بقلم : عبد اللطيف المناوي | الاربعاء ٢٤ فبراير ٢٠١٦ -
٣٢:
١٠ م +02:00 EET
عبد اللطيف المناوي
يصلح الحوار الذى أجرته «المصرى اليوم»، أمس، مع المستثمر السعودى الشيخ عبدالرحمن الشربتلى لأن يكون مؤشراً على ما وصل إليه حال الاستثمار، وما يحدث مع المستثمرين فى مصر.
فعلى الرغم من الوعود الحكومية المستمرة بتحسين مناخ الاستثمار، والتسهيل على المستثمرين، وعلى الرغم من رسائل الطمأنة التى يرسلها الرئيس عبدالفتاح السيسى طوال الوقت إلى المستثمرين فى الخارج، سواء فى جولاته الخارجية أو فى المؤتمرات والمنتديات التى تُعقد داخل مصر لجذب المستثمرين، على الرغم من كل هذا فإن الجهاز الحكومى يبدو أنه لايزال راكداً، غير مستجيب لدعوات التحديث، ولا يرغب فى طرح وسائل جديدة للتعامل مع المستثمرين، بخلاف تقديم الوعود من الوزراء، والتى غالباً لا تُنفَّذ.
فتح الشيخ عبدالرحمن الشربتلى الجرح بتأكيده أنه يستثمر فى مصر حباً فيها، وليس لأن المستثمر فيها مصون، معدداً المشاكل التى يواجهها المستثمر طوال الوقت من أن المسؤولين يخشون اتخاذ القرار، وأن الدولة لا تلتزم بتعاقداتها، وأن التراخيص لسوق التجزئة تُمنح بعشوائية، وأن الإدارة السياسية تعتقد أنه بتغيير الوزراء يكون قد تحقق الإصلاح، دون أن يدركوا أن الدولة يحكمها ويتحكم فيها «الموظفون» ممن هم تحت الوزير، وهو بهذا يرى أن تغيير الوزارة لن يغير شيئاً مادام الحال على ما هو عليه، ومادام الموظفون الصغار هم من يتحكمون فى مصائر ملايين الدولارات التى يمكن أن تُضخ داخل مصر فى مشروعات فتوقف زحف البطالة، وتحلّ جزءاً من أزمة الدولار.
المشاكل والعقبات التى عدَّدها الشربتلى فى حواره مع «المصرى اليوم» لم تتغير منذ أكثر من ثلاثين عاماً، رغم تغير الحكومات والأنظمة، وهى لسان حال كل مستثمر فى مصر الآن، بداية من أن المستثمر فى مصر يضيع 80% من وقته وجهده فى الركض وراء الوزراء والمسؤولين لتخليص إجراءات، والحصول على موافقات لتسيير أعماله، بدلاً من بذل هذا الجهد والوقت فى توسيع استثماراته فى مصر، والتفكير فى تعظيم موارده، انتهاء- بحسب كلام الشربتلى- بعدم رغبة المسؤولين فى التوقيع على أى ورقة، وانتشار الأيدى المرتعشة، وخوف الوزراء من السجن، فأصبح عدد من الوزراء يُعينون ويتغيرون دون أن يوقّع الواحد منهم ورقة واحدة خلال وجوده على الكرسى، وانتهاءً بعدم وفاء الدولة بتعاقداتها، بسبب تغير الحكومات والأنظمة.
هذه المعوقات لا تقابل رجل أعمال بعينه، بل تقابل كل من يرغب فى الدخول إلى السوق المصرية متفائلاً بالوعود الحكومية بتحسين مناخ الاستثمار، لكن ما إن يدخل المستثمر السوق حتى يجد فى نفسه الرغبة فى العودة من حيث أتى، فلا مشاكل تُحلُّ، ولا وعود تُنفَّذ، فضلاً عن أن الحكومة تتخذ القرارات التى تخص المستثمرين وتخص مستقبلهم بشكل عشوائى، وأحياناً متخبط، ودائماً منفرد، ودون حتى أدنى حوار مع المستثمرين.
وإذا كان الرئيس طوال الوقت يتحدث عن أهمية الاستثمار للنهوض بمصر، ويدعو فى كل جولاته الخارجية المستثمرين الأجانب للاستثمار فى مصر، فإن هذه الخطوة يجب أن تتبعها خطوات أخرى من قبل الدولة، ومن قبل الوزراء، فسياسة الأيدى المرتعشة، والخوف من توقيع أى قرار، وترك القضايا عالقة دون أى حل، كل هذه لا تؤدى إلا إلى طريق واحد، هو طرد الاستثمار والمستثمرين.
يُعوِّل الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل خطاباته على الاستثمار فى التنمية، وإعادة بناء البلد، لكن ماذا قدمت القوانين المصرية والمسؤولون التنفيذيون للمساعدة على استقدام المستثمرين؟ حتى الآن لا شىء.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع