م / إسحاق صبحى
و المقصود بها استغلال الدين فى التلاكيك و التماحيك الفارغة بغرض تحقيق مكسب سياسى أو احداث صدى دعائى زاعق سعيا للحفاظ على كرسى او منصب أو لبلوغ طموح أو مغنم ثمين أو تلميع إعلامى لنكرات البشر و حثالتهم.
لدينا هنا أربعة أولاد حديثى السن ارتكبوا جريمة (التريقة على داعش) فى إسكتش تمثيلى بسيط لا تزيد مدته على ثوانى معدودة ، ولم يعرض على مسرح و لم يقدم من اصل لاى جهة للنشر أو للمصنفات فنية و لم يعرض فى عرض عام اوخاص او عرض للنقاد فأين الجريمة أذن؟ .تعيدون علينا الان ذكريات سوداء و تردونا لسوابق مريرة مثل هوجة (كنت أعمى و الان أبصر) قبل سنوات بعيدة خلت.
و اذ يسود الجهل و التخلف و (الرغبة الفاقعة فى التخلف ايضا) فما عليك – و هذا حال المجتمع – الا أن تبيع الجهل و التخلف باعتبارهما بضاعة رخيصة سهلة الترويج ، متوفرة فى الاسواق و زبونها مضمون كذلك
إلى ذلك فلا نكاد نسمع صوتا للكنيسة فى هذة المسألة ، و الكنيسة المصرية لم يسبق ان خضعت للارهاب (المقنن) على نحو مشابه ، و فى 1981 تعرض قداسة البابا شنودة الثالث لقرار غير عادل أصدره أنور السادات بتحديد اقامة البابا فى ذروة تصاعد الانتهاكات ضد الاقباط و غياب كامل للدولة ، و فى عام 2013 دعمت الكنيسة بقيادة البابا تواضروس الثانى ثورة 30 يونيو بفاعلية و فى العام التالى أيدت الكنيسة و معها كل الاقباط ، ترشيح و انتخاب عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية، فعلت الكنيسة هذا أملا فى إنقاذ مصر من نفق دولة الاخوان المظلم.
وما سبق هو موقف ثابت للكنيسة ضد الارهاب و الدولة الدينية و ضد تمدد التيار الدينى فى المجتمع و الشارع.
ليس مفهوما أن نرفض تديين الدولة فى أيام مرسى ثم قبول تديين القضاء و العدالة الأن ، و التصالح مع التطرف و الهمجية لن يوقف الانتهاكات عند حد.
و رضوخ الكنيسة لحكم قضائى جائر و ظالم يأخذ شكل نوع من الترضية و مراعاة التوازن و من باب حماية المسيحيين من ردود فعل تتسم بالعدوانية و الشراسة و حيث الدولة مجرد حاضر غائب و متفرج و شاهد نفى فى امثال هذة الاعتداءات التى طالت الاقباط فى الناصرية ببنى مزار.
كيف ندعم حق تنويريون من امثال فاطمة ناعوت و إسلام البحيرى فى مواجهة من يريدون سحبهم الى ساحات المحاكم و السجون، فيما نحن نؤيد اعتقال الصبية و المراهقين فى سابقة جعلت المنظمات الحقوقية فى العالم تضرب كفا بكف.
على الجانب الاخر نرى ازدراء الدين المسيحى يظهر بوضوح و جلاء فى قضية اخرى ، حيث اعترضت تلميذات مدرسة فى محافظة المنيا على تعيين مدرسة قبطية كمديرة للمدرسة هاتفات على الملأ (مش عاوزين مسيحية) ، وصمتت الدولة على الهتاف العنصرى الطائفى و ما يحويه من ازدراء واضح وتراجعت وزارة التعليم عن ترقية المدرسة الكفؤة.
هكذا يعمد الغوغاء و الهمج الى استكراد الدين و الاشتغال و التعيش على اقحامه فى كل شأن مستنطقين اياه بشهادة الزور و مورطين الدين فيما لا ناقة له و لا جمل ، واضعين الدين كسلم تحت اقدامهم للصعود الى مكانة لا يستحقونها بغية تقييد قدرة المجتمع حتى يخلو المجال فقط لمدعى الدين لكسب أرض متزايدة فى معركتهم ضد الحضارة و المدنية.
على حساب مستقبل اطفال مراهقين، استفزهم ذبح 21 شابا قبطيا على الهوية فى ليبيا بدم بارد ، فسعى هؤلاء الاولاد الى السخرية من المجرمين القتلة، مظهرين ضمنا أن المسيحيون لا يخشون الموت أو الذبح شهادة عن ايمانهم، فمن العجب أن يٌصعًد القضاء الظالم حملته ضد حرية التعبير و لن يمر الكثير من الوقت حتى نسمع باعتقال الرضع و الاطفال و التحقيق معهم لتهديد العقائد و الاديان.
و من شأن مهادنة التطرف و مسايرته (إتقاءً لشره)، ان يزداد تغول الاسلام السياسى (المعتدل و المتطرف كليهما) ويستمر فى الضغط على الدولة و المجتمع لمصادرة الحقوق و الحريات بدعاوى واهية ما سيؤدى بالفعل لتمزق النسيج الوطنى و سحق الوحدة الوطنية (و هو هدف عزيز على قلب الارهابيين و الدواعش) و من ثم أغراق البلاد فى مستنقع الطائفية البغيض.
و اخيرا و من دواعى السرور فقد شاء القدر إطاحة وزير العدل من منصبه فى سياق مشابه و نتيجة لذلة لسان متهورة على لسانه بحق نبى الاسلام ، ومع تصاعد الدعاوى المطالبة بتقديم الرجل للمحاكمة فهذا يعنى ان واحدا من اللذين صبوا الكأس المسموم قد ذاق مرارته أخيراً .
و يقال ان سقوط دولة فارس العظيمة بدأ منذ عهد الامبراطور "كسرى إنوشروان يزدجرد الثالث" الذى ظل يزدجرد و يزدجرد حتى مجىء الغزو العربى لفارس حيث تم عزله وقتله فى قضية (إزدجراد أديان) و الله أعلم!!!