عصام نسيم
تمر السنوات على نياحة العظيم في البطاركة قداسة البابا شنودة الثالث لنشعر بقيمة وقامة هذا الرجل اكثر واكثر , وكيف انه اصبح علامة فارقة في تاريخ كنيستنا المعاصر فما فعله وقدمه هذا العظيم لكنيستنا القبطية وشعبها بل ولمصر كلها اصبح محفور في وجدان كل قبطي ومصري ووجدان التاريخ نفسه ,
قداسة البابا الذي قدمه حياته من اجل خدمة الكنيسة عقود عديدة خدم فيها الكنيسة من كل قلبه ومن كل فكره ومن كل كيانه منذ ان كان خادم في مدارس الاحد ثم راهب ثم اسقف للتعليم ثم بطريركاً .
ان ما قدمه قداسة البابا شنودة من اجل الكنيسة لا ينكره الا جاحد او ناكر فمن منا لم يتتلمذ على كتب قداسة البابا في اللاهوت او العقيدة او اللاهوت المقارن او الكتب الروحية ؟!
من منا لم يقرأ كتاب انطلاق الروح او حياة التوبة والنقاوة او الانسان الروحي ولم يتأثر بهم ولم ينمو في حياته الروحية بسببهم ؟
كيف شرح وفسر لنا بكل سهولة ويسر وعمق لاهوت المسيح في كتابه لاهوت المسيح او طبيعته في كتاب طبيعة المسيح !
كيف قام بالرد على الافكار المنحرفة في كتابيه اللاهوت المقارن او لماذا نرفض المطهر !
الي جانب العشرات من كتبه التي تناولت كل الموضوعات ليترك لنا خبرات روحية وتعليم لاهوتي يمتاز بالبساطة والعمق كمعظم كتابات اباء الكنيسة التي امتازت بالعمق والبساطة بعيد عن البلاغة اللغوية والفلسفة والفكر الذاتي !
كما ترك لنا قداسته المئات وربما الالاف من العظات التي تناولت تقريبا كل المواضيع التي تخص الايمان المسيحي والحياة الروحية لتكون مرجع لكل انسان يريد خبرات في كل المجالات ,
والرائع في عظات قداسة البابا شنودة غير انها عظات بسيطة يفهمها المتعلم والغير متعلم الكبير والصغير وكل المستويات الفكرية والروحية ايضا امتازت عظاته بالغنى والغزارة بايات الكتاب المقدس فقليل من العظات التي تستمع اليها وتجد فيها هذا الكم من الايات الكتابية او الاقوال الابائية حتى انه في عام 1987 حصل على جائزة افضل واعظ في العالم المسيحي واكثر واعظ يستخدم ايات من الكتاب المقدس من مؤسسة بروننج الاميريكية .
الي جانب العديد والعديد من الدكتورهات الفخرية او الجوائز الاخرى العالمية وما اكثرها .
اننا نستيطع بكل فخر ان نلقب قداسة البابا شنودة الثالث بالبابا المعلم ,
فالتعليم كان هو الشاغل الاكبر والاهم في حياته منذ ان كان خادما ثم كاتبا في مجلة مدارس الاحد وراهبا ثم يتم اختياره على يد القديس البابا كيرلس السادس ليكون اسقف عام التعليم ومدير المعاهد اللاهوتية وهي الاسقفية التي استحدثها البابا كيرلس السادس وكأنسان قديس كشف له الله احتياج الكنيسة مستقبلا لهذه الاسقفية والي هذا الاسقف المعلم , ثم يصبح الانبا شنودة البابا ال 117 في بطاركة كرسي مارمرقس ليقول جملته الشهيرة " جلست الاكليركيه علي كرسي مارمرقس "
ليقود قداسته اكبر نهضة تعليمية حديثة في تاريخ الكنيسة المعاصر من انشاء فروع للكلية الاكليركية الي جانب العديد من المعاهد اللاهوتية ,والاهتمام الكبير بها حتى استمر قداسته في التدريس في بعض فروع الكلية والمعاهد الي نياحته !
ولم يتوانى قداسته ابدا على التعليم حتى النفس الاخير لم يمنعه شيخوخة او مرض او الم عن التعليم والرد على الافكار المنحرفة وتنفيد البدع بكل قوة وعزيمة لم يجامل احد على حساب العقيدة والتعليم ولم يتوانى ابدا في الرد على اي فكر مخالف او محاسبة صاحبه ولم يتنازل ابدا على ايمان الكنيسة وعقيدتها .
الحقيقة ان الكلمات لا يمكن ان تعبر عن هذا العظيم المحبوب كما وصفه نيافة الانبا باخوميوس بعد نياحته هل نتكلم على حياته كقدوة ومثال , هل نتكلم عن وطنيته وحبه وعشقه لهذا الوطن , هل نتكلم عن محبته وتسامحه حتى مع الاعداء , هل نتكلم عن امانته في خدمته حتى النفس الاخير , هل نتكلم عن محبة الجميع له سواء كانوا مسيحيين او مسلمين كيف احبوا واحترموا هذا الرجل حتى لو اختلفوا معه ؟
الحقيقة ان عظمة هذا الرجل لا تحتاج الي شرح ولا تحتاج الي كلمات ولكنها واضحة وضوح الشمس انجازته تعيشها الكنيسة وما قدمه للكنيسة نشعر به ونعيشه و ما صنعه وقدمه لكرسي مارمرقس اصبح طريق يسير عليه كل بطريرك يأتي من بعده ,
ان تاريخ كنيستنا القبطية العظيم ملئ بالكواكب المضيئة التي اضاءت في الظلمة واصبحت نور للجميع اباء قدموا حياتهم وبذلوا واعطوا وضحوا بكل غالي ونفيس من اجل كنيستنا القبطية ومن اجل العالم كله وجاء قداسة البابا شنودة الثالث ليكتب اسمه بحروف من نور وسط اباء الكنيسة العظماء والذين سيظل التاريخ يذكرهم والكنيسة تمجدهم والشعب يتعلم منهم ويطلب شفاعتهم وبركتهم .
نصلي الي الرب بصلوات قداسة البابا شنودة عنا وعن كنيسته ان يحفظها في الايمان الارثوذكسي الي الي مجيئه وان يحافظ على كنيسته وشعبه وبلادنا مصر وكل العالم .
وكل عام والكل بسلام بمناسبة عيد نياحة العظيم في البطاركة قداسة البابا شنودة الثالث |