مرت حادثة اغتصاب حق ناظرة مسيحية فى منصبها مرور الكرام، ذلك لأن طالبات المدرسة هتفن «مش عايزين مسيحية»!!، رضخت وزارة التربية والتعليم، وارتعدت فرائصها، وقررت التضحية بـ«عضمة زرقاء» إرضاءً لأصحاب الدماء الزرقاء من النبلاء!!، لم يتحرك المجلس القومى للمرأة، مكتفياً باجتماعات الغرف المكيفة، لم يتحرك المجلس القومى لحقوق الإنسان، فكل ما يشغله هو الأحداث التى فيها فلاشات تصوير وكاميرات، وأغلبها مختصة بالشرطة، لم يتحرك أحد لنصرة هذه المسكينة وإعادة الحق إليها، ما هذا الظلم؟!، ما هذا التخلف؟!، كيف ومتى سكن تحت جلودنا كل هذا العته والعبط والعنصرية؟!، كيف ومتى ترعرع فى وادينا الطيب كل تلك الضباع العاشقة للدم والمغرمة بجيف الأفكار وحثالة السلوك؟!، وصلتنى من د. كميل صديق ساويرس، سكرتير المجلس الملى السكندرى رسالة مؤلمة تصرخ فى وجه الجميع وتدينهم وتعريهم، تدين الصمت والخرس، وتعرى وتفضح التواطؤ والتآمر، رسالة من مواطن مصرى قبل أن يكون طبيباً مسيحياً، يعيش فى نفس المدينة، التى يعيش فيها طبيب آخر اسمه ياسر برهامى يلعن أقباط مصر صباح مساء فى الشاشات، ومن على المنابر ويكفرهم ويتهمهم بالخيانة ويسفه عقائدهم ويحرم تهنئتهم بأعيادهم.. إلخ، كل هذا لا يسمى ازدراء عند دولتنا الميمونة، وأعتقد أنها تصنف سلوك «برهامى» تحت بند تنسيق الزهور، أو الرقص الإيقاعى!!، تقول رسالة د. كميل، التى تنضح مرارة:
لم تصدر ضدها أية أحكام.. لم يكتشف تزوير فى شهادتها.. لم تسلب منصباً لا تستحقه.. لم.. لم.. ولكن يبقى للأسف الشديد أنها مدانة بتهمة لم تستطع إنكارها أو التخلى عنها، وهى أنها مسيحية!!
والسيدة المدانة، التى نتحدث عنها هى تلك التى صدر قرار بتعيينها مديرة لمدرسة ثانوية فنية ببنى مزار.. وهنا وبعد أن نمى لعلم فتيات المدرسة هذا القرار، الذى يعد من الكبائر، قاموا بالاعتصام بالمدرسة احتجاجاً على أن تتولى إدارة مدرستهم مديرة مسيحية، والشىء المحزن أن إدارة المنطقة (مصدرة القرار) عملت من فورها على تهدئة الطالبات، ووعدتهم بحل يرضيهم وأوقفت القرار!!، كلاكيت لثانى مرة.. ومن قبلها منذ عدة سنوات نفس السيناريو، وهذه المرة كانت من محافظة قنا ونفس التهمة محافظ (أستغفر الله) مسيحى!! وقامت المظاهرات وفصلت جنوب مصر عن شمالها بقطع خطوط السكك الحديدية، بل وتم التهديد بفصل خطوط الضغط العالى للكهرباء المولدة من السد العالى وبالتالى إسقاط مصر فى ظلام دامس.. ولم يستطع مصدر القرار أن يحمى قراره وألغى القرار. وسقطت هيبة الدولة تحت أقدام هؤلاء وتحقق لهم ما طلبوه، ومن قبلها، وفى أعقاب أحداث الخانكة الشهيرة تحدث الرئيس المؤمن «عن أن الأقباط اتعودوا على كده»، وإيه كده يا سيادة الرئيس؟ «يقيمون صالة للاجتماعات وبالتحايل يتم الصلاة فيها وتبقى كنيسة»!!، دعونى أمارس قدراً من الصراحة مع النفس وأقول (نعم نضطر أحياناً إلى ذلك) وفى يقينى ويقين إخوتى المصريين أن المتهم الحقيقى هو تلك العراقيل التى (عادة) توضع فى طريق إنشاء أية كنيسة، وبالتالى نضطر للتحايل.
السؤال الآن الذى يصرخ فى وجوهنا جميعاً: ماذا يراد من الأقباط؟؟ ما يحدث أيها السادة تجاوز كل حدود المعقولية والمنطق، وأكاد أقول والحد الأدنى من السلوك الإنسانى للإنسان البدائى، وإذا كان الدستور هو العقد الاجتماعى بين الدولة والمواطن الذى له كل الحقوق وعليه كل الواجبات، فلنا أن نتساءل: إذا كنا نؤدى وبشهادة الجميع كل الواجبات، فهل فى المقابل ننال ما لنا من حقوق؟؟!!، الواقع المرير المؤلم على أرض الواقع يقول لنا لا وألف لا!! أيها السادة كل ما نطالب به من حقنا فى وطننا وأرضنا، وليعلم الجميع أن الأقباط لم ولن يعرفوا أو يرتضوا بوطن أو أرض غير مصر، وهذه بديهية ورثناها عن أجدادنا من آلاف السنين.
وفى النهاية، أردد مع الأستاذ محمد سلماوى كلماته: (إن قبط مصر هم العنصر الثابت فى تكوين الشعب المصرى منذ أيام الفراعنة وحتى الآن، بينما ذوو النعرة الطائفية والعنصرية الذين يتحدثون بمثل هذه الأحاديث المناقضة للإسلام هم العنصر الوافد والدخيل على طبيعة المصريين، وطبائعهم السمحة الكريمة).
نقلا عن الوطن