كتب: كارلوس أنيس
عادل حمودة واللقاء الأول
قرية الحمام على طريق الساحل الشمالى ، مكان غير واضحة معالمه ، عاش فيها راهب ، يؤمن أن الخضرة أقصر الدروب بين الأرض والسماء ، يعرف معنى الشجن ويقرئ أفضل مننا فى صفحة الوطن .. هكذا بدء عادل حمودة مقدمة حلقته المثيرة من برنامجه " حكاية وطن" عن الراهب متى المسكين.
يبدأ حمودة فى عرض اللقاء الأول بينه وبين أبونا متى وكان فى صيف 1999م ، مشيراً إنها المرة الأولى التى يقابله فيها ، والمرة الثانية التى يقابل فيها متى شخصية عامة بعد الأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل ، عقب حمودة على زيارة هيكل لـ"المسكين" من خلال ما قاله له ابونا متى عن تلك الزيارة التى جرت بينهما.
يسمح الأب متى لهيكل بالتدخين ويرفع عنه الحرج حتى يتحدث على راحته ، وبدء الأب متى بانتقاد هيكل لنقده الشديد للسادات فى خريف الغضب ، حيث عتب ابونا متى على هيكل - بحسب حمودة - انه كان يتوقع منه ككاتب كبير أن يقدم النصح للسادات وتفادينا الصدام الذى حدث مع رموز الأمة فى 5 سبتمبر 1981م ، وقال أبونا متى لهيكل " السادات حاسس انك عامل راسك براسه " ، كما طلب من هيكل أن ينظر للمستقبل "المستقبل هو النور".
وعلى خلفية اللقاء الأول أشار "حمودة" فى عبارة يبدوا انها تحمل دلالة انها لن تكون الحلقة الأولى والأخيرة التى يتحدث فيها عن متى المسكين حيث قال " متى المسكين يدفع ثمن التوسط بين السادات وشنودة ، بأن نفى فى تلك الأستراحة بالساحل الشمالى لعدة سنوات".
رهبان الدير المقارى يتذكرون
الراهب يوئيل المقارى
رهباً أبيض الوجه والمشيب ، حملت عينيه التى أنهكها الزمن من خلف نظراته الطبية ملامح الفرح والحنين عند حديثه عن نوادره مع الأب متى المسكين ؛ فيروى عنه من القصص ما تسمعه الأذن ربما للمرة الأولى....
يسرد ابونا يوئيل " قبل رهبنة ابونا متى كان يمتلك صيدلية وبجوارها محل حلاقة صغير لا يتسع سوى لكرسى الحلاقة لصاحبها الأسطى محمود ، طلب الأسطى محمود من صاحب العمارة ان يوسع المحل فقال له اطلب من يوسف اسكندر - اسم متى قبل الرهبنة- يديلك مترين من الصيدلية ، وذهب الأسطى وطلب من يوسف واما يوسف فلم يرد طلبه ولم يتردد وأعطاله المتريين ولم ينتظر مقابل مادى ، تمر الأيام ويبحث الأسطى محمود عن يوسف فى الأديرة حتى يجده فى دير الأنبا صموئيل بالبرية الداخلية وسأله مش عايز حاجة يا ابونا ، فبتسم ابونا متى ولم يعلق"
وفى قصة أخرى يذكر يوئيل " جاء وقت كان الإسلاميين المتشددين والأخوان المسلمين يحرقون المحال المسيحية ، والدور جاء على صيدلية يوسف اسكندر ، فدخلها مجموعة من المسلمين وقالوا لمن يريدوا ان يحرقوها احرقونا معها يوسف اسكندر هو اللى شيلنا .. معقباً ابونا كان يدى الدوا للكاهن وللشيوخ من غير مقابل والذى لا يمتلك ثمن الدواء لا يسأله.
الراهب جبرائيل المقارى
كان ينظر وابتسامة اغتباط بادية على وجهه ، على وشك أن يسرد حدث ينبع عن ذكرى جميلة يقول "على" ، يبدء الراهب جبرائيل حكايته " عامل بناء اسمه عم على سرق منجاية من شجرة فى الدير ، والموضوع تمت معرفته ، فأصبح كل من يراه يقول على الـ*** ، فهرب على من الدير وراح على قرية ابو سلامة تلك القرية التى تبعد 18 كيلو عن الدير بحسب الطريق القديم للدير قبل رصفه ، وعندما علم متى انتهر الرهبان والعمال وصاح فيهم " انتو معندكمش رحمة " ، ونادى على عامل اسمه تادرس وقال له "هات احسن ركوبة عندك" وامر الرهبان ان يحملوا الركايب بالطعام والشراب واعطى تادرس 5 جنيه - مبلغ فى السبعينات- حتى يعطيها لـ "على" وأغراه ابونا متى قائلاً لو لحقت على ليك "2 جنيه" ، وبالفعل لحق تادرس على واعطاه الأكل والنقود ، فسأله على من ابونا ؟! فأخبره تادرس "من ابونا" ، فعندما علم على رفض ان يكمل طريقه لأبو سلامة وعاد للدير ، وبادر بالعمل مدة 15 يوم دون مقابل"..
الراهب ارينينؤوس المقارى
ولد ابونا متى فى 1919 وتخرج فى كلية الصيدلة جامعة فؤاد الأول ، ترك الصيدلة واتجه للرهبنة ، وكان من اول المؤهلات العليا التى اختارت طريق الرهبنة فهذا الأمر لم يكن موجود ، ظل سنتين فى دير الأنبا صومائيل ولكن ظروف المعيشة هناك أثرت على صحته واضطر للسفر الى القاهرة للعلاج ثم انتقل من دير الأنبا صومائيل.
ويكمل ابونا متى كان يرى ان الرهبنة صلاة مع عمل ، فعلم الرهبان ان لا يقبلوا عطايا من الزوار فهم ليسوا محتجين وكان يعطيهم ما يحتجونه ويفيض ، وعن نهضة الزراعية فقد قام بعمل المزارع الحيوانية والزراعية واستقطب ابقار المانية إنتاجها الألباني اعلي واجود وقام بتلقيحها صناعياً مع الابقار البلدية بالدير حتى ينتجوا سلالة مصرية افضل ، كما ان اول بقعة خضراء على الطريق الصحراوى زرعت امام دير الانبا مكاريوس.
حمودة وهيكل ونظير والمسكين
يعود حمودة حتى يتكلم فى تعقيبات سريعة حتى يترك المجال لرهبان بشكل اكبر عن تجربته مع متى المسكين حيث عقب " متى المسكين كان اول من حمل المؤهل العالى يسلك الرهبنة ، ولم تكن هذه الحركة وليدة الصدفة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث يذكر هيكل فى كتابه "خريف الغضب " ، ان مجموعة من الشباب القبطى ادركوا ان المتحكم فى الكنيسة هم مجموعة من الرهبان الذين صاروا أساقفة ، ومن هنا رأوا أن الدير يتحكم فى الكنيسة والكنيسة تتحكم فى المجتمع.
كما يسرد "متى المسكين هو الذى اقنع نظير جيد ان يترهباً وكان متى اب اعترافه ومرشده الروحى ،ونظير جيد صار البابا شنودة الثالث حيث حملت تلك "الفترة عدم توافق بين الجانبين وخلافات.
فى انتظار القصة الأخرى
يصل حمودة الى نهاية الحلقة بحديثه عن تفاجأه بوجود رفات يوحنا المعمدان فى دير الأنبا مقار ، معقباً "اخر انبياء العهد القديم ومُعمد المسيح" ، ليظن المشاهد
انه امام النهاية لكن "حمودة" يختم " متى المسكين الذى ابتعد عن صراعات الدنيا والصراعات السياسة يجد نفسه وسط نزاع سياسى على السلطة بين السادات والبابا شنودة .. ولهذا قصة اخرى"