الأقباط متحدون - تأصيل الفكر الآبائي عند متى المسكين
أخر تحديث ٠٣:٤٦ | الأحد ٦ مارس ٢٠١٦ | ٢٧ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٥٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

تأصيل الفكر الآبائي عند متى المسكين

بقلم: د. عايدة نصيف

لقد كان للأب متى المسكين ومدرسته موقفٌ واضحٌ من تراث آباء الكنيسة القُدامى. فالبعض يرى أن تراث آباء الكنيسة جامد وعقيم، لا يصلح لكنيسة العصر الحالي. أما الأب متى المسكين فقد ذهب إلى أن آباء الكنيسة القدامى هم أكثر معاصرة لنا من كثير من التعاليم والآراء والأفكار الروحية واللاهوتية السائدة، والتي لا تتفق مع بشارة المسيح والرسل التي هي جديدة على الدوام مثلها مثل المسيح. فآباء الكنيسة هم آباء الكنيسة في كل جيل، وتعاليمهم تصلح لكل جيل وكل عصر؛ لأن كرازتهم (أي بشارتهم) هي الصوت الممتد لصوت المسيح والرسل، ومُصاغة بلغة الجيل المعاصر

فعند الأب متى المسكين أن الكنيسة تواجه اليوم تحديات قوية على المستوى الروحي والعملي، ومواجهة هذه التحديات لا تكون بالاجتهاد الفكري الشخصي؛ لأن ذلك يتعلق بتقليد الكنيسة. إن تقليد الكنيسة الأرثوذكسية ليس جامدًا كما تصفه بعض الطوائف الأخرى التي تحررت منه، بل هو تقليد حي متحرك يمكن الامتداد به والإضافة إليه.

فعند الأب متى المسكين أن الكنيسة تستمد التعليم الكنسي من جهة الروح القدس فمن التقليد الآبائي نستمد تعاليم المسيحية، التزامًا بكلمة الإنجيل واستعلان الروح القدس. فتقليد الكنيسة هو الذي يحدد صحة الشرح سواء في اللاهوت العقيديالنظري، أو في اللاهوت الروحي النسكي العملي.

 وفي رأي الأب متى المسكين، أن أي خروج عن اتجاه الآباء العام يُخرجنا عن مفهوم الأرثوذكسية وعن حياة الكنيسة بوجه عام، فالإيمان مرتبط بالعمل، وكلاهما تسليم من الله، ومن الرسل، واستعلان الروح القدس.

فالروح القدس له سلطان في الكنيسة من حيث هي جسد المسيح، وقد سلَّمَها الروح القدس لنموها وتكميلها، ولكي يظل الرب يدبرها بنفسه كرأس لها بواسطة عمل الروح القدس؛ ليكون الكل واحدًا بمواهب متعددة في المسيح.
ومع ظهور السلطة الكهنوتية، نشأت، فيما يرى الأب متى المسكين، مشكلة تتلخص في سؤالين: هل الكنيسة خاضعة لنعمة وسلطان الروح القدس؟ أم أصبح هذان خاضعين للسلطة الكهنوتية

رأى الأب متى المسكين أن السلطة الكهنوتية في العصور المظلمة في الغرب كانت خاضعة للكنيسة، والسليم هو أن تكون خاضعة لسلطان الروح القدس، أي للمسيح، فهو رأس الكنيسة التي هي جسده، وهو الذي يدبرها بنفسه من خلال عمل الروح القدس، فيجمع أعضاءه ويوحدهم ومن آراء الأب متى المسكين اللاهوتية، يمكننا استنباط أنه يدعو إلى أن خضوع الكنيسة لأي سلطة كهنوتية إنسانية يعني بالأساس أن الكنيسة ورجال الدين عليهم الخضوع للقوة الإلهية اعتمادًا على التقليد الكنسي وعلى نصوص الكتاب المقدَّس؛ حيث إن الإنسان مادي، وعقله محدود، ومن ثَمَّ يجب عليه أن يخضع للقوة الإلهية اللامتناهية المتمثلة في الروح القدس المُفاض على الخدام، وذلك من خلال الكتاب المقدَّس، ومن خلال الشرح والتفسير الصحيحين لآباء الكنيسة.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع