بقلم : عماد خليل | الثلاثاء ٢٣ فبراير ٢٠١٦ -
٣٣:
١١ ص +02:00 EET
عماد خليل
وأنا أكتب هذا المقال تذكرت المثل الشعبى القائل «في الهم مدعيين وفى الفرح منسيين» وهو ما ينطبق على المصريين في الخارج. فوفقا لاحصائيات شبه رسمية يعيش أكثر من 8 مليون مصرى بالخارج، دفعتهم ظروف مختلفة للغربة والقاسم المشترك لتلك الظروف هي لقمة العيش.
لا يستطيع أحد ان يشكك في وطنية المصريين في الخارج، وهم لا يقلون وطنية عن أحد، وقد دفعتنى ظروف العمل لزيارة بعض الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية والتقيت بالمصريين هناك، وتابعت الكثير من مظاهر الوطنية العميقة، منها تلك المظاهر بمدينة نيويورك عام 2014 في أثناء زيارة الرئيس السيسى هناك لالقاء كلمة مصر الأولى له أمام الجميعة العامة للأمم المتحدة وكانت جماعة الإخوان وقتها تقوم بالحشد ضد الرئيس وثورة 30 يونيو، ولكن عدد كبير من المصريين المغتربين كانوا في استقبال الرئيس، وقد التقيت هناك مصريين من ولاية كاليفورنيا، والتى تبعد مسافة كبيرة عن نيويورك، بل وقد حضر مصريون من كندا، خصيصاً لمؤازة الرئيس، وبالفعل نطموا وقفة كانت الأكبر للترحيب بالرئيس. في هذا التوقيت تحديداً وفى ظل كل الجهود المبذولة من المصريين، الذين غابوا عن عملهم وتكبدوا مشقة السفر وكان عدد كبير منهم من أقباط المهجر، قامت الشرطة المصرية بالهجوم على أقباط قرية جبل الطير في المنيا بشكل وحشى والاعتداء على الأهالى وهو ما خلق غصة في حلوقهم ولكنى سمعت من المصريين الأقباط أنهم بالرغم من كل شى جاؤوا لمساندة رئيسهم، وهذا هو حال التعامل من جانب الدولة مع المصريين في الخارج، إهمال من البعثات الدبلوماسية في المشاكل الخارجية، وصمت في بعض الأحيان عن ما يتعرض له المصريين من مضايقات، ومناخ طارد لهم.
ذكر لى صديق يعيش في نيويورك ويملك شركة خدمات فندقية، ويصر على إستيراد الملايات والفوط من شركة المحلة الكبرى والعامرية للغزل والنسيج، وكانت النتيجة أن الشركات غير جادة في التعامل ودائماً ما كان المنتج به عيوب، ورغم إصراره على دعم مصر إلا انه في سبيل استمرار شركته لجأ للاستيراد من الهند، وقد تم حل مشكلته في ساعات، عبر الهند وليس عبر بلده.. سالته مرة هل التقيت أحد المسئولين لعرض مشاكلك، فقال لى إنه التقى وزير الاستثمار الحالى ولكنه بدلاً من الاستماع لشكواه كان يلعب على هاتفه المحمول.
المشاكل والإزمات التي يعانى منها المصريين في الخارج كثيرة ومتعددة منها كما قال لى صديق وزميل صحفى في الإمارات إن مصر الدولة الوحيدة التي لا تنقل موتاها على حساب الدولة، وللإمانة يجب أن أذكر أن وزيرة الهجرة الجديدة، السفيرة نبيلة مكرم، تقوم بدور بارز في حدود إمكانيات الوزارة في التواصل مع الجاليات المصرية في الخارج، وحدث ذلك في السعودية والأمارات والأردن بالاضافة لقيامها، عبر وزاراتها، بنقل جثامين مصريين توفوا في الخارج وحل بعض مشكلات العمل للمصريين في السعودية، ولخص صديق لى في الولايات المتحدة شعور المصريين هناك حين قال إنهم «دون ظهر يحميهم في الغربة»، وتابع قوله: «شوف إيطاليا عملت أيه علشان واحد مات منها في مصر، بالاضافة إلى ما يعانيه المصريون في الخليج من سطوة نظام الكفيل الذي يكبلهم حريتهم وينتقص من حقوقهم».
كل الخواطر والذكريات السابقة دارت في ذهني وأنا أتأمل أزمة الدولار الحالية وارتفاعه وتأثيره بشكل مباشر على المصريين في الداخل مما جعلنى، مع بعض الأصدقاء، نُطلق حملة لدعوة المصريين في الخارج لتحويل مبلغ، وليكن 500 دولار للبنوك المصرية، وكنت في البداية متخوف من ردود الأفعال خاصة أنى اعلم إهمال الدولة لهم وعدم مشاركتهم في الحياة السياسية برفض ترشيحهم للبرلمان (تم إختيار ممثلى المصريين في الخارج ممن ليس لهم تواجد أو قبول أو دور معروف)، ولكنى فؤجئت مرة أخرى بوطنيتهم التي لا ترجو مقابلاً، حيث رحبوا كثيراً بالأمر وأبدا استعدادهم للمشاركة بأى شكل وهنا أتذكر قول الشاعر «بلادي وإن جارت على عزيزة، وأهلي وإن ضنوا على كرام».. أثق في المصريين في الخارج، وأتمنى ألا تتعامل معهم الدولة بنظرية «البقرة الحلوب».
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع