جاء في مقال الصحيفة:
لم يراعَ وقف إطلاق النار في سوريا الذي بدأ سريان مفعوله يوم 27 فبراير/شباط الجاري في جميع المناطق السورية، وخاصة في محافظة الرقة التي تعتبر معقلا للمجاهدين. ومع ذلك تحاول روسيا والولايات المتحدة المضي قدما في عملية التسوية السلمية عن طريق كسب فصائل جديدة من المعارضة المعتدلة إليها.
وقد أعلن المكتب الإعلامي للخارجية الروسية ان وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري ناقشا خلال اتصال هاتفي سبل تنفيذ شروط اتفاقية وقف اطلاق النار وتعميق التنسيق بين موسكو وواشنطن في المجال العسكري. كما تطرقا خلال الاتصال الى مستقبل الحوار السوري والتسوية السلمية للنزاع في هذا البلد بدعم من المجموعة الدولية لدعم سوريا، بعد ان وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على مشروع القرار الذي قدمته روسيا والولايات المتحدة بهذا الشأن.
وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميستورا قد أعلن ان الجولة القادمة للمفاوضات بين دمشق والمعارضة يمكن ان تبدأ يوم 7 مارس/آذار المقبل في حال مراعاة جميع الأطراف لاتفاق وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية الى كافة المناطق.
هذه الشروط بالذات يحاول المجاهدون انتهاكها، على الرغم من أن القوات الحكومية والقوات الجوية الفضائية الروسية أوقفت كافة عملياتها الحربية في كافة مناطق سوريا تقريبا. وأعلن ممثل وزارة الدفاع الروسية أنه "تم تقديم قائمة بالمجموعات المسلحة البالغ عدد أفرادها 6111 مسلحا والتي وافقت على اتفاقية الهدنة، وكذلك قائمة تضم 74 بلدة ومنطقة يجب استثناؤها من رقعة الهجمات".
طبعا هذا الرقم صغير جدا إذا علمنا ان عدد المجاهدين في سوريا يصل الى 100 ألف مسلح ينتمون الى 2.500 فصيل. وهذا يعني ان وقف اطلاق النار والهدنة يشملان نصف الأراضي السورية، لأنهما لا يشملان "داعش" و"جبهة النصرة" ومجموعات إرهابية أخرى تنشط في سوريا.
ويبدو ان هذه المجموعات حاولت استغلال مراعاة وقف اطلاق النار من جانب القوات الحكومية والقوات الجوية الفضائية الروسية لتقوم بهجمات على بعض المواقع الاستراتيجية من الناحية العسكرية للقوات السورية. فقد انطلقت من الأراضي التركية هجمات على مدينة التل الأبيض التي تسكنها غالبية كردية، والواقعة على مقربة من الحدود التركية في محافظة الرقة.
واتضح ان هذه العملية انطلقت من الشمال أي من تركيا ومن الجنوب أي من مدينة الرقة. وحسب وسائل الإعلام السورية تمكنت وحدات الحماية الكردية المدعومة من قبل طيران التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من صد هذه الهجمات.
بناء على هذه الانتهاكات طلب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، الجنرال سيرغي كورالينكو من الجانب الأمريكي توضيح سبب قصف الأراضي السورية من جانب تركيا العضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. فلم يرد الجانب الأمريكي على هذا الطلب بوضوح، ويبدو ان الجنرال الروسي لن يستلم توضيحا كاملا بشأن ذلك. فأنقرة اتهمت واشنطن بدعم الأكراد الذين يسعون الى الانفصال.
كما حصلت انتهاكات أخرى لاتفاق وقف اطلاق النار في بعض المناطق الأخرى من سوريا في محافظات دمشق واللاذقية وحلب والرقة، رافقها نداء لقائد "جبهة النصرة" ابو محمد الجولاني نشرته شبكات التواصل الاجتماعي العربية بشأن الاستمرار في القتال ضد نظام بشار الأسد وحلفائه حتى النصر النهائي.
وحسب معطيات وسائل الإعلام السورية، لقى حتفه خلال اليومين الأولين للهدنة ما لا يقل عن 50 عسكريا من القوات السورية ومثلهم من المدنيين، وتقدر خسائر المجاهدين بأكثر من 150 قتيلا.