أقر مجلس النواب المصري نحو 300 مادة من مواده الداخلية، وسط خلافات واسعة حول إحدى المواد، التي اشترطت نسبة 25% لتشكيل الائتلافات السياسية داخل البرلمان.
ويرى معنيون أن البرلمان الحالي هو أخطر مجلس في حياة مصر الحديثة؛ حيث يتسم بتشكيلة متنوعة، تحكمها كتل متحركة. في حين أن الدولة لا تزال عاجزة حتى الآن عن امتلاك كيان متماسك قادر على دعم سياساتها بشكل قوى وواضح.
و يتمتع النواب بحرية واسعة، تسعى بعض القوى المناوئة للدولة، أو المختلفة مع بعض مواقفها، لتوظيفها بشكل بدا جليا في رفض البرلمان قانونَ الخدمة المدنية، وفي اقتناصِ المعارضة لأحد مقعدي الوكيلين من ائتلاف "دعم مصر"، الأقرب للدولة، والذي أعلن عن استحواذه على نحو 370 عضوا، يمثلون ما يزيد عن 50% من المجلس، البالغ عدد أعضائه 598 نائبا.
وقد بدأت الأزمة الراهنة بشكل واضح مع مناقشة المادة 97 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، والتي نصت على أن يكون تشكيل الائتلاف البرلماني من 20% من أعضاء المجلس على الأقل. وتشترط أن يكون أعضاء الائتلاف من خمس عشرة محافظة من محافظات الجمهورية، منهم ثلاثة أعضاء على الأقل من كل محافظة، ترشحوا عن مقاعدها؛ ويُشترط أن لا ينضم النائب إلى أكثر من ائتلاف في وقت واحد.
لكن اقتراحا قدمه "دعم مصر" بشخص أحد قيادييه في البرلمان، وهو وزير الرياضة، ولاعب كرة القدم طاهر أبو زيد بتعديل النسبة لتصبح 25% على الأقل من نواب المجلس؛ الأمر، الذي استثار حفيظة نواب "المصريين الأحرار"، الذي يبلغ عددهم نحو 65 نائبا، وقرروا الانسحاب من البرلمان بعد رفضه دعوتهم إلى إعادة المداولة حول المواد الخلافية قبل الإقرار النهائي للائحة الداخلية للمجلس.
وحين أعلن رئيس البرلمان علي عبد العال عن إمكان إعادة النظر في المواد الخلافية بعد انتهاء مناقشة بقية المواد، وقبل الإقرار النهائي للائحة المجلس، أطلق ممثلو "دعم مصر" تصريحات مستفزة، تضمنت نوعا من استعراض القوة السياسية؛ حيث أعرب المنسق العام للائتلاف اللواء سامح سيف اليزل عن رفضه إعادة التصويت على نسبة تشكيل الائتلافات، "باعتبار أن نسبة الـ25% لائقة بالمادة والبرلمان المصري، وأن نسبة الـ20% غير لائقة به". واستبعد سيف اليزل أن تتم إعادة مناقشة المواد الخلافية مرة أخرى بعد إقرارها.
بيد أن كتل "المصريين الأحرار" و"المحافظين" و"الوفد" هددت بالتصعيد بعد توجيهها اتهامات إلى "دعم مصر" بممارسة الاستحواذ والإقصاء وتفصيل مواد اللائحة حسب أغراضه السياسية، من دون مراعاةٍ لمصلحة المجلس العامة؛ وانتهى الأمر بعقد رئيس البرلمان اجتماعا ضم ممثلين عن "المصريين الأحرار" و"دعم مصر" بحضور سيف اليزل، الذي أنهى الخلاف القائم، ووعد بمناقشة المواد الخلافية مرة أخرى كما وعد سلفا رئيس البرلمان.
أما علاقة البرلمان الحالي بالرئيس عبد الفتاح السيسي وبالسلطة التنفيذية، فتشهد توترا مكتوما، ربما ظهر جليا في التزام السيسي بالنص في خطابه الرسمي في البرلمان، وعدم الخروج عنه، كما اعتاد في خطاباته المختلفة؛ فضلا عن توجيهه انتقادات عدة إلى أعمال المجلس. كما أنه أمضى فقط 52 دقيقة في البرلمان، استغرق منها خطابه المكتوب 32 دقيقة. كل هذا رغم تأييد كل أعضاء البرلمان للرئيس، وتأكيدهم أن اختلافاتهم معه يحكمها الاختلاف على طرق الوصول إلى الأهداف لا على الأهداف نفسها.
هذا، وقال النائب أحمد الطنطاوي إن ما يحدث في البرلمان المصري من محاولات الاستحواذ مرفوضة، ودعا ائتلاف "دعم مصر" إلى إعادة النظر في حساباته.
فيما رأى الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية، أن البرلمان الحالي يعاني من صراع سياسي بين الكتل المتناحرة الضعيفة، وأنه على الرغم من محاولات "دعم مصر" للاستحواذ، فإنه لن يستطيع فرض سيطرته كاملة كما كان يحدث ذلك من قبل..
وأخيرا، فإن صراع الكتل المتناحرة في البرلمان المصري لن يجدي ولن يثمر عن شيء، لكنه يعكس الأوضاع العامة في مصر