الأقباط متحدون - المثقف: الراقص على «السلالم» بين السلطة والجماهير
أخر تحديث ٢١:٢٤ | الثلاثاء ١ مارس ٢٠١٦ | ٢٢ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٥٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

المثقف: الراقص على «السلالم» بين السلطة والجماهير

المثقف: الراقص على «السلالم» بين السلطة والجماهير
المثقف: الراقص على «السلالم» بين السلطة والجماهير

 «يعيش المثقف على مقهى ريش.. يعيش يعيش يعيش.. محفلط مزفلط كتير الكلام.. عديم الممارسة عدو الزحام.. بكام كلمة فاضية وكام اصطلاح.. يفبرك حلول المشكلات قوام.. يعيش المثقف».. كلمات مقتضبة كتبها الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم فى قصيدته «أهل بلدى»، عكس خلالها حال النخبة المثقفة لتظل تلك الكلمات خالدة على مر السنين تصف الوضع الذى قد يزداد سوءاً.

 
ورغم عدم ارتباط الفساد الثقافى بتعديات مالية أو إدارية، فإنه يعتبر من أخطر أنواع الفساد على الإطلاق بغياب الهدف الأساسى منه فى التواصل مع الجمهور فى ظل انفصال كبير بين الشارع والنخبة المثقفة، التى تغيب عن المشاهد الأشد حلكة، بينما يميل بعض المثقفين أحياناً للتقارب مع السلطة بشكل كبير ليصبح لسانها وظهيرها، ما يتنافى مع الوقت الذى كانت فيه السلطة الثقافية تناظر السياسية من خلال قوتها وتأثيرها، سواء الرمزى والفكرى، أو الفاعل على أرض الواقع من خلال الجماهير.
 
ويرى الشاعر زين العابدين فؤاد أنه من الصعب أن نضع جميع المثقفين تحت مظلة واحدة، ففى الوقت الذى كانت تقوم فيه لجنة الخمسين بكتابة الدستور وإعداد النص المتعلق برفض محاكمة المدنيين أمام المجالس العسكرية، كان هناك انقسام واضح بين صفوفهم، مؤكداً أن «المثقفين مش حاجة واحدة».
 
وتابع أن «المثقفين كان لهم دور كبير على أرض الواقع بداية من ثورة 25 يناير، واعتصام الـ18 يوماً فى ميدان التحرير، وهو عدد ليس بقليل، ما يدلل على أهمية دور المثقفين الذين ما زالوا يلعبونه على أرض الواقع، وهم من تفاعلوا مع الشباب فى تأسيس احتفالية (الفن ميدان) كأكبر ظاهرة فنية امتدت إلى 16 محافظة، بجانب الدور الذى تبنوه بعد صدور دستور الإخوان أو من خلال اعتداء هذه الجماعة على الفنون بوصفها (فجور ودعارة)، أو اعتصام وزارة الثقافة الذى قام به المثقفون ولعبوا من خلاله دوراً فى إسقاط الرئيس الإخوانى محمد مرسى شعبياً قبل إسقاطه سياسياً، ويمتد دورهم فى الوقت الحالى فى التصدى للهجوم على الإبداع وتطبيق قضايا الحسبة».
 
على الجانب المتعلق بفساد المثقفين، أشار «زين العابدين» إلى أن هناك نوعاً من المثقفين يرتمون فى أحضان السلطة مبررين لها كل قراراتها التى قد تخرج عن الدستور والحريات، مضيفاً: «التبرير هو الفساد، فالبعض لديهم عمى ألوان يخلطون بين الحرب على الإرهاب والحرب على الحريات».
 
«زين العابدين»: بعض المثقفين يعانون من «عمى ألوان».. و«حجاب»: قوى الظلام تفرض سيطرتها و«عبدالمجيد»: أصحاب «المواهب الضعيفة» ينتشرون.. و«ناعوت»: النميمة والنفاق وراء انفصالى عن عالمهم
أما الناقد الدكتور مدحت الجيار فيرى أن كل مجتمع وكل فئة يتضمنها تعانى من الفساد، يتحمل فيها المثقف العبء الأكبر فى استبيانه، وأضاف: «بينما يحاول المثقف أن يدارى فساده الشخصى بالنظريات وكثرة الكلام واللف والدوران، لا بد أن يكون بعض المثقفين غير فاسدين يتحولون إلى رقباء على فساد الآخر من بعيد، ولكن الثقافة الآن تعانى بسبب الفساد الإدارى، فالمثقف لا يتعاون مع نفسه وإنما يتعاون مع أجهزة إدارية، وكلاهما يتوجه للجمهور والمتلقى، وبالتالى الإصلاح الإدارى يضمن لنا السيطرة على هذا الفساد ومحاربته، وعدم تكرار الأخطاء، وتقع المسئولية الكبرى على المثقف الذى لا بد أن نراقبه كما يراقب الإعلامى، خاصة أنه يعتبر الأكثر وعياً ومعرفة بالحياة والتاريخ والقانون العام وبالتالى عليه مسئولية كبيرة تركها يعد جريمة».
 
وأوضح «الجيار» أن هناك حالة من الانفصال يعيش فيها بعض المثقفين رافضين الحديث أو التطرق لعيوب بعض المؤسسات أو الشخصيات من خلال كتاباتهم، الصحفية أو الأدبية، متجهين إلى بعض الموضوعات الأقل أهمية وتسطيحاً للعقول، وهو ما يعد تراجعاً عن الدور الأساسى لهم.
 
وأشارت الكاتبة فاطمة ناعوت إلى أن ممارسات المثقفين السبب وراء انفصالها عن هذا المجتمع منذ 2003، قائلة: «لولا انفصالى عن هذا العالم ما أنتجت أى أعمال أدبية، خاصة أنه عند انضمامى لهذا المجتمع كنت محملة بمجموعة من الأفكار المثالية حول هذه الفئة، حتى اصطدمت بالواقع الملىء بالنميمة والنفاق بالإضافة إلى كم كبير من الأمراض النفسية، التى كانت وراء اختيارى للانفصال عن هذا الواقع فى عالم خاص بى بدلاً من الصدمات المتتالية».
 
أما الشاعر سيد حجاب فيقول إن تفرغ المثقفين للعمل الذهنى يجعلهم أول الواصلين للمعرفة، ما يضعهم بين موقفين، إما أن يوظفوا تلك المعرفة لصالح مجتمعاتهم وظروفهم، وهذا ما يفعله المثقفون عادة، حيث تشكل تلك المعرفة قوة بالنسبة لهم، أو يوظفون معرفتهم فى الاقتراب من مراكز القوة والنفوذ فى خدمة السيد الفرعون الذى يبدأ جزء كبير من الفساد عند المثقفين من هذه النقطة، حيث يصبح الانتماء لدى تلك الفئة لنفوذهم وأشخاصهم الفانية وليس لشعوبهم، مقابل خدمة الحاكم. وتابع «حجاب»: «على مدار 40 عاماً لم نرَ حاكماً يعرف القيمة الحقيقية لمصر وشعبها، والآن نحن فى مرحلة تحاول فيها سلطة عبيد الماضى، العائدة اليوم، ترويع المثقفين من جديد، وقوى الظلام المتحكمة فى مفاصل السلطة الثقافية والإعلامية والسياسية والاقتصادية تحاول قدر الإمكان الآن أن تغيّب المثقفين عن الصورة، مقابل أن تنتقى وتصدّر المثقفين التابعين لتلك السلطة، رغم أنه لا مخرج لمصر من أزمتها إلا باعتماد الثقافة والمعرفة دليلاً للخروج من الأزمات المتكررة». وقال الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، إن فساد المثقف يتمثل فى صمته عما يدور حوله من المجتمع من فساد، ما يجعله شريكاً أصيلاً فيه، مضيفاً: «الفساد له أكثر من شكل وتوصيف، يبدأ من سكوت المثقف عن الظلم، أو عندما تتغلب عليه مصلحته الذاتية مقابل المصلحة العامة، أو عندما لا يقوم بدوره بالشكل المطلوب، فيغيب عن مجموعة من المشاهد المهمة، ما يخلق انفصالاً بين دوره الحقيقى وما يمارسه بالفعل». ورأى الروائى إبراهيم عبدالمجيد أن المثقف له وضعان حالياً، الأول أن يكون مستقلاً، وأن تكون السلطة الوحيدة التى يملكها هى القلم، وفى هذه الحالة يصبح كل إنتاجه الأدبى محل تقدير شخصى من الناس، ولكن الوضع الثانى عندما يقترب المثقف من السلطة يصبح الوضع ملتبساً، فهناك مجموعة كبيرة ممن يقترنون بالسلطة، خاصة من قليلى الموهبة، على حد تعبيره، يفشلون ويصبح همهم الأول الترويج لأعمالهم والحصول على لجان ومكافآت، أو اللهث وراء السفر، ومن هنا يأتى الفساد منذ أن يبدأ هذا النوع محاولات الاستفادة من وضعه بكل الطرق الممكنة.
 
على الجانب الآخر، دشنت مجموعة من العاملين بوزارة الثقافة وقطاعاتها المختلفة صفحة «ألتراس وزارة الثقافة المصرية» على موقع «فيس بوك»، لنشر مجموعة كبيرة من التجاوزات سواء المالية أو الإدارية التى تتم داخل أروقة مؤسسات وهيئات الوزارة، وكان هدف إنشاء الصفحة، وفقاً لـ«الأدمن» المسئول عنها: «بناء كيان معارض غير هادم يدعم فكرة التطهير والتطوير على السواء، ونحاول تقديم خدمتنا لأى فرد، سواء موظف أو فنان أو فنى يهتم بالشأن الثقافى».

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.