذاك الذي طالب الرئيس مبارك عندما ذهب لمبايعته الرئاسية الثانية في العام 1988م انشاء وزارة للحسبة ، نقلاً عن مقال نشرته جريدة "الوسط" فى 5-2-1996م.
- يعد المحامى "سمير صبرى" ، واحد من اهم المدعين بالحسبة فى الوقت الحالى ، وتأتى شهرته من العدد الكبير من دعاوى الحسبة التى رفعها بحق عدداً من المشاهير مثل اتهمه الممثل خالد أبوالنجا، في بلاغ للنائب العام عام 2014 بـ"الخيانة العظمى".
ودعوته ضد باسم يوسف الذى بتهمة "سبّ وإهانة السيسي" ، ضد الفنانة انتصار " بتهمة الحث على الفجور" وغيرها من الدعاوى التى يراها البعض انها طريقة مشبوهة للمحامين للشهرة.
ضحايا الحسبة .. بين مطرقة الدولة وسندان الجماعات الإرهابية
-أثارت كتابات نصر حامد ابوزيد العديد من الأزمات فى الأوساط الثقافية والدينية لما فيها من مكاشفة ونقد شديد وواضح ، فى الوقت التى باتت الجماعات المتطرفة تطغى على الساحات السياسية والثقافية ، ويعد كتابه "مفهوم النص" هو الذى زاد حدة الهجوم على ابو زيد ، ولكن الأزمة الحقيقة تأتى بعد أطروحته البحثية " نقد الخطاب الدينى " التى قدمها فى 1995م حتى ينال عنها الأستاذية.
طلب منه الأزهر أن يتوب عن أرائه فى كتابه "مفهوم النص " ، و اما المحكمة فطلبت منه النطق بالشهادتين فرفض ، ليس لكفراً منه بعقيدته ؛ فقد شرح فى محاضرة بالخارج بعد تركه لمصر انه رفض مبدأ التفتيش فى النوايا مؤكداً أن الدين علاقة بين العبد وربه.
اما المحكمة المصرية فقد أقرت بارتداده عن الدين الإسلامي وعليه قضى الحكم بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة ابتهال يونس، أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة القاهرة بحكم ان الشريعة الإسلامية لا تبيح زواج المسلمة من غير مسلم ، ولكنه وزوجته قد قراروا الهرب واللجوء إلى هولندا ، ولم يعد إلى مصر إلا قبل وفاتها على إثر إصابته بفيروس غريب فى 2010م
- نصيب د. نوال السعداوى لم يختلف كثيراً عما أصاب الدكتور ابو زيد فقد أقام المحامى نبيه الوحش دعوى تقضى بفصل الدكتورة نوال السعداوى عن زوجها الدكتور شريف حتاتة ؛ بذريعة انها خرجت عن دائرة الإسلام ، وتم توجيه الاتهامات لها بازدراء الأديان والفرائض والحجاب وغيرها ،
إلا أن السعدواي قالت إنها عرضت الوجهة التاريخية للفرائض، وإنها لم تنكر فريضة الحج، إلى أن أنهت المحكمة الدعوى بالحكم برفضها لإقامتها من غير ذي صفة طبقًا للقانون.
- القائمة تطول لتصل إلى اسلام بحيرى وفاطمة ناعوت وابراهيم عيسى واحمد ناجى والعديد غيرهم من اتهموا بإهانة الدين او الذات الإلهية فيما عرف بقانون الحسبة ، وهنا المفكر يظل حائراً بين قانون لا يشفع وإرهاب لا يخشع.