زهير دعيم
لا أنكر بل افتخر أنّني أذوب هوىً بالثّالوث الأقدس ، هذا الإله الذي احبَّ الانسان من كلّ لون وجنس وشعب ولسان ؛ أحبّهم حتى المنتهى ودبّر لهم خطّة خلاص رائعة.
أحبّه فعلا من كلّ كياني وأحبّ أيضًا ثالوثًا آخَرَ جميلًا ، مُتناغمًا ، متناسقًا ، يربط المحبّة الإلهيّة وعشق الادب وكرة القدم في بوتقةٍ واحدة برباط جميل ..
ثالوث جميل فعلًا يشدّني الى فوق ؛ الى السّماء حيث المحبّة اللامتناهية ، وحيث صفاء النَّفس والطمأنينة وهدأة البال، يُحلّق بي دومًا لأنزل من علٍ أحيانًا كثيرة لأسيح في فكر جبران تارةً وهيجو تارة أخرى ودستويفسكي وطه حسين والعقّاد ونعيمة وغوغول وطاغور و.... مرارًا كثيرة أصول وأجول اتمتّع بما خطّه هؤلاء العباقرة من ثمار الرّوح والعقل بالحرف الجميل والفكر النيِّر ثمارًا حلوةً يانعةً تناديك : " تعالَ ومتّع ناظريْكَ وكلّ حواسك وانتشِ من دن خمرة الفكر ، بعد خمرة الرّوح ، فالخمرتان لذيذتان طيّبتان تأخذانك الى البعيد البعيد.
وتبقى الضّلع الثالثة من هذا الثالوث الجميل ، وهو لا يقلّ جمالًا من جمال المطالعة والقراءة والسّياحة في ثنايا الأدب وحنايا الشِّعر.
الضّلع الثالثة هي كرة القدم الجميلة ، حيث تجد من كلّ فريق أحد عشر مُهندّسًا ومفكّرًا وشاعرًا يداعبون خيالك بتمريرة جميلة هنا وكرة ممدودة هناك ، وبنظرة ثاقبة هنالك تقود الى "فتح " و "احتلال" جميلين يسميّها اهل الرياضة " هدف". فالكرة يا صاحِ كما في دنيا الأدب هناك الغثّ والسّمين ، وهناك الدّسم وشوربة الشَّعير ، فبرشلونة وميونيخ ومدريد وليفربول وروما وباريس سان جيرمان قلاع حصينة لكرة القدم ، تستحوذ على تفكيرك- ان كنت من هواة الكرة طبعًا - وعلى مخيلتك وتختصر ساعاتك وأيامك ولياليك فلا تشعر بالملل وكيف لا ؟! وميسي يعزف سيمفونيّة جميلة ، ومولر يوّقِع لحنًا فريدًا ، ورونالدو يرسم لوحة جذلى ، وابراهموفتش يموسق على وتر الانتصار معزوفة جميلة ونيمار يكتب قصيدة ولا احلى من الانتصارات واللائحة تطول ، فلكلّ واحد من هؤلاء ومن غيرهم اسلوبه الذي يشدّك ونهجه الذي يأخذ بمجامع قلبك ، وله فكره المُميَّز ورؤياه ومشاعره في مداعبة الكرة واحتفاله بالأهداف وأكثرهم من يرفع عينيه الى السماء شاكرًا طالبًا المزيد والمدد.
لا أشكّ لحظة واحدة أنّ هؤلاء اللاعبين لو ملكوا ناصية الحرف لكتبوا اجمل القصائد وأروع الروايات ، ففكرهم صافٍ ، رائق، رمّاح ، هائج أحيانًا ، هادئ حينًا آخر ...
تساءلت كثيرًا : كيف ستكون الدنيا لو لم يكن فيها رجاء جميل بإله مُحبّ ، وبكتاب يقطر حِسًّا وحُسنًا ، وكرة تلوّن اماسيك ولياليك..
كيف ستكون الدنيا ؟!! أظنّها ستكون كما كانت قبل الحياة : خِربة خاوية