كثيرا ما نقرأ هذه الأيام عن جرائم قتل بشعة، ولا أعلم لماذا كل هذا العنف، ألم يتعلم الإنسان بعد آلاف السنين أن يتعايش، ألم نتعلم الدرس من قابيل وهابيل، ألم نعرف أنه من الصالح للجميع أن نعيش معا فى محبة وسلام.
الكثيرون اختلطت عليهم الأمور وصدقوا أن لغه القوة والسيف هى الحل، حتى الآن وفى عصرنا هذا، المتقدم جدا فى التكنولوجيا والعلم، نرى دولا عظمى تستغل أسلحتها الفتاكة لخراب ودمار دول وشعوب أخرى.
والسؤال هنا.. لماذا لم يتعلم الإنسان من أخطائه فى الماضى؟، ألم ندرك أن الحروب لا تأتى إلا بالدمار والخراب، ليس على من يصنعها فقط ولكن على كل البشرية، ألم ندرك أن هيروشيما كانت بمثابة وصمة عار على جبين البشرية كلها.
القتل له عدة أنواع وعدة أشكال، الكثير منا يعتقد أن القتل هو أخذ الروح أو قتل الجسد سواء بسلاح أو خنجر أو سم أو بالخنق، ولكن هناك نوع أخطر بكثير من قتل الجسد، ألا وهو قتل النفس.
يمكن لإنسان أن يقتل الآخر بكلمة أو بتعبير أو بتصرف، لا بد أن نراعى مشاعر الآخرين، ونتعلم أن نعامل الآخرين كما نود أن يعاملونا، لماذا الإصرار أحيانا على هدم الآخر بدلا من التمثل به أو تحقيق شىء أفضل مما حققه.
أعتقد أنه من المثمر للجميع أن نتنافس فى النجاح وتحقيق الطموح والأهداف بدلا من استهلاك الوقت فى تحطيم ما بناه الآخرون.
وهنا يحضرنى مثل الإرهاب، حيث إن الإرهاب لا ولم يبن شىء، كل ما نعرفه عن الإرهاب هو الدمار والخراب، الذى يؤدى بأصحابه إلى الهلاك، قبل أن يصيب الآخرين.
فقد رأينا أشخاصا يفجرون أنفسهم ولا يهتمون بحياتهم فقط من أجل قتل الآخرين، هكذا الإرهاب النفسى هو يدمر صاحبه قبل أن يدمر الآخر، فهاهنا نرى من يريد تدمير من حوله يسعى جاهدا للتفكير فى طرق وحيل للتشويه وتلفيق التهم للآخر، بدلا من أن يستخدم هذا الوقت فى الإبداع والإنتاج.
لقد تعلمت من خلال خبرتى البسيطة فى الحياة أن الشر يؤدى بصاحبه إلى الدخول فى عباءة الشيطان، وأنه فى كثير من المواقف قد استخدم الله هذا الشر إلى خير، وكما أتى فى مقولة سيدنا يوسف، حينما باعه إخوته لقافلة "الإسماعيليين": "هم أرادوا بى شرا والرب أراد بى خيرا".
فلا بد أن نتذكر دائما أن هناك الله جل جلاله، هو فاحص القلوب والكلى، وهو من يعرف ما بداخلنا وهو القاضى العادل، فيجب علينا أن ندرك أن الحياة صعبة بطبيعتها، فواجب علينا أن نعمل لتخفيف أعباء الحياة عن بَعضُنَا البعض.
لا بد أن نعرف أن النجاح الحقيقى لا يمكن أن يبنى على جثث وحطام الآخرين، وأن الرضا عن النفس لا يمكن أن يأتى على حساب نفوس أخرى، وأن التمييز لا يصح أن يكون على حساب تدمير الآخرين وتحطيمهم.
لقد سمعت فى أحد اللقاءات لدكتور عظيم مصرى ومحبوب جدا أنه تم عمل إحصائيات ودراسات لمعرفة السبب الرئيسى وراء زيادة العمر للأفراد، الذين تبرعوا بأعضائهم، وبالأخص الكلى، لمرضى آخرين، حيث كانت هذه ظاهرة ملحوظة جدا، فوجدوا أنهم يعيشون لأعمار متقدمة بسبب سعادتهم وإحساسهم بالرضا عن أنفسهم لفعل هذا الخير والعمل العظيم، فأعتقد أيضا أن العكس كاد يكون صحيحا، حيث إن الشر قد يؤدى إلى تدمير صاحبه نفسيا وجسديا، فلا تكون قاتلا للآخرين من أجل نفسك أولا ومن أجلهم أيضا.
نقلا عن مبتدا