الأقباط متحدون - كارت أحمر للمسيحى من المستطيل الأخضر
أخر تحديث ٠١:١٦ | السبت ١٢ مارس ٢٠١٦ | ٣ برمهات ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٦٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

كارت أحمر للمسيحى من المستطيل الأخضر

خالد منتصر
خالد منتصر

 وصلتنى رسالة على الإنبوكس من الصديق يوسف يقول فيها: «ابنى شادى بيحب الكورة لحد الجنون، وفى مرة قال لى إيه الفايدة يا بابا وأنا مش هلعب فى فريق كبير لما أكبر، سألته: ليه؟ قال لى: علشان مش بيلعّبوا مسيحيين. ماكنتش عارف أرد عليه، علشان هى دى الحقيقة، طفل عندة 10 سنين وحس بالاضطهاد»!!، ولأننى كائن غير كروى فقد اتهمته بضعف الذاكرة، لكنى أيقنت بعدها أن المسيحيين لا يلعبون كرة القدم ومطرودون من جنة المستطيل الأخضر بكارت أحمر مفتوح ومزمن!، قلت هذا الاستنتاج لصديقى المهتم بشئون المسرح فاندهش قائلاً: «المسيحيون لا يلعبون الكرة؟؟ حاجة كده زى الغرباء لا يشربون القهوة مسرحية محمود دياب الشهيرة، بتقولها وكأنها بديهية كونية فيزيقية زى الماء لا يختلط بالزيت والمادة لا تفنى ولا تُستحدث»، قلت له: «حاجة زى كده، ممكن مسيحى ينبغ فى لعبة فردية أو حاجة غير الكورة زى ناجى أسعد بطل دفع الجلة مثلاً»، وأنا فعلاً عملت تجربة بسيطة مع بعض الأصدقاء على مقهى تويتر الكونى وطلبت منهم أن نجمع عشرة أسماء لمسيحيين لعبوا كرة القدم تلك اللعبة التى مرّ تقريباً مائة سنة على إنشاء اتحادها، حاولنا أن نجمع عشرة فقط ممن أفلتوا من هذا القانون المصرى الحتمى!،

وبعد بحث طويل وجهد عميق وأخطاء فى أسماء ولعيبة كورة (يقولوا عنهم مسيحيين ويطلعوا مسلمين) قدرنا نلملم ونتجاوز نصف هذا العدد بالعافية، والعهدة على أصدقائى التويتريين، الكباتن هانى رمزى ومحسن عبدالمسيح ونخلة وأشرف يوسف وناصر فاروق!!، وفيه صديق أرسل لى اسم سامى قمصان، ولكنى مش متأكد قوى، من الممكن أن نكون قد نسينا اسماً أو اسمين فى غمرة البحث، ولكن الواقع يدل على أن عدد المسيحيين الذين لعبوا فى الدورى العام المصرى نسبة ضئيلة جداً تدخل تحت بند الفصائل النادرة!

ما هى دلالة هذه الملاحظة؟ دلالتها، ومن الآخر، أننا دولة عنصرية بامتياز ووطن يميز بمهارة بين مواطنيه على أساس الدين، فالوظائف والبرلمانات من الممكن أن نضع فيها مسيحيين بقرار، ولكن المأساة تكمن فى الممارسات والسلوكيات اليومية الاجتماعية التى لن ينفع فيها قانون أو فرمان، فلعبة كرة القدم لعبة جماعية بذرتها الأساسية فى الشارع والحارة والجرن والزقاق، تبدأ بطفل معاه كورة يصفّر لأصدقائه ويللا نلعب ماتش، وبالطبع ماتش الكورة لازم يبقى فيه تلاحم وتلاسن وخبط وضرب وشتيمة ومشاجرات جانبية واعتراضات واتهامات بالموالسة وبيع الماتش والتفويت.. إلى آخر قاموس الكورة المعروف والمحفوظ، ولأننا عنصريون حتى النخاع وتلافيف الدماغ يرقد داخلها مشروع متطرف نونو، فإن الطفل المسيحى وأهله بالذات يكبتونه صارخين فيه: «إوعى تنزل تلعب كورة، وابقى العب فى الكنيسة مع أصحابك اللى زيك!»، وعندما يتفوق واحد من المسيحيين ويتحرفن ويتجرأ ويروح عايز يشترك فى فريق شعبى كبير،

إذا بالمدرب يقول له وهو يتصعب ويمصمص شفايفه «انت كويس جداً وحريف بس يا خسارة للأسف مسيحى»!، هكذا تبدأ القصة السريالية التى تنتمى إلى عالم الكوميديا السوداء أو مسرح العبث. ولنطمئن جميعاً، لن تحدث فتنة طائفية من ماتش كورة، من الممكن أن تحدث نتيجة قصة حب، أو فصال فى صفقة بيع، أو مية غسيل وقعت من بلكونة علوية على بلكونة سفلية، ولكنها لا يمكن أن تحدث من ماتش لأن المسيحيين لا يلعبون الكرة ولا يدخلون جنة المستطيل الأخضر.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع