مخاطر صحية تهدِّد صحة المواطن واللحوم المجمَّدة الموجودة بالأسواق غير آمنة!
* بعض رجال الأعمال يرفضون استيراد اللحوم السودانية الرخيصة والآمنة بحثًا عن مكاسب سريعة يدفع ثمنها المواطن المصري.
* إعادة مشروع البتلو مرة أخرى وتوفير بدائل محلية لتغذية الحيوان، وتحديث المجازر والثلاجات.. حلول هامة لأزمة اللحوم.
* على الدولة تخفيض الضرائب وتوفير الأطباء البيطريين للمربين.
تحقيق: محمد بربر
أزمات متتالية يعيشها المواطن المصري بحثًا عن لقمة العيش.. طوابير العيش المميتة كانت البداية، ثم تلتها أزمة الأسماك الفاسدة، وأخيرًا أزمة اللحوم المصرية وأسعارها المرتفعة التى وصلت إلى (60) جنيهًا للكيلو.. مشكلات عديدة تقف أمام الاستفادة من الثروة الحيوانية.. من المسئول عن إصابة اللحوم فى "مصر" بديدان الساركوسيست؟! وما هى الاجراءات الواجب على الدولة اتباعها حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي من الثروة الحيوانية؟ هذه الأسئلة وقضايا أخرى طرحناها على المواطن المصري، وخبراء الاقتصاد والزراعة، لايجاد حلول للمواطن البسيط الذى أصبح يرى في اللحوم "أمنية كل عيد"!!
حيل المواطن المصري فى الحصول على اللحوم
فى البداية، قالت "رشا قدري"– موظفة: إن مشكلة ارتفاع أسعار اللحوم سبَّبت الكثير من الحرج للأسر المصرية فى ظل تدنِّى الأجور والمرتبات، ورغبة الأسر فى إشباع رغبات واحتياجات أولادها. وقالت: "اتفقنا أنا وزوجي أن نستقطع قمن كيلو اللحمة من مرتب كل شهر؛ نظرًا لارتفاع أسعاره بصفة مستمرة". مطالبة الحكومة بتطبيق سياسات الرقابة على الأسعار، وتوفير كمية أكبر من مخزون الثروة الحيوانية.
ورأى "أمجد النشوقاتي"– محاسب– أن الأسرة المصرية تواجه العديد من المشكلات المادية، لاسيما وأن الزيادة المطردة شملت معظم الخدمات والسلع الاستهلاكية والغذائية.
وانتقد "أمجد" الأوضاع المصرية بقوله: "إن المواطن الذى يريد أن يوفر حياة كريمة لأهله، عليه أن يعمل فى أكثر من وظيفة، هذا إذا كان شريفًا. وإلا فكيف يوفر الأطعمة، والملابس، وأسعار الدروس الخصوصية، والمواصلات، وفواتير المياه والكهرباء والتليفونات، وغيرها من فواتير تقضى على المرتب فى أول أسبوع من الشهر"، مؤكدًا أن شراء كيلو من اللحم الآن صار حلمًا للكثيرين، حيث أن وجبة الـ"عدس" تتكلف (20) جنيهًا على حد قوله.
مخاوف من اللحوم المتوفرة بالأسواق
وأبدى "سليم أنور"– مزارع- تخوفه الشديد من اللحوم الموجودة بالأسواق الآن، فى ظل وجود أمراض عديدة مثل الحمي القلاعية، والجلد العقدي، والتهاب الجلد الأوديمي، حمي الثلاثة أيام، وغيرها من الأمراض شديدة الخطورة.
وأضاف "سليم": اللحوم المجمَّدة الموجودة الآن بالأسواق غير آمنة وأسعارها مرتفعة جدًا. مشيرًا إلى اتهام البعض لرجال الأعمال الذين يرفضون استيراد اللحوم السودانية الرخيصة والآمنة، بأنهم يبحثون عن مكاسب سريعة يدفع ثمنها المواطن المصري.
وأوضح "سليم" أن الأخبار المنشورة بالصحف عن ضبط كميات فاسدة من اللحوم المجمدة أمر ينذر بكارثة. مطالبًا الحكومة بالتوقف عن استيراد اللحوم المجمدة، وفتح باب استيراد الرؤوس الحية من "السودان".
وقال "سليم": إن القروض التي تعطيها الدولة للفلاحين بقيمتها الحالية، لا تشجِّع علي الدخول في مشروعات التسمين، بالإضافة إلى أن ضمانات بنك التنمية والائتمان الزراعي تقف عقبة أمام الفلاح، وتمنعه من الاستمرار فى مشروعات التسمين.
وتحكى "سيدة"- تحفَّظت على ذكر اسمها- عن أهالى الحي الذى تقيم فيه، وكيف إنهم يتحايلون للحصول على اللحوم، وقالت: "نذهب إلى الجزار ونأخذ منه العظم الذي يلقيه أسفل قدمه وتلعقه القطط، والذي لا يوجد به أي مواسير أو غيره؛ فنحن ليس في مقدرتنا شراء عظم المواسير، ونقوم بغسله ونضعه على النار مع كميةٍ كبيرةٍ من الماء، ونعمل شوربة حتى يتذوقه أطفالنا ذلك لأننا نعجز عن شراء اللحوم".
مخاطر صحية.. والسر فى اللحوم
من جانبه، أكَّد د. "عيد بغدادي"- استشارى الباطنة- أن المواطن المصري يعانى بشكل عام من نقص فى البروتين الحيواني، حيث يمثل البروتين الحيواني للمواطن المصري 2% من السعرات الحرارية، في حين أنه ينفق 28% من دخله ليحصل عليها. مما يعني أنه لا يحصل علي حقه من البروتين طبقًا لأحدث الدراسات، على حد قوله.
ورأى "بغدادي" أن ثقافة الاستهلاك غائبة لدى المواطن المصري، ومن ثم يستغل التجار الأسواق ويرفعون الأسعار خصوصًا فى الأعياد وشهر رمضان وبداية العام الدراسي. موضحًا أن العيب ليس فى الحكومة، وإنما فى التجار الذين يتلاعبون في السوق لتحقيق أرباح خيالية، والذين لابد من اتخاذ موقف محدد تجاههم لصالح المواطن البسيط.
وعن إصابة اللحوم فى "مصر" بديدان "الساركوسيست"، أكَّد د. "شكري الملواني" أن اللجان البيطرية فى "مصر" هى السبب فى وصول مثل تلك الأمراض إلينا. مشيرًا إلى خطأ استيراد اللحوم من "الهند"، فى الوقت الذى تتحفظ فيه الحكومة على استيراد اللحوم السودانية.
عودة مشروع البتلو وتحسين السلالات ومواجهة مافيا اللحوم.. حلول ضرورية
واعتقد المهندس "محمد التابعي"- الخبير الزراعي- أن الحل يتمثل في إعادة مشروع "البتلو" مرة أخرى، لأنه يساعد الفلاح على شراء الرؤوس وتربيتها وبيعها. بالإضافة إلى ضرورة تحسين السلالات، وتوفير سياسة محلية تنتج برامج تغذية للمربين الصغار، وتوفير بدائل محلية لتغذية الحيوان، ومواجهة مافيا اللحوم، وتحديث المجازر والثلاجات وتطويرها لاستيعاب أعداد مناسبة من الرؤوس وتشفيتها وتبريدها، وإيجاد آلية للمربي أو الفلاح الصغير لتسليم الإناث أو ذكور الجاموس أو العجل الرضيع وزن أقل من (60) كيلو إلي مديريات الزراعة.
وأشار "فرج جبريل"- أمين جمعية التنمية المستدامة- إلى ضرورة توافر الأطباء البيطريين المدرَّبين، لاسيما وأن (50) ألف طبيب بيطري بلا عمل لا تستفيد منهم الدولة حسبما توضح الاحصاءيات، والنتيجة هي تفشي الأمراض والأوبئة. وطالب بتخفيض الضرائب ودعم المياه والكهرباء للمربين، موضحًا أنه لابد من الربط بين المربين ومنافذ البيع لضمان أسعار تتفق مع تكاليف التربية.
هل يتدخل الرئيس "مبارك" لحل أزمة اللحوم؟
وفى النهاية، طالب "جبريل" الحكومة المصرية بوضع سياسات تكفل مسئولية التنمية المخططة. مشيرًا إلى أن إعلان "فايزة أبو النجا"- وزيرة التعاون الدولي- بأن مافيا اللحوم تسببت في أزمة دبلوماسية مع "أثيوبيا"، يمثل مثالاً صارخًا يؤكد سيطرة مافيا اللحوم. كما طالب الرئيس "مبارك" بالتدخل والانتصار للمواطن البسيط.