بقلم : ساندي إدوارد
إن ما حدث في الآونة الأخيرة وتناقلته الميديا بشتى صورها وأشعل النار في هشيم مواقع التواصل الاجتماعي حول سلوكيات بعض أمناء الشرطة حيال المواطنين وتكرار بعض التجاوزات التي تدرجت حدتها بدءا بتحرش أحد أمناء الشرطة والذي يقوم بحراسة إحدى الكنائس بفتاة مسيحية أثناء خروجها من الكنيسة وعندما اعترضت الفتاة على تصرفه كان مبرره ان ملابسها ضيقة (من وجهة نظره) مرورا بالاعتداء على أطباء داخل المستشفى وصولا إلى قتل سائق الدرب الاحمر .
أرى من وجهة نظرى ، أنه لامجال لتصدير فكرة المؤامرة التي تقول أن هناك أفراد من الداخلية ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين يهدفون إلى إحداث شرخ بين الداخلية والشعب يضع النظام في مأزق خطير يؤلب عليه جموع الشعب، كما أنني أرفض فكرة ان أمناء الشرطة قد جاوزوا مداهم وباتت السمة الغالبة لتصرفاتهم هي العليائية والتسلط لأنهم بالفعل جاوزوا المدي واهدروا حقوق المواطن وانتهكوا كرامته منذ أربعين عاما حينما كانوا يستخدمون أكفهم الغليظة للسع المواطن في كل الأحوال ظالما كان أو مظلوما طالما دخل محراب الشرطة شاكيا أو مشكو في حقة حتى باتموغاطننا المسكين يفضل التفريط في حقة عن دخول قسم الشرطة ليرحم نفسه من صلفهم وغرورهم .
لقد جاوز بعض أفراد الشرطة الخطوط الحمراء ، ولا سيما في الصعيد حينما كانوا يبحثون عن مجرم فلما لم يجدوه ( يكلبشون) زوجته المسكينة ويقتادوها إلى القسم ، وتبيت عدة ليال لإرغام الزوج على تسليم نفسه مستغلين نخوة الصعيدي في الدفاع عن شرفه وحرمته ، وهذا أيسر عليهم من عمل تحريات محترفة عن مكان المجرم ، وتكون المرأة الصعيدية هي ضحية الفشل الأمني في صعيد مصر .
نعم ، لقد جاوز بعض أفراد الشرطة مداهم حينما كانوا يغضون البصر عن بؤر تجارة المخدرات وأباطرة الأفيون ويستأسدون على سيدة أرملة فقيرة تبيع بعض الخضروات كالفجل والجرجير على الرصيف لإعالة أسرتها لأنها تشغل مكانا عاما ويتركون سوبر ماركت يحتل نصف الشارع .
لم يتغير أفراد الشرطة للأسوأ بل هذه سلوكيات بعضهم منذ عقود .. ولعل هذا الأمر وليد مجتمع يتهافت على السلطة فيكيل القابا من قبيل ( باشا ومعالي ) لطالب الشرطة الذي لم يتجاوز عمره 18 عاما وأكاديمية تزرع في نفوسهم التعالي وبذور الغطرسة والنظر لعامة الشعب نظرة دونية.
الشرطة لم تتغير ياسادة .... إذا من الذي تغير ؟؟ .. الذي تغير هو الشعب الذي كسر شوكة الخوف وخرج من قمقم الصمت وبات يجادل فرد الشرطة ويطالب بحقه ، اصبح المواطن يطمح لدور الشرطة الحقيقي وهو خدمة الشعب والحفاظ على أمنه ويرى في أي تجاوز للشرطة جريمة نكراء لم تكن تبصرها عيناه من قبل ..
لو عاد الزمان قبل الثورة لما اعترضت الفتاة المسيحية على التحرش وآثرت السلامة وعدم الفضيحة ، ولما تظاهر الاطباء من تصرفات أمناء الشرطة ، وكانوا اكتفوا جميعاً ببلاغ بسيط دون النظر الى نتيجته ، ولما طالب سائق الدرب الأحمر بالـ ( 200 جنيه) أجرته بل كان سيندب حظه في صمت ويحمد ربه أنه نجا من تلفيق قضية له على يد أمين شرطة ..
ويظل السؤال : هل يأتي علينا اليوم الذي تكون فيه الشرطة شرطة الشعب ، والشعب شعب الشرطة ؟ رأيي أن الأمر سيطول انتظاره للاسف .